مجتمع

السلطات الأمنية تكثف جهودها للتصدي لمحاولات الهجرة غير النظامية

السلطات الأمنية تكثف جهودها للتصدي لمحاولات الهجرة غير النظامية

مع نهاية السنة، تتضاعف محاولات الهجرة السرية وركوب قوارب الموت، بينما تكثف السلطات الأمنية جهود المراقبة على السواحل بشكل كبير للتصدي لمشاكل الهجرة التي تتزامن وموعد الاحتفال برأس السنة الميلادية في العديد من مدن المملكة.

وتمكنت عناصر البحرية الملكية الأيام القليلة الماضية بكلميم بتنسيق مع عناصر الدرك والقوات المساعدة من إحباط ثلاث محاولات للهجرة غير النظامية و توقيف عدد من “الحراكة” بعرض البحر.

وهمّت العمليات الثلاث، التي أتت في توقيت متقارب، ثلاث مناطق بجنوب المملكة، بالضبط في الشريط الساحلي لمدينة كلميم، حيث تم توقيف أكثر من 80 شخص من جنسيات دول إفريقية جنوب الصحراء.

وخلال متم هذه السنة، كشفت المديرية العامة للأمن الوطني في بلاغ لها عن تمكن مصالح الأمن خلال سنة 2023 من إجهاض محاولة هجرة 28 ألفا و863 مرشحا للهجرة غير النظامية، من بينهم 18 ألفا و820 شخصا من جنسيات أجنبية مختلفة، كما تم تفكيك 121 شبكة إجرامية وتوقيف 594 منظما ووسيطا للهجرة.

وبلغت وثائق السفر وسندات الهوية المزورة المحجوزة في إطار هذا النوع من القضايا، وفق أرقام المديرية العامة للأمن الوطني، 707 وثائق، فضلا عن حجز 215 قاربا و31 ناقلة استخدمت في تنظيم عمليات الهجرة.

الضغط على الحدود

خالد مونة، أستاذ باحث في أنثروبولوجيا الهجرة بجامعة مولاي إسماعيل بمكناس، أوضح أن ارتفاع الضغط على مستوى الهجرة غير النظامية هذه الأيام مرتبط بالأساس بطبيعة المرحلة التي تتميز بها احتفالات آخر السنة، والتركيز الأمني على ما هو داخلي مرتبط بتأمين الاحتفالات، مضيفا أن استغلال قلة التركيز في هذه الفترة بالضبط يزداد معه الضغط على الحدود.

وتعليقا على هذه الأرقام والمعطيات الرسمية المعلنة عند متم عام 2023، قال المختص بقضايا الهجرة في تصريح لجريدة “مدار21” الإلكترونية “ليس هناك أية كفاءات في التصدي للهجرة”، مضيفا “المقاربة الأمنية لم تكن ولن تكون حلا للحد من الهجرة، ولايمكن اختزال الهجرة في أرقام تحيل على عدد المحاولات التي تم إحباطها”، متسائلا بشأن  عدد ضحايا عمليات الإحباط.

هجرة الكفاءات

لفت الأكاديمي إلى أن إشكالية  هجرة الكفاءات ترتبط خصوصا في المغرب بالمهن التقنية، والتي تعيش تحت ضغط نقص العمال بسبب هذه الهجرة، مشيرا إلى مغادرة ما يناهز 30 في المئة من  الأطر المكونة في المغرب والتي يبلغ عددها 8000 إطار سنويا.

ولفت المتحدث نفسه، إلى مغادرة أكثر من 600 مهندس دولة البلاد للبحث عن آفاق جديدة للعمل، موضحا أن هذه الهجرة مرتبطة بالأساس بالبحث عن تجارب مهنية جديدة يمكن أن تكون مقرونة بهجرة العودة في بعض الأحيان حسب رأيه.

وأشار الباحث في قضايا الهجرة إلى أن طبيعة هجرة الكفاءات مرتبطة بطبيعة النظام الاقتصادي المعولم، بحيث “لم تصبح الكفاءات مرتبطة بالجنسية بل بما تقدم لها من امتيازات وظروف عمل ملائمة”.

وخلص إلى أن المناخ  يمارس أيضا ضغوطات مختلفة على البيئة وعلى وسائل العيش المختلفة، بما في ذلك الوصول إلى مياه الشرب والموارد الغذائية، مضيفا أن هذا التغير يشكل مصدرا رئيسيا للهجرة .

اقتصاد الهجرة

وباتت العديد من التحديات ترخي بظلالها على اقتصاد المغرب، وتشكل الهجرة واحدة من هذه التحديات.

حمزة أعناو، دكتور في الإقتصاد و علوم التدبير، أوضح أن الاقتصاد المغربي يتأثر بشكل مباشر بالهجرة نحو أوروبا بشكلها غير النظامي،  وذلك بسبب فقدان المهارات والكفاءات التي يحملها مجموعة من الأفراد نتيجة عدم الحصول على التأشيرات المناسبة، إضافة إلى عدم ملاءمة سبل العيش.

وأضاف في تصريح لجريدة “مدار21” الإلكترونية، أن المهاجرين غير النظاميين  يواجهون العديد من الصعوبات والتحديات الاقتصادية بالبلدان المستضيفة، مما يؤثر سلبا على الاقتصاد المغربي، و يؤثر أيضا على تحويلات العملة الصعبة والسلع والخدمات التي يقدمونها لذويهم ببلدهم الأم  بالخصوص.

ولفت الاقتصادي إلى أن المغرب اليوم يعتبر بلد عبور للمهاجريين الذين يرغبون بالهجرة نحو أوروبا، مشيرا إلى أن البلد يتحمل تكاليف اجتماعية تؤثر على اقتصاده، ناهيك عن التكاليف المالية الأخرى  المتعلقة بإدارة الحدود ومكافحة الهجرة غير النظامية، حيث ينفق المغرب موارد مالية تؤثر سلبا على الموارد المتاحة لمشاريع اقتصادية أخرى حسب نفس المصدر.

وعزى المتحدث نفسه أسباب الهجرة، إلى الإغراءات التي تقدمها بلدان الاستقبال، من بينها  كندا، والتي تشهد طلبات متزايدة على الحرفيين، مضيفا “حسن استقبال هذه البلدان الطلبة الذين يهاجرون من أجل الدراسة، بحيث توفر لهم الفرص المناسبة للشغل من أجل حياة أفضل”.

جهود المغرب بالأرقام

ترتكز حكامة الهجرة في المغرب على مقاربة شاملة ومتعدد الأبعاد تهدف، من خلال تأكيدها على احترام حقوق المهاجر وكرامته، إلى أن تكون فعالة واستباقية في مكافحة شبكات المافيا والاتجار بالبشر.

ومنذ السنوات الماضية والمغرب يعمل على الإطاحة بشبكات الهجرة السرية، حيث أبانت المعطيات  بالأرقام عن الجهود الجبارة التي تبذلها المملكة في مجال مكافحة الهجرة غير الشرعية، فخلال السنوات الخمس الأخيرة، قامت المصالح أمنية بتفكيك 1300 شبكة.

ففي سنة 2017 حسب إحصائيات المديرية العامة للأمن الوطني، تم إجهاض أزيد من 360 ألف محاولة للهجرة غير الشرعية، أما في سنة 2018 استفاد أزيد من 8100 مواطن إفريقي من عمليات العودة الطوعية التي تنظمها وتمولها وزارة الداخلية سواء عن طريق البر أو الجو، بالإضافة إلى إعادة 2400 شخص سنة 2021 وأزيد من 1100 شخص سنة 2020 وذلك في إطار برنامج العودة الطوعية.

وفي سنة 2021، أنقدت البحرية الملكية المغربية ما يقرب من 15 ألف شخص في البحر، وأوقفت 415 منظما للهجرة السرية. بينما  أوقفت في سنة 2022، 2384 شخصا. إضافة إلى توقيف 32 ألف و733 مرشحا للهجرة غير الشرعية، من بينهم 28 ألف و146 من جنسيات أجنبية مختلفة.

وحسب ما جاء في الحصيلة السنوية للمديرية العامة للأمن الوطني بخصوص قضايا الهجرة غير الشرعية لسنة 2023، فإن العناصر الأمنية أجهضت محاولة هجرة 28 ألف و863 مرشحا للهجرة غير النظامية، من بينهم 18 ألف و820 شخصا من جنسيات أجنبية مختلفة، كما تم تفكيك 121 شبكة إجرامية وتوقيف 594 منظما ووسيطا للهجرة.

هذا، وتواصل المديرية العامة للأمن الوطني خلال السنة الجارية تنفيذ بنود الاستراتيجية الأمنية لمكافحة الجريمة برسم الفترة الممتدة ما بين 2022 و2026، والتي راهنت فيها على تقوية بنيات مكافحة الجريمة، وتطوير مختبرات الشرطة العلمية والتقنية، وتعزيز الاستخدام الممنهج لآليات الاستعلام الجنائي والدعم التقني في مختلف الأبحاث الجنائية، وترسيخ البعد الحقوقي في الوظيفة الشرطية، خصوصا في إجراءات الحراسة النظرية وتدبير المراقبة في أماكن الإيداع، فضلا عن تعزيز التنسيق والتعاون مع مصالح المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني في مختلف القضايا بالغة التعقيد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News