مجتمع

تفاقم معدلات البطالة يُعري “فَشل” برامج التشغيل في امتصاص أفواج العاطلين بالمغرب

تفاقم معدلات البطالة يُعري “فَشل” برامج التشغيل في امتصاص أفواج العاطلين بالمغرب

أظهرت الأرقام المقلقة التي كشفت عنها الأسبوع الفارط المندوبية السامية للتخطيط حول تفاقم معدلات البطالة خاصة في صفوف حاملي الشهادات، فشل البرامج الحكومية لتحفيز التشغيل واحتواء أفواج العاطلين عن العمل بالمغرب، وهو يندر بتوسيع الهوة بين حجم مناصب الشغل المحدثة وبين أرقام البطالة التي باتت تطوق عنق أزيد من مليون نصف عاطل معظمهم من خريجي المؤسسات الجامعية.

كما أكدت هذه الأرقام الصادرة عن مؤسسة رسمية ما سبق أعلن عنه المجلس الأعلى للحسابات من أن الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات، ما تزال غير متموقعة كمرفق عمومي للتشغيل يقدم خدماته إلى الباحثين عن الشغل، بما في ذلك فئة غير الحاملين للشهادات أو المؤهلين في وضعية بطالة.

وارتفع حجم العاطلين بالمغرب بـ 156 ألف  شخص، ما بين الفصل الثاني من سنة 2022 ونفس الفصل من سنة 2023، منتقلا بذلك من مليون 387 ألف إلى مليون و543 ألف عاطل.وحسب تقرير إخباري لمندوبية التخطيط  حول “وضعية سوق الشغل خلال الفصل الثاني من سنة 2023″، فإن هذه الأرقام تمثل ارتفاعا بـ 11 بالمئة، وذلك نتيجة ارتفاع عدد العاطلين بـ 92 ألف بالوسط الحضري و بـ64 ألف بالوسط القروي، حيث انتقل معدل البطالة، خلال نفس الفترة، من11,2 بالمئة  إلى  12,4 بالمائة (+1,2 نقطة).

وعود حكومية

وتأتي هذه الأرقام خلافا لما وعدت به الحكومة، التي التزمت بجعل التشغيل من أهم المحاور الأساسية لكل السياسات العمومية في الميدان الاقتصادي، كما التزمت بتسريع وثيرة ميثاق الإنعاش الاقتصادي والتشغيل من أجل إعطاء دينامية جديدة للاقتصاد الوطني ،وخلق الثروة وتوفير مناصب الشغل لمعالجة أزمة البطالة، وذلك في أفق إحداث مليون منصب شغل صافي على الأقل خلال الولاية الحالية.

فضلا عن ذلك، تضمن البرنامج الحكومي الذي نال ثقة البرلمان، لخطة محددة لتشغيل الشباب العاطل ودعم النشاط الاقتصادي ومواكبة المقاولات الناشئة ومحاربة الهشاشة في صفوف النساء ودعمهن وتشجيعهن في بحثهن عن التكوين والشغل وتطوير مشاريعهن ،وذلك برفع نسبة نشاط النساء إلى أكثر من 30 بالمائة بدل 20  بالمائة حاليا.

كما التزمت بوضع وتنفيذ سياسة استعجالية لمواكبة المقصيين من سوق التشغيل وتحسين البرامج المتعلقة بخلق فرص التشغيل الذاتي، بما فيها أساسا سهولة خلق المقاولة والاستفادة من الدعم اللازم والمواكبة والتوجيه والتتبع.

البرلمانية نعيمة الفتحاوي عضو المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، أكدت أرقام المندوبية السامية للتخطيط حول تفاقم معدلات البطالة، تظهر “التعثر في وفاء الحكومة بوعودها”، مشيرة إلى أنه بعد مرور سنتين من عمر الحكومة، “تبقى هذه الوعود بعيدة عن الواقع”.

البطالة تنخر الشباب

وترى الفتحاوي في تصريح لـ “مدار21″، أن البيانات والمؤشرات الصادرة عن المندوبية السامية للتخطيط، تؤكد أن البطالة ومعدلات الشغل المنخفضة ما زالت تنخر في صفوف شباب المغرب، ومست أغلب القطاعات كقطاع البناء والأشغال العمومية والفلاحة والصيد البحري والصناعة والخدمات والأنشطة التقليدية والحرفية وغيرها من المجالات.

وسجلت النائبة البرلمانية غياب أي مؤشر على تنفيذ وأجرأة الالتزامات والتعهدات التي أعلنت عنها الحكومة في البرنامج الحكومي، مما يدل على فشل سياستها في التشغيل، كما فشلت في اتخاذ سياسة ناجعة وذات فعالية في مجال التشغيل، منبهة إلى أن الحكومة التزمت برسم سنة 2023 أثناء مناقشة مشروع إحدى الميزانيات القطاعية- بإعداد مشروع قانون التشغيل العمومي.” وهو ما لم يتم الى غاية اليوم.”

بهدف تحسين قابلية التشغيل والإدماج المهني للشباب ذوي المهارات المتدنية والعاطلين عن العمل لفترات طويلة بالمناطق شبه الحضرية والقروية، أطلقت الحكومة عدة برامج منها ” سبيل “، الذي تم تسويقه كمحفز لدعم إطلاق المشاريع ذات الإمكانات العالية، بما في ذلك خلق المزيد من المقاولات الصغيرة والصغيرة جدا مع إمكانية الارتقاء بها مستقبلا ضمن سلاسل القيمة والإنتاج، وفق مقاربة تشاركية تضم مختلف الفاعلين، ولكن هذا لم يتحقق منه شيء.

مخطط استعجالي

وسجلت البرلمانية الفتحاوي، غياب مخطط استعجالي لدى الحكومة  لمعالجة أزمة البطالة التي يعاني منها خريجو الجامعات والمعاهد العليا ومراكز التكوين، ولا ملائمة حقيقية للتكوين مع ما يتطلبه سوق الشغل، مشددة على رورة بذل جهود مقدرة لتحقيق انسجام منظومة التكوين والتعليم العالي الوطني مع متطلبات سوق الشغل الوطنية، سواء من خلال تنويع وتطوير التخصصات الجامعية، أو من خلال مدن الكفاءات والمهن، وخاصة في كليات ذات الاستقطاب المفتوح.

وقالت الفتحاوي إن الحكومة تفتقد إلى  تصور واضح لإعادة النظر في سياسة التشغيل من خلال مراجعة الاستراتيجية الوطنية للتشغيل، ” بعدما فشلت في تحقيق الأهداف المتوخاة منها بما يضمن التقائية وتناسق السياسات القطاعية”، مضيفة أنه “ليس لديها تقييم دقيق لبرنامج التشغيل للوقوف على الصعوبات والاكراهات والتحديات التي أبانت عنها الممارسة.”

وعلى سبيل المثال، لفتت البرلمانية ذاتها إلى برنامج “فرصة”،  الذي  يهدف إلى مواكبة 60 ألف مقاولة في خمس سنوات، عن طريق قروض شرف، تخلله حاليا إشكالات من حيث التمويل ومن حيث الشفافية.أما برنامج أوراش “فهو برنامج إلهائي ولا علاقة له بالشغل القار” على حدّ قول الفتحاوي.

دور جد محتشم

وسجلت أن دور الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل في تقليص البطالة “دور جد محتشم لا يتجاوز 40 بالمئة من إنجاز البرامج، رغم كونها الوسيط بين الحكومة والمقاولات، مؤكدة أنه  يجب دعمها بالموارد البشرية والمادية بإحداث فروع في جميع أنحاء المملكة، مقترحة وضع إطار تحفيزي لتشجيع المقاولات لاستقبال خريجي الجامعات، على أن تقوم المقاولات بتكوينهم تكوينا تطبيقيا تكميلا للتكوين النظري الذي يتلقونه أثناء الدراسة.

ودعت البرلمانية، إلى تسريع وتطوير ريادة الأعمال واحتضان الأفكار المبتكرة لحاملي هذه المشاريع لدعم التصنيع المحلي والمبني على الخبرات المغربية، مع تعزيز البرامج لتطوير ريادة الأعمال الصناعية ودعم الصناع المبتكرين المغاربة، وتقييم ومراجعة النظام الجبائي فيما يتعلق بتشجيع المقاولات الناشئة.

وترى عضو المجموعة النيابية للعدالة والتنية ، أن  توجيه التشغيل لابد أن يتحول من الوطني الى الجهوي، مؤكدة أن الحكومة مطالبة بوضع الإمكانيات في الجهات وتفعيل الاتفاقيات الجهوية واللامركزية وتقليص الإشكاليات المرتبطة بعدم العدالة المجالية، مؤكدا أن الحكومة مطالبة بأن تولي عناية خاصة لحاملي هذه الأفكار من حيث الدعم والمواكبة والتتبع والاحتضان، خصوصا أن المملكة تزخر بمؤهلات بشرية وكفاءات كبيرة في هذا المجال.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News