فن

الأعمال التاريخية المغربية تحجز مقاعدها في السينما والتلفزيون

الأعمال التاريخية المغربية تحجز مقاعدها في السينما والتلفزيون

خصصت كل من القناتين الأولى والثانية حيزا لعرض الأعمال التي تؤرخ لفترة مهمة من تاريخ المغرب، وتعرف بالشخصيات الوطنية التي بصمت تاريخ المملكة.

ورغم أن الدراما تحجز مواعيد عديدة في التلفزيون المغربي، نظرا لإقبال الجمهور عليها، إلا أن القناتين الأولى والثانية ملزمتين ببرمجة بعض الأعمال التاريخية تنفيذا لما يرد في دفتر التحملات.

وتحظى الأعمال التاريخية أيضا باهتمام فئة عريضة من الجمهور التي تهتم بمتابعة الأحداث المهمة التي ميزت المملكة عبر شاشة التلفزيون.

وتنفيذا لما جاء في دفتر تحملاتها، خصصت القناة الأولى مساحة في موسم أعمالها الجديد لمسلسلات تاريخية، أصبحت جاهزة للبرمجة، بعدما انتهى صناعها من تصوير أحداثها، ضمنها سلسلة “حرير الصابرة” التي تنبش في تاريخ مهنة عريقة تتعلق بصناعة الحرير.

وتجري أحداث السلسلة التاريخية المكونة من أربع حلقات، بمدينة فاس خلال فترة ازدهارها الاقتصادي والعمراني والعلمي في القرن الرابع عشر، أيام حكم السلطان فارس أبو عنان المريني 1357 م.

وتحكي السلسلة قصة أسرة المعلم بن براهيم الممتهنة صناعة الحرير، والتي هاجرت من الأندلس لتستقر بـ”جْنَان” رحب آوت فيه فتيات يتيمات ليتعلمن حرفة تربية دود القز وغزل الحرير وصنع السفائف والقفاطن.

وتواجه أسرة بن براهيم منافسة شديدة من طرف أحد صناع الحرير من أجل الظفر بتزويد بلاط السلطان، ما يترتب عنه أحداث مأساوية.

وتتخلل السلسلة أيضا قصة حب رئيسة بين مريم بطلة السلسلة، وهي إحدى الفتيات اليتيمات المقيمات في الجنان، ويوسف الذي لم ينتبه لما تكنه له من مودة، لكنها صبرت وثابرت وساعدته في محنته إلى أن تمّ الوصال.

ويظهر أن مسلسل “فتح الأندلس” سيستمر في عرض موسم جديد بعد الجدل الكبير الذي رافق جزءه الأول الذي بثته القناة الأولى، ودعوات عديدة لمقاطعته ووقف بثه من قبل بعض النشطاء والنقاد المغاربة، معللين ذلك بإقدام صناعه على “تحريف تاريخ المملكة المغربية وتمرير المغالطات”، قبل أن تنتصر له الهيئة العليا للسمعي البصري وترفض منعه.

ولم لم يتأكد بعد، برمجة هذا الموسم على القناة الأولى، لكن بطله هشام بهلول كشف في تصريح سابق لجريدة “مدار21” أن يشرع في تصوير الجزء الثاني من مسلسل “فتح الأندلس” بعنوان “ازدهار الأندلس” تحت إشراف المخرج محمد العنزي.

ومسلسل “فتح الأندلس” يحكي قصة القائد الإسلامي طارق بن زياد خلال رحلة الفتح الإسلامي للأندلس أثناء ولاية موسى بن نصير في عهد الدولة الأموية، مستعرضًا الصعوبات والمعوقات التي واجهها لتحقيق هذا الفتح في فترة التحضير لعبور البحر من أجل فتح الأندلس، وذلك خلال  فترة 709م وحتى 715م.

وفي القناة الثانية، وافقت القناة على مشروع فيلم تاريخي يحمل عنوان “دمليج زهيرو”، الذي يُشرف المخرج حسن بنجلون على صناعته، وينقل من خلاله جانبا من فن الملحون ومواضيع تقارب حياة الإنسان بين اليوم وأمس.

وقصة هذا الفليم مستوحاة من قصيدة “دمليج زهيرو” الشهيرة، مع إحداث بعض التغييرات عليها، قهي تتطرق إلى فن الملحون بصفة عامة، إلى جانب عدة مواضيع مرتبطة بقصة “دمليج زهيرو”.

ويُصور الفيلم “طريقة العيش في هذا العهد بدون هواتف نقالة وأدوات التكنولوجيا الحديثة، وفي الوقت ذاته ينقل الجوانب السيئة لهذا العصر في فترة ماضية، وأسلوب حياة الإنسان المعاصر بدون أدوات حديثة”، وفق ما توصلت به الجريدة.

ويُقرب هذا الفيلم الجمهور تفاصيل من تفاصيل الملحون، الذي قد يجهله الجيل الجديد، سيما أنه أصبح مسجلا في اليونيسكو بشكل رسمي، ويدخل في تراث المملكة.

وكانت القناة الأولى عرضت مسلسل “الرحاليات”، الذي يعيد المشاهد إلى حقبة مهمة من تاريخ المغرب، حيث دارت أحداثه خلال فترة الحماية الفرنسية قبيل استقلال المغرب، حول الرحل الذين يبحثون عن الماء والكلأ قرب الأنهار.

واختار أحمد بوعروة سيناريست العمل، التطرق في هذا المسلسل إلى قصة “خيطانة” التي أحّبت غريبا عن عشيرتها الرافضة لذلك، وأصرت على الزواج منه، دون علمها بأن ذلك الغريب يكون ابن قائد القبيلة التي استقر الرحل على جنباتها ويحكمها بقبضة من حديد.

ويقدم المسلسل، حكاية من التاريخ المغربي برؤية فنية، من خلال عرض مواضيع مستنبطة من الموروث الثقافي المغربي، مسلطا الضوء على حياة المغاربة حينها بشكل عام، وطريقة عيش المرأة المغربية بشكل خاص، إضافة إلى رصد القيمة التي كانت تتمتع بها هذه الأخيرة آنذاك.

وبُبرز المسلسل غنى الثقافة المغربية، وجمالية الأزياء التقليدية الأصيلة، مثل “القفطان التقليدي” و”التكشيطة الأصيلة”، و”البدعية” و”الدفينة” و”الشدة”، وغيرها.

وعرضت القناة الثانية مسلسل “عين الكبريت” الذي يدخل في خانة الأعمال التاريخية، ويسلط الضوء على حقبة زمنية مهمة في تاريخ المغرب.

ويدور المسلسل حول شخصية يعقوب الأشقر البهلولي، في أثناء اكتشاف “عين الكبريت”، المعروفة حاليا بـ”مولاي يعقوب”، حيث تجري أحداثه في حقبة المرينيين، بمدينة فاس.

وبثت القناة الثانية أيضا مسلسل “أسرار الليل” الذي يتكون من 4 حلقات، الذي يدور حول حول “السي الطيبي” أحد أعيان بلاد السبيب، الذي يرغب في الانفراد بالتعامل مع شريكه في التجارة (عبد السلام) لتتطور الأحداث إلى وفاة هذا الأخير.

وفي السينما، يُعرض حاليا في القاعات السينمائية المغربية فيلم “55 خمسة وخمسين” للمخرج عبد الحي العراقي، الذي يحكي عن مرحلة مهمة من تاريخ المغرب، من خلال تسليط الضوء على مستويات عدة؛ من بينها الوضع الاجتماعي الذي يتجلى في العادات والتقاليد، واللباس والعلاقات الاجتماعية بالإضافة إلى التلاحم الأسري، وعلاقة الزوج بالزوجة، وكذا إلى الوضع الاقتصادي.

ويحتفي هذا العمل بسنوات الخمسينات، وبالضبط الفترة التي تم فيها نفي الملك الراحل محمد الخامس إلى مدغشقر، حيث تنقل مجيدة في قلبه وضع المرأة في تلك الفترة، من خلال شخصية “لالة فاطمة”، زوجة “مولاي جعفر”، وهي أسرة تنتمي إلى أعيان المدينة، وتترجم الحس الوطني للأسر المغربية، وعلاقتها بالمغرب وملكه وقوة التلاحم بينهما.

ويترجم هذا الفيلم الظروف القاسية التي عاشها المغاربة في فترة نفي الملك الراحل محمد الخامس ورجوعه، وفي الوقت نفسه يركز على أحاسيس المواطنين وتطلعاتهم في التحرر من المستعمر، تأكيدا على إيمان المغاربة بعلاقتهم بملك البلاد، وتشبثهم باستقلالهم.

وسيكون الجمهور على موعد أيضا مع عرض فيلم “أنوال” بالقاعات السينمائية، الذي يتطرق إلى مرحلة تاريخية مهمة تمتد من 1907 إلى غاية 1921، أي تاريخ معركة “أنوال”، التي تعد ملحمة وطنية قادها عبد الكريم الخطابي، وقبائل الريف ضد الاستعمار الإسباني، من خلال مقاومة الدخلاء على الوطن، حيث لم توقفهم الهجمات المرتدة بالكيماوي.

وحينما يتعلق الأمر بالتاريخ، يشتد الجدل والنقاش حوله، سيما أن البعض يرى أن هاته الأعمال لا تنقل التاريخ بأمانة، وفيلم “أنوال” لم يسلم من الانتقادات، إذ هذه المرة هاجم نشطاء مخرج العمل لعدم اختياره ممثلين من الريف يتقنون اللهجة الريفية، مما جعل كل من الممثل محمد الشوبي، الذي يجسد دور الرايس مسعود زعيم قبيلة بقيوة، والممثل ربيع القاطي الذي يتقمص شخصية عبد الكريم الخطابي، محط هجوم.

وكان وزير الشباب والثقافة والتواصل محمد المهدي بنسعيد، أكد في جوابه على سؤال كتابي حول “تشجيع الإنتاجات السينمائية والتلفزية الوطنية”، تقدم به الفريق الحركي، أن الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، تولي اهتماما كبيرا بتاريخ المغرب وشخصياته والتعريف بها في شتى المجالات والتخصصات، تنفيذا لما جاء في دفتر تحملاتها، في إطار تشجيع الإنتاجات السينمائية والتلفزية الوطنية خاصة التي تؤرخ لفترة مهمة من تاريخ المغرب، والشخصيات الوطنية التي بصمت تاريخ المملكة.

وانتهى المخرج ربيع الجواهري، من تصوير فيلم تاريخي يحمل عنوان “ثريا”، ويحكي قصة الشهيدة ثريا الشاوي، أول ربانة طائرة في العالم العربي والإسلامي والإفريقي.

وأكد بنسعيد أن شبكة برامج قنوات الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة غنية ومتنوعة، حيث تبث مجموعة من البرامج الوثائقية والأعمال الدرامية حول تاريخ المغرب ورجالاته، مستحضرا منها “رحلة الخط المغربي”، و”وقائع ومواقع شمس الحضارة أمودو”، “أملاي”، “الموكار عبق التراث”، “ألف مرحبا”، و”أرض البركة والغالية بلادي”، مسلسل “دار الضمانة”، ومسلسل “السيدة الحرة”، إلى جانب برامج أخرى تعرف بالشخصيات البارزة في تاريخ المغرب، ضمنها “الشاهد الرواد”، و”عبقريات مغربية”، و”شاهد من ذاكرة التاريخ”، و”ماهدون”.

وبخصوص الأعمال السينمائية، أكد الوزير أنه “سجل تنوعا في اختيار الأعمال من طرف لجنة اقتناء البرامج، حيث تحرص الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة على اختيار أعمال سينمائية تتطرق لمواضيع مرتبطة بالتاريخ المغربي وشخصياته، منها ما تم بثه وأخرى في طور الإنجاز والبرمجة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News