“الظروف غير الملائمة” بأقسام الهواة تُكبِّل أقدام مواهب المستقبل

عدد من متتبعي الشأن الرياضي بالمغرب، يلقبون قسم الهواة “بمقبرة اللاعبين”، بالنظر إلى الظروف الصعبة التي يعيشونها في ملاعب بعيدة عن أضواء الصحافة، وذات أرضيات قد تظهر مدى صعوبة تسلق سلم التألق الذي يواجه أغلب لاعبي كرة قدم في بداياتهم.
جودة الملاعب ليست لوحدها العامل المعيق لمهمة اللعب بهذا القسم، بل هناك ظروف أخرى لا يعرفها سوى لاعبو ومدربو الفرق الممارسة به.
وفي هذا الصدد، أكد وليد البلابل، لاعب فريق النصر الرياضي الفاسي، أنه يصعب اتخاد اللعب بأحد النوادي الممارسة بقسم الهواة كمصدر رزق وحيد للاعب، خاصة بالدرجات المتأخرة منه والتي لا تمنح العصبة بها أو إدارات الأندية منحا مادية للاعبين، مما يدفعهم إلى البحث عن فرص عمل أخرى غالبا ما تغيبهم عن الحصص التدريبية للفريق وبالتالي تأثير ذلك على مشاركاتهم في المباريات.
وأوضح وليد لبلابل، لاعب النادي الممارس بالبطولة الجهوية للقسم الشرفي الممتاز، “تدني جودة الملاعب؛ ليس تلك المتواجدة بنواحي المدن الكبرى فقط، بل حتى التي تتوجد بها والتي غالبا ما تكون رملية أو ترابية وتعرقل تحرك اللاعبين على أرضيتها، إلى جانب الرفع من احتمالية تعرضهم للإصابات وعدم ظهورهم بأداء مثالي”.
كما اشتكى جناح الفريق الفاسي في تصريح لجريدة “مدار21″، من سلوكيات بعض جماهير الفرق، لإقدامها على شتم لاعبي النادي المنافس ورشقهم بالحجارة، إضافة إلى غياب أبسط اللوازم الطبية عما يفوق 90 بالمئة من فرق هذا القسم، موضحا “عند إصابة أحد اللاعبين يستعين أفراد الطاقم التقني بالثلج كوسيلة لتخفيف الآلام ليتكلف اللاعب المصاب بمصاريف علاجه بعد ذلك”.
وبخصوص مستوى التحكيم في الدرجات المتأخرة من قسم الهواة، تأسف لاعب النصر الرياضي الفاسي لخضوع نسبة كبيرة من الحكام لتهديدات الجماهير بعبارات من قبيل “ها نتا خارج آحكم”، مما يدفعهم إلى التأثير على قراراتهم ويؤثر سلبا على مجريات ونتيجة اللقاء، مستشهدا بما حدث مع فريقه في أحد مباريات الموسم الماضي، حينما هددت جماهير أصحاب الأرض الحكم بألفاظ “خادشة” قبل أن يحتسب لصالحهم ضربتي جزاء لم تكن عادلة البتة، وفق تعبيره.
ويرى لبلابل أن التحكيم في أقسام الهواة بعيد كل البعد عن نظيره بباقي الدوريات العالمية، فبمجرد وضع أحد اللاعبين يده على خصمه يسارع الحكم لاحتساب خطأ ضده، مرجعا سبب ارتكابهم لهذه الأخطاء إلى كونهم “مجرد حكام هاويين وما زالوا يكتسبون التجربة”.
وأقر اللاعب ذاته بوجود مدربين يساعدون اللاعبين على الجانب النفسي، ففي حالة تقديمهم لمستويات جيدة بالمباريات ينوهون بمجهوداتهم، مضيفا أن “تلقي اللاعب لعبارات التنويه والإشادة من قبل مدربه وزملائه ينسيه مشاكله الشخصية ويدفعه للتركيز أكثر مع فريقه”.
ومن جانبه، اعتبر الطاهر حسني، مدرب فريق النصر الرياضي الفاسي، أن قسم الهواة ركيزة أساسية ومنتج للاعبي كرة القدم، غير أنه ما زال يتخبط في مشاكل عديدة أبرزها الشق المالي والتحكيم الذي يشكل النقطة السوداء، خصوصا في ظل غياب تام للنقل التلفزي، مبرزا أن مستوى دوري الهواة عرف تطورات عديدة من الناحية التقنية والبنية التحتية.
وأوضح الطاهر حسني في تصريح لجريدة “مدار21″، أن الجانب المادي والوعود الكاذبة للمسيرين والعقود الوهمية يعدان من أبرز المشاكل التي يتعرض لها المدرب بهذا القسم.
كما أكد اللاعب السابق لفريق المغرب الرياضي الفاسي، أن أقسام الهواة تتخبط في مشاكل كثيرة من بينها الملاعب والتنقل والموارد المالية “ما يؤثر غالبا على ظروف الممارسة وخلط الرياضة بالسياسة”.
ولفت حسني إلى عدم منح الجهات الوصية على كرة القدم بالمغرب الأولوية والأهمية الكافية لأقسام الهواة، إذ تبقي أعينها، حسبه، متجهة نحو المنتخبات الوطنية واللاعبين المحترفين في الخارج.
وراغم ذلك، أقر الطاهر حسني أن المستويين التقني والبدني بأقسام الهواة يتطور سنة بعد سنة، نظرا لوجود مدربين مارسوا اللعبة في أعلى مستوى وحصلوا كذلك على شواهد تدريب عالية.