فن

“عصابات” ينقل خبايا ليالي الدار البيضاء إلى شاشة مهرجان مراكش بعد مروره في “كان”

“عصابات” ينقل خبايا ليالي الدار البيضاء إلى شاشة مهرجان مراكش بعد مروره في “كان”

دخل فيلم “عصابات” للمخرج كمال لزرق، اليوم الأحد، غمار المنافسة بالمسابقة الرسمية بالمهرجان الدولي للفيلم بمراكش، على أمل تحقيق الانتصار مجددا للسينما المغربية، بعد تألقه على المستوى الدولي.

قصة فيلم “عصابات” تنطلق في ليلة قد تشبه عدة ليالٍ بأحياء مدينة الدار البيضاء المهمشة، حيث يظهر رجل ينحني على كلبه، بعدما فارق الحياة في مباراة لتصارع الكلاب، ونظرة الحسرة تكسر تعابير وجهه، وتذل رجولته.

عتمة ومكان بعيد عن الأنظار، وشخصيات غير عادية تتشابه في مظهرها، وتمثل أفراد عصابات تنتمي إلى طبقات هشة، تستند على قوتها البدنية في المزايدة والدخول في رهانات وصراعات تؤدي حتما إلى ارتكاب جرائم غير متوقعة.

رحيل الكلب سيولد لدى رجل العصابة الذي يلقب بـ “الذيب” الرغبة في الانتقام من قاتل كلبه، إذ سيرسم خطة يستعين فيها بشخص يُدعى حسن، الذي يعمل لحسابه ويسهل مهماته الليلية التي تجري في عتمة الليل وطريق أسود.

حسن لم يكن يعلم أن هذه المهمة الليلة ستكون الأسوأ في حياته وابنه عصام الذي أقحمه في مصيبة لامتناهية، والتي تكمن في خطف قاتل كلب مشغله (الذيب).

الأب والابن سيجدان نفسيهما متورطين في ارتكاب جريمة قتل بالخطأ، إثر اختناق الشخص الذي اختطفاه في السيارة. ليصبح بذلك الخروج من هذه الورطة  أمرا صعبا يزداد تعقيدا كلما تحركت عقارب الساعة، وتقدمت خطوتهما إلى الأمام، حيث تتشعب خيوط جريمتهما كلما اقتربا من النهاية.

وترصد الكاميرا تجول الأب والابن ليلة كاملة بجثة قاتل الكلب، الذي بدوره رجل عصابة، بحثا عن الخلاص دون جدوى. وبين الخوف والارتباك وتأنيب الضمير تتولد سلسلة أحداث تحبس الأنفاس.

الفيلم يبرز مظاهر الحب والتضحية والخوف المتبادل بين الأب والابن، حيث إنهما يسعيان إلى إنقاذ الآخر  بدفع ثمن الدخول في أعمال مشبوهة، كان الهدف منها كسب القليل من المال.

ويبدو في نهاية الفيلم أن الأب والابن قد تخلصا من الحمل الثقيل الذي كان يحملانه على عاتقهما، بالتخلص من الجثة، لكن المخرج لم يفضل غلق باب النهاية في وجه المتفرج، بمشهد عثور كلب على عظم بشري في كومة أزبال.

وفي هذا الصدد، يقول المخرج كمال لزرق في تصريح لجريدة “مدار21” إنه فضل أن يترك النهاية مفتوحة على كل الاحتمالات لكي يفهمها كل مشاهد بطريقته.

وأضاف لزرق أن المشهد الأخير الذي يرصد عثور “الكلب على عظم بشري” يظهر أن خيار تقطيع الجثة وحرقها لم يكن صائبا، مؤكدا أن النهاية تشير إلى أن الأمر لم ينته بعد، ولم تطمس معالم الجريمة.

وأبرز المخرج كمال لزرق أن مشهد الأب والابن في الحمام يعبر عن رواسب هذه الجريمة في نفسيتهما، والتي ستظل عالقة في داخلهما ولن تغادرهما.

ولم يخفِ لزرق تخوفاته من الاعتماد على ممثلين غير محترفين في فيلمه “عصابات”، موضحا: “صحيح أنني اشتغلت مع ممثلين غير محترفين في أفلامي القصيرة، غير أن الفرق يكمن في مدة تصوير الشريط الطويل التي تفوق مدة إنجاز الفيلم القصير، إذ كانت هناك تخوفات بشأن القدرة على مواكبة إيقاع الفيلم، حيث لم نجري أي تدريبات أو نتبع تقنية حفظ النص، بل اعتمدت على بناء الثقة معهم من خلال قضاء الكثير من الوقت برفقتهم”.

وأبرز أن ما يميز الاشتغال مع ممثل غير محترف يكمن في وجود مساحة حرية أكبر دون قيود، ما يمنحك صورة حقيقية، إضافة إلى أنه يمنح مشاهد جديدة غير متوقعة وأكثر واقعية، لاسيما وأنه راكم تجارب عديدة تظهر في الحوارات والتحركات في اللقطات، مشيرا إلى أن “طريقة تسييره تكون مختلفة عن العمل مع ممثل متمكن من أدوات التشخيص.

وقال الممثل عبد البكيري إنه تفاجأ بنتيجة الفيلم التي تعكس رؤية المخرج، الذي وصفه بـ”المتميز في طريقة اشتغاله”، ولاسيما في إدارته للممثلين غير المحترفين.

وأردف المتحدث ذاته لجريدة “مدار21” أن المخرج كمال لزرق تعامل بطريقة مختلفة مع خوف وارتباك البطلين غير المحترفين لمجال التمثيل لصالح الفيلم، حيث إن ذلك خدم المشاهد بطريقة متميزة، وفق تعبيره.

ولفت إلى أنه يتوقع النجاح للفيلم، قائلا: “أعمل لأول مرة مع ممثلين غير محترفين للمجال، لكنها تبقى تجربة مهمة ورائعة في مساري، ومنذ أن بدأنا الاشتغال شعرت أن هذا الفيلم سيكون مختلفا، وسينجح لاختلافه لأنه عادة ما الأشياء المتداولة والمكررة هي التي تفشل ولا تصل إلى الجمهور، حيث من الجيد أن تكون أنت كما أنت”.

بدوره بطل الفيلم أيوب العائد، الذي يشارك لأول مرة في فيلم سينمائي، أعرب عن سعادته بحمله بطولة الفليم ومروره في تظاهرات مهمة، مبرزا أنه لم يتردد في قبول عرض وفكرة المخرج.

وأضاف: “اشتغلنا من قلبنا فوصل العمل إلى قلوب الجمهور، والفيلم يعكس صورة حيقيقة مصغرة من الواقع المعاش في المجتمع المغربي وسط أحياء وأزقة المدينة القديمة”.

وفيلم “عصابات” سبق أن أحدث ضجة سينمائية في العالم بمشاركته في مسابقة قسم “نظرة ما” بمهرجان كان السينمائي، وتمثيله المغرب في حدث مهم، قبل أن يعود إلى البلد الأصل بعرض أول.

وفي هذا الإطار، قال مخرج الفيلم كمال لزرق في تصريح لجريدة “مدار21” إنه يعتز بمشاركة فيلمه “عصابات” في المسابقة الرسمية للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش وعرضه لأول مرة على أنظار الجمهور المغربي، خاصة وأنه سبق له أن عرض السيناريو الخاص به في ورشات الأطلس ضمن فعاليات المهرجان.

وعن المشاركة في مسابقة قسم “نظرة ما” بمهرجان كان السينمائي، أكد لزرق أن قبول فيلمه بهذا الحدث المهم والأبرز الذي يطمح الجميع إلى المشاركة فيه شكل بالنسبة له دهشة وفرحة في الوقت ذاته.

وأضاف لزرق في السياق ذاته: “صورنا هذا الفيلم في شوارع مدينة الدار البيضاء، وواجهنا العديد من المشاكل والصعوبات، وكنت متخوفا من النتيجة، غير أن موافقة الكان عليه شكل رد اعتبار لكل طاقمه،كوني اشتغلت فيه لسنوات قبل الشروع في تصويره لمدة ستة أسابيع  تحت إشراف طاقم تقني مغربي بذل جهدا كبيرا، صور معظم المشاهد ليلا، إلى جانب ممثلين كانوا يعيشون وضعية اجتماعية صعبة ووثقوا بي. تمسكنا بهذا الحلم”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News