بورتريه

خديجة الرياضي.. “امرأة حديدية” حوّلها “التمرد” لرمز الدفاع عن حقوق الإنسان

خديجة الرياضي.. “امرأة حديدية” حوّلها “التمرد” لرمز الدفاع عن حقوق الإنسان

يلمع اسم خديجة الرياضي كإحدى الناشطات اليساريات بالمغرب، اللواتي عُرفن بنضالهن لأزيد من أربعة عقود من أجل قضايا حقوقية وإنسانية، احتلت فيها المرأة حيزا واسعا، ورغم الصعوبات التي واجهتها، والتحديات التي كادت أن تودي بعزيمتها، إلا أنها تبقى المرأة الوحيدة التي بلغت هذه المكانة، بأن تكون أول مغربية تحصل على جائزة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان.

نضال مبكر

في مدينة إيغرم في إقليم تارودانت، أعرق المدن المغربية، ولدت خديجة الرياضي يوم 27 شتنبر 1960 بأسرة أمازيغية. قررت الانتقال إلى مدينة الرباط وهي في سن مبكر، هذا الانتقال تعتبره الرياضي إحدى محطات زيادة الوعي لديها، إذ كانت تتساءل في كل مرة عن سبب التمييز الحاصل بين أولاد وبنات عمّها من جانب التعليم، فحرمان البنات بسبب غياب المدارس في المنطقة التي جاءت منها، وقدرة الأولاد على الانتقال إلى مدينة الرباط لتحصيل تعليمهم، كانت بداية تشكل حسّ “التمرد” لديها، وإيمانها بضرورة تغيير الوضع المُجحف بحقهن.

ورثت خديجة الرياضي عن والدها الاهتمام بالسياسة وحس النضال، إذ تعتبره قدوَتها الأولى، بحكم التصاقه بالحركة الوطنية، العامل الذي جعلها تتفتح على رصين النضال والحياة الحقوقية والسياسية.

التحقت بالمعهد الوطني للإحصاء والاقتصاد التطبيقي، بعدها حصلت على “ماستر” في مجال الإحصاء الرقمي بالدار البيضاء، لكن ما أثرى مسيرتها النضالية كان ولوجها كلية العلوم بالرباط لمدة سنة، عَرفت من خلالها كوكبة من المناضلين داخل صفوف الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، إذ كانت سنة مليئة بالندوات واللقاءات التي جعلتها تتعرف على مختلف رهانات الصراع الدائر آنذاك.

إرادة قوية

لم تكن الطريق أمامها معبّدة بالورود، بل واجهتها مطبّات عدة، جعلتها تقدم الكثير من التضحيات من جهة، والإصرار من جهة أخرى.

فالمجتمع المغربي رغم انفتاحه الظاهري، إلا أنه واقعا كانت تحكمه بعض المفاهيم “الرِّجعية” تطلبت منها الكثير من العناء لتفرض نفسها كامرأة داخل العمل السياسي والنقابي، وهو رهان ليس بالهيّن، خاصة مع تلقيها الكثير من الانتقادات والتجريح أحيانا، والتشكيك بقدراتها كرئيسة للجمعية العامة لحقوق الإنسان، فحوّلت كل هذه النظرات المنتقصة من قيمتها إلى دافع قوي لإصرارها على بلوغ قمم النجاح بهمة عالية.

وفي خضم ثورات الربيع العربي التي انطلقت بداية عام 2011، كانت خديجة الرياضي من بين أكثر المساندين لحركة 20 فبراير، والداعمين للتحركات الشبابية والطلابية ضمن جمعيتها، ونتيجة لهذا الموقف كانت عرضة للتشهير والادعاءات الكاذبة كونها امرأة بالدرجة الأولى.

جائزة مستحقة

أسست خديجة الرياضي أول نقابة وطنية بالموازاة مع عملها ضمن المديرية العامة للضرائب بوزارة المالية كمهندسة، وإلى جانب مسيرتها المهنية، بدأت تنجذب إلى الاهتمام بالشأن العام، خاصة بعد وفاة المناضلة سعيدة المنبهي، الحدث الذي سيؤثر على حياتها ونظرتها لواقع الحال السياسي بالمغرب.

في سنة 1998 انضمت إلى الجمعية العامة لحقوق الإنسان، لتتفرغ للدفاع عن الحقوق السياسية والاجتماعية للمرأة، ولجميع مكونات المجتمع، وبدأ نشاطها برفض الانتهاكات التي يتعرض لها كُتَّاب الرأي، وعملت على أن يكون دورها في الجمعية عاملا قويا لتحسين الوضع الحقوقي داخل المغرب، وتحقيق مساحة أكبر في مجال الحريات العامة والخاصة.

توجت سنة 2013 بجائزة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، تكريما لها على مجمل جهودها في هذا المجال، لتكون بذلك أول امرأة مغربية تنال هذا التكريم، والتي أهدته لمعتقلي حراك الريف، ولحركة 20 فبراير.

وفي 11 مايو من نفس العام انتهت مسيرة ” خديجة الرياضي” في رئاسة الجمعية العامة لحقوق الإنسان، لكن مسيرتها النضالية بالدفاع عن حقوق الإنسان لم تبلغ نهايتها بعد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News