سياسة

وهبي ينجح بتمرير “الغرامة اليومية” والبرلمان يُعيد “شراء أيام السجن” لقانون العقوبات البديلة

وهبي ينجح بتمرير “الغرامة اليومية” والبرلمان يُعيد “شراء أيام السجن” لقانون العقوبات البديلة

صادقت لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان قبل قليل، بحضور وزير العدل عبد اللطيف وهبي، بالأغلبية على مقترح تعديل تقدمت به فرق الأغلبية بمجلس النواب يقضي بإضافة عقوبة “الغرامة اليومية” إلى أصناف العقوبات البديلة التي تضمنها المشروع المعول عليه لتقليص اكتظاظ السجون، وحظي التعديل بموافقة 18 نائبا من الأغلبية مقابل معارضة 08 نواب آخرين.

وعبر نواب من المعارضة اليوم الأربعاء، خلال اجتماع لجنة العدل والتشريع، عن رفضهم لمقتضى إضافة “شراء أيام السجن” إلى قانون العقوبات البلديلة مؤكدين أن “الغرامة اليومية” سيستفيد منها فقط الأغنياء وتطرح مشاكل في طريقة تنفيذها مما يستدعي ضبطها وتدقيقها وتقييد سلطة القاضي في تنفيذها وتفادي الإخلال بتطبيقها لمنع شرعنة شراء الحبس من طرف الأغنياء والإفلات من العقاب.

وأوضح وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، خلال البت في تعديلات الفرق والمجموعة النيابية بشأن مشروع قانون العوبات البديلة، أن الوزارة حرصت على إيجاد بدائل أخرى مناسبة للعقوبات الحبسية، خاصة عندما يكون هناك تنازل من طرف الضحية لصالح الشخص المدان، لاسيما أن هناك مقتضيات قانونية تقضي بسقوط الدعوى العمومية في الجرائم التي يحصل التنازل بشأنها، معتبرا أن “إدراج مقتضى الغرامة اليومية ليست قضية معارضة أو أغلبية وليس وراءها أي خلفيات سياسية”.

وردّا على انتقاد نواب المعارضة، أكد وهبي أن القاضي سيكون ملزما باستحضار الظروف الاقتصادية للمتهم، ولا يمكنه أن يستفيد المدان من الغرامة اليومية أكثر من مرة واحدة مع ضرورة حصوله على تنازل المطالب بالحق المدني، حيث تم تطويق إقرار الغرامة اليومية بمجموعة من الشروط التي تحد من اللجوء إليها، مشيرا إلى أنه تم تحديد قيمة هذه الغرامة ما بين 100 و2000 درهم عن كل يوم من العقوبة الحبسية المحكوم بها.

وفي المقابل، رفضت لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان تعديلات تقدمت بها فرق المعارضة تقضي بالحكم بالعقوبات البديلة في المخالفات والجنايات وكذا الجنح التي لا تتجاوز العقوبة المحكوم بها سنتين حبسا نافذا بدل خمس سنوات التي جاءت في الصيغة الأصلية التي جاءات بها الحكومة، كما رفضت اللجنة مقترحا نيابيا يقضي بأنه لا يحكم بالعقوبات البديلة في حالة العود أو أسبقية الاستفادة منها بشأن فعل آخر أو وجود سوابق قضائية تتضمن عقوبة سالبة للحرية.

واقترحت فرق الأغلبية بمجلس النواب إضافة عقوبة “الغرامة اليومية” إلى أصناف العقوبات البديلة تماشيا مع توجهات السياسات الجنائية لبعض الدول التي تعتمد هذا الصنف من العقوبات في أنظمتها الجنائية وتعتبرها عقوبة أساسية ومحورية في قانونها الجنائي. وحددت فرق الأغلبية الغرامة اليومية ما بين 100 و2000 درهم عن كل يوم من العقوبة الحبسية المحكوم بها.

وحسب مصادر برلمانية تحدثت لـ”مدار21″، فإن هذا الاقتراح الذي اعترضت عليه بعض مكونات الأغلبية البرلمانية تقدم به فريق الأصالة المعاصرة بمجلس النواب، بإيعاز من أمينه العام ووزير العدل، عبد اللطيف وهبي، بعدما اضطر إلى سحب “الغرامة اليومية” من مشروع قانون العقوبات البديلة بسبب رفضه من طرف الأمانة العامة للحكومة، إضافة إلى وجود خلاف بين مكونات أغلبية أخنوش حول هذا المقتضى الذي يفتح المجال أمام “شرعنة الإفلات من العقاب”.

يأتي ذلك، بعدما صادقت الحكومة على مشروع قانون رقم 43.22 يتعلق بالعقوبات البديلة في صيغته الجديدة، والذي عرف مستجدا مهما متعلقا بالتراجع عن مقتضى شراء أيام السجن الذي سبق أن أثار جدلا واسعا، مقابل تحديد أنواع العقوبات البديلة الممكنة، التي منها العمل لفائدة المنفعة العامة.

وكان وزير العدل عبد اللطيف وهبي، كشف في سابقة من نوعها، إمكانية شراء السجناء أياما من العقوبات السجنية بالمال، وذلك في سياق محاولات التخفيف من معضلة الاكتظاظ في السجون المغربية، مقترحا أداء غرامات مالية تتراوح بين 100 درهم و2000 درهم، عن كل يوم سجن لفائدة الدولة.

ودعت تعديلات برلمانية تقدمت بها فرق الأغلبية بمجلس النواب، إلى إضافة فرع رابع للباب الخامس المكرر من مشروع قانون العقوبات البديلة المحال على البرلمان، يتم بموجبه التنصيص على تدابير تنفيذ الغرامة اليومية، لا سيما على مستوى إمكانية تأدية مجموع الغرامة اليومية دفعة واحدة، وإمكانية تأديتها بالتقسيط، تبعا لما يقرره قاضي تطبيق العقوبات.

واقترحت مكونات الأغلبية التنصيص بموجب هذا التعديل على إطلاق سراح المحكوم عليه بعقوبة الغرامة اليومية، إذا كان معتقلا، بمجرد صيرورة الحكم الصادر في حقه مكتسبا لقوة الشيء المقضي به وأدائه مجموع قيمة الغرامة اليومية المحكوم بها عليه، بأمر من قاضي تطبيق العقوبات.

وتحصينا لهذه الـمقتضيات من أي انحراف على مستوى تطبيقها، اقترحت الأغلبية ضمن تعديلات مشتركة، التنصيص على أنه في حالة إخلال المحكوم عليه بتنفيذ الغرامة اليومية، فإن قاضي تطبيق العقوبات يصدر مقررا بتطبيق المحكوم عليه للعقوبة الحبسية الأصلية الصادرة في حقه، والتي تخصم منها عدد الأيام التي أديت غرامتها.

وحسب مقترحات الأغلبية التي اطلع عليها “مدار21″، يمكن للمحكمة أن تحكم بعقوبة الغرامة اليومية بديلا للعقوبة الحبسية النافذة، وتتمثل الغرامة اليومية في مبلغ مالـي تحدده المحكمة عن كل يوم من المدة الحبسية المحكوم بها، ويمكن الحكم بعقوبة الغرامة اليومية على الأحداث في حالة موافقة وليهم أو من يمثلهم.

واقترحت الأغلبية أن يتم إطلاق سراح المحكوم عليه بعقوبة الغرامة اليومية، قبل اكتساب الحكم لقوة الشيء المقضي به إذا وافقت النيابة العامة على ذلك ولـم تمارس حق الطعن، على ألا تحسب مدة الاعتقال التي قضاها المحكوم عليه عند تحديد مبلغ الغرامة اليومية الواجب أداؤها.

ووفق المصدر ذاته، لا يمكن الحكم بعقوبة الغرامة اليومية إلا بعد الإدلاء بما يفيد وجود صلح أو تنازل صادر عن الضحية أو ذويه أو قيام المحكوم عليه بتعويض أو إصلاح الأضرار الناتجة عن الجريمة.وتراعي المحكمة في تحديد الغرامة اليومية الإمكانيات المادية للمحكوم عليه وتحملاته الـمالية وخطورة الجريمة الـمرتكبة والضرر الـمترتب عنها.

واستثنى مشروع القانون “الجرائم التي لا يحكم فيها بالعقوبات البديلة نظرا لخطورتها وأخذا بعين الاعتبار حالات العود التي لا يتحقق فيها الردع المطلوب”. ولا يحكم بالعقوبات البديلة في جرائم أمن الدولة والإرهاب، والاختلاس أو الغدر أو الرشوة أو استغلال النفوذ أو تبديد الأموال العمومية، وغسل الأموال، والاتجار الدولي في المخدرات، والاتجار في المؤثرات العقلية، والاتجار في الأعضاء البشرية، والاستغلال الجنسي للقاصرين أو الأشخاص في وضعية إعاقة.

وتتجلى أهم مستجدات المشروع الذي تعول الحكومة عليه لتقليص اكتظاظ السجون، في إقرار عقوبات بديلة حددت في العمل لأجل المنفعة العامة والمراقبة الإلكترونية وفرض تدابير تأهيلية أو علاجية كالخضوع لعلاج نفسي أو العلاج من الإدمان على الكحول والمخدرات والمؤثرات العقلية وأخرى تقييدية كعدم الاقتراب من الضحية والخضوع للمراقبة لدى مصالح الشرطة والدرك الملكي والخضوع لتكوين أو تدريب وغيرها، كما تم في إطار إقرار العدالة التصالحية إضافة عقوبة إصلاح الأضرار الناتجة عن الجريمة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News