أمن وعدالة

جدل اكتظاظ السجون.. “مندوبية التامك” ترفض تبخيس جهودها و”التأويلات المغلوطة” لأرقامها

جدل اكتظاظ السجون.. “مندوبية التامك” ترفض تبخيس جهودها و”التأويلات المغلوطة” لأرقامها

رفضت المندوبية العامة للسجون وإعادة الإدماج تبخيس جهودها في إعادة تأهيل وإدماج السجناء، وذلك تزامنا مع الجدل الذي خلفه بلاغها الأخير، الذي أكدت فيه أن عدد نزلاء المؤسسات السجنية بالمغرب تجاوز 100 ألف، مطالبة السلطات القضائية والإدارية الإسراع بإيجاد الحلول الكفيلة لمعالجة إشكالية الاكتظاظ بالمؤسسات السجنية لتفادي ما قد يترتب عن هذا الوضع الإشكالي المقلق من اختلالات أو حتى انفلاتات أمنية.

وقالت المندوبية في بلاغ اليوم الأربعاء، توصلت جريدة “مدار21” بنسخة منه، إن بلاغها السابق الذي نبهت فيه إلى الإكراهات التي يطرحها الاكتظاظ المتزايد بالسجون، في ما يخص ظروف الاعتقال والتأهيل لإعادة الإدماج، سجل “مجموعة تأويلات غير صحيحة لهذا المعطى وذلك بتبخيس الجهود المتواصلة التي تبذلها المندوبية العامة في هذا المجال”.

وأشارت مندوبية التامك إلى أن الاكتظاظ المسجل بالمؤسسات السجنية لم يمنعها من تسخير كل الإمكانيات المادية واللوجيستيكية والبشرية لتحقيق الأهداف المرجوة، مسجلة أنها قامت بتفويض تغذية السجناء إلى شركات متخصصة في هذا المجال، مما مكن من تحسين الوجبات الغذائية المقدمة للنزلاء كما وكيفا.

وفي السياق ذاته، أوضحت أن عملية التفويض وفرت على الأسر التكاليف والمشقة المرتبطة بالقفة، كما مكنت المندوبية العامة من التقليص بشكل كبير من حجم الممنوعات المسربة إلى المؤسسات السجنية.

أما في ما يخص الرعاية الصحية، أكدت المندوبية أنه تم تسجيل تطور كبير في عدد ونوعية الخدمات الصحية المقدمة للنزيلات والنزلاء، حيث فاقت هذه الخدمات تلك المقدمة على المستوى الوطني.

وفي ما يتعلق بالدارسة والتكوين المهني ومحاربة الأمية برسم موسم 2022/2023، وبحسب المصدر ذاته، فقد استفاد 6748 نزيلا من برامج التعليم والتربية غير النظامية، وبلغ عدد النزلاء الحاصلين على شهادة البكالوريا أحرار ما مجموعه 633 نزيلة ونزيلا، كما بلغ عدد النزلاء المسجلين بمختلف الكليات 1685 نزيلا، علما أن عدد السجناء الحاصلين على شهادات جامعية قد بلغ خلال السنوات الخمس الأخيرة 602 سجين.

أما في ما يتعلق بمحو الأمية، فأشارت الجمعية إلى أن عدد المستفيدات والمستفيدين من هذا البرنامج، بلغ خلال السنوات الخمس الأخيرة ما مجموعه 43966 نزيلة ونزيلا.

وبالإضافة إلى البرامج الكلاسيكية المذكورة، سجلت المندوبية العامة أنها طورت جيلا جديدا من البرامج الخلاقة، يذكر منها على الأخص “الجامعة في السجون” الذي بلغ دورته الـ12، و”اللقاء الوطني لفائدة السجينات” الذي بلغ دورته الرابعة، إضافة إلى برنامج “مصالحة” الموجه لفائدة النزلاء المعتقلين على خلفية قضايا التطرف والإرهاب والذي بلغ دورته الـ12، وبرنامج “الملتقى الصيفي للأحداث” الذي بلغ دورته السادسة، إضافة إلى برنامج “سجون بدون عود” لفائدة النزلاء الأحداث والذي أطلقت دورته الأولى مؤخرا.

وشددت في بلاغها على أن نجاح مختلف البرامج التي تطلقها المندوبية العامة لفائدة نزلاء المؤسسات السجنية يبقى رهينا بتحسين ظروف الاعتقال عبر تقليص حدة الاكتظاظ، وذلك بهدف زيادة نسبة الاستهداف وإتاحة الفرصة أمام أكبر عدد من النزيلات والنزلاء للاستفادة منها.

كما أكدت في هذا الصدد أن وضع هذه البرامج وتنفيذها ما كان ليتأتى لولا الانخراط والالتزام التامين لجميع أطر وموظفي هذا القطاع، وما أبانوا عنه من تضحيات ونكران للذات رغم كل الإكراهات المرتبطة بطبيعة عملهم.

وخلف بلاغ المندوبية السابق الذي نبهت فيه إلى بلوغ عدد نزلاء المؤسسات السجنية رقما قياسيا، يتجاوز 100 ألف، جدلا واسعا، حيث جاء الرد سريعا من نادي القضاة على لسان رئيسه، عبد الرزاق الجباري، الذي اعتبر أن توجيه دعوة للسلطات القضائية بإيجاد حلول له من لدن إدارة حكومية تختص، حصرا، في تنفيذ الأحكام القضائية، “فيه نوع من محاولة التأثير على قرارات الاعتقال التي قد يتخذها في المستقبل، وهذا مخالف للدستور والقانون والمعايير الدولية المتعلقة باستقلالية القضاء، وكذا الخطب الملكية السامية التي ما فتئت تحث على ضرورة احترام هذه الاستقلالية”.

وقال الجباري، ضمن تصريح صحافي، إن “إشكالية الاعتقال الاحتياطي، لا شك أن عواملها ومسبباتها متعددة مركبة، ويرجع جلها إلى عمل السلطتين التنفيذية والتشريعية، وليس القضائية التي لا تعدو أن تكون مطبقة للقانون ليس إلا”، مشيرا إلى أن من بين العوامل “تأسيس السياسة الجنائية المختارة من لدن الحكومة على العقوبة السالبة للحرية وميلها إليها كحل سهلٍ لمواجهة الجريمة (شغب الملاعب، الغش في الامتحانات، الطوارئ الصحية أنموذجا)، مع أن السياسة الجنائية المعاصرة تقوم على اعتماد تدابير اجتماعية واقتصادية وثقافية وتربوية تهدف إلى معالجة مسببات الجريمة قبل ارتكابها”.

وتحدث أيضا عن ارتفاع حالات العود بشكل لافت “نتيجة فشل برامج إعادة التأهيل والإدماج، كما أن ذلك ناتج عن فشل السياسة العقابية التي تعتبر فيها العقوبة السالبة للحرية قطب رحاها”، وكذلك “عدم تفعيل مؤسسة الإفراج المقيد بشروط، وهي التي تشرف عليها لجنة إدارية يترأسها وزير العدل أو من ينوب عنه، وتبت في اقتراحات مدراء المؤسسات السجنية نفسها بالإفراج عن بعض من برهن عن تحسن سلوكه، وكان من شأن تفعيل هذه المكنة القانونية بمبادرة من إدارة المؤسسات المذكورة أن يقلص من نسبة الساكنة السجنية”.

ومن بين عوامل الاكتظاظ بحسب رئيس نادي القضاة ضمن تصريحه أيضا، “تعثر ورش مراجعة مجموعة القانون الجنائي، الذي كان معولا عليه لرفع التجريم عن العديد من السلوكات البسيطة، والتخفيف من حدة اللجوء التشريعي إلى العقوبة السالبة للحرية”، وأيضا “تعثر ورش مراجعة قانون المسطرة الجنائية، الذي كان معولا عليه لإقرار العقوبات البديلة للعقوبات السالبة للحرية قصيرة المدى، وكذا توسيع صلاحيات قاضي تطبيق العقوبة”، وكذلك “عدم تنفيذ جملة لا بأس بها من الأحكام القضائية القاضية بإيداع محكوم عليهم في مؤسسة للعلاج، إما لانعدام مسؤوليتهم بسبب خلل عقلي، أو لنقصانها بسبب ضعف عقلي، تطبيقا للقانون الجنائي ومراعاة لمبدأ المحاكمة العادلة، وهذا ما تم تسجيله في تقارير رئاسة النيابة العامة، فضلا عن تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان لسنة 2022”.

وسجل الجباري عوامل أخرى تتعلق أساسا بـ”عدم تنفيذ الأحكام القضائية القاضية بإيداع الجناة للعلاج من أجل القضاء على التسمم الناتج على استعمال المخدرات، تطبيقا للفصل 8 من ظهير 21 ماي 1974، ومراعاة لحقهم في العلاج، بسبب عدم إحداث مصحات خاصة بذلك، وهذا ما تم رصده في كل تقارير رئاسة النيابة العامة منذ تأسيسها”، قائلا إن “نسبة لا بأس بها من المعتقلين تقضي مدة الإكراه البدني نتيجة عدم قدرتها على تسديد ما بذمتها من ديون عمومية بناء على مسطرة تحصيل هذه الديون كما هي مقررة في القانون”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News