مجتمع

مركز أكاديمي يطالب بمراجعة قانون المياه ويعتبر الحق في الماء مهدد بسبب الاستغلال المفرط

مركز أكاديمي يطالب بمراجعة قانون المياه ويعتبر الحق في الماء مهدد بسبب الاستغلال المفرط

أكد مركز الحوار العمومي والدراسات المعاصرة، أن تدخلات السياسات العمومية تحتاج إلى أن ترتبط بسياق محدد، لضمان الأمن الغذائي في ظل تزايد ندرة الموارد المائية وتزايد التنافس على استخدام المياه، مؤكدا أنه “يجب توجيه الجهات الفاعلة نحو تحسين إدارة الموارد المائية نظرا لحجم التحديات، من أجل الجميع، حاضرا ومستقبلا”.

وسجل المركز الأكاديمي ضمن ورقة بحثية حول “الأمن المائي من أجل الأمن الغذائي في حاجة إلى عقد اجتماعي جديد لبناء اقتصاد مستدام، “أن الحق في الماء أصبح مهددا بسبب الاستغلال المفرط، ناهيك عن التغيرات المناخية، مشيرا إلى أنه على الرغم من تناقص الموارد المائية المطرد، لا سيما المياه الجوفية، فإن زيادة الطلب على الماء في المغرب، يتجاوز الكميات المتوفرة سنويا.

ويعتبر بلد ما في حالة خصاص مائي عندما تقل موارده المائية عن 1000 متر مكعب من المياه العذبة للفرد سنويا. ووفقًا لتقارير الأمم المتحدة، فإن وضعية المغرب أصبحت مقلقة، إذ يوجد في حالة خصاص في موارده المائية، حيث يمكن ألا تتجاوز كمية المياه العذبة 500 متر مكعب للفرد سنويًا بحلول سنة 2030، مقابل 2500 متر مكعب سنة 1960. علما أن كمية المياه وصلت إلى أقل من 620 متر مكعب سنة 2022.

تحقيق الأمن المائي

ورأت فوزية بـرج الباحثة في علم الاجتماع والأنثروبولوجيا، بجامعة الحسن الثاني-عين الشق الدار البيضاء، التي أنجزت الورقة البحثية أن “تحقيق الأمن المائي الذي يتمثل في حصول الفرد على كميات كافية من المياه النظيفة والصالحة أولوية قصوى لبلادنا حاليا من أجل الأمن الغذائي واستدامة نموذجنا التنموي، وضمان حقوق الأجبال المقبلة، وتحقيق السلم الاجتماعي”.

ونبهت الباحثة الجامعية إلى أن الاستغلال المفرط للموارد المائية الجوفية، تزايد مع الإصلاحات الزراعية التي جاء بها المخطط الأخضر، دون وضع إطار قانوني منظم وآليات المراقبة لحماية المياه، لأن الاستثمار في الفلاحة يرتبط أيضًا بحماية حق الأجيال القادمة، وحماية المزارعين الأكثر تأثرا بالجفاف ونقص الغذاء والعطش.

وشددت الباحثة الأنثروبولوجية،  على الحاجة إلى وضع عقد اجتماعي جديد يجعل من قضية الأمن المائي في صميم الأولويات الوطنية، حسب ما أشارت إليه الخطابات الملكية، معتبرة أن السياسات الوطنية الحالية والتكنولوجيات المقترحة لمواجهة ندرة المياه تزيد من تكاليف الطاقة، وهو الأمر الذي يستدعي العمل على إشكالية العرض والطلب فيما يتعلق بإدارة المياه.

اختلالات السياسة الزراعية

وبرأي الباحثة فوزية بـرج فإن الأزمة الحقيقية للموارد المائية في المغرب، يعود بعضها إلى الاختلالات التي طبعت السياسات الاقتصادية والتنموية والزراعية والمائية، بينما يعود بعضها الآخر إلى عوامل طبيعية فيها كالتحولات المناخية والجفاف ونضوب المياه الجوفية، مؤكدة الأمن الغذائي بالمغرب “يحتاج اليوم إلى إجابات سياسية ملحة تجعل من الأمن المائي أولوية في الرؤية التنموية الوطنية، وعاملا مهما للاستدامة وتجنب مخاطر السلم الاجتماعي”.

وقالت فوزية بـرج إن ” طموح الإصلاح الزراعي  في المغرب من خلال سياسات المخطط الأخضر يتعلق بفتح عملية الوصول إلى الموارد، وإعادة ترسيخ الرؤية المزدوجة للزراعة: قطاع “تقليدي” وقطاع “حديث”، زراعة ذات إنتاجية عالية وقيمة مضافة في السوق مقابل مزارع صغيرة على الهامش في إطار الدعم التضامني.

وأشارت إلى أن البعض يعتبر ذلك، ” فشلا في التغلب على الرؤى المزدوجة للزراعة،” وأوضحت أن “الإصلاح الزراعي” الذي تحرّكه السوق الحديثة قد يتناقض مع التماسك الاجتماعي وقد يهدد مصادر الموارد الطبيعية بما فيها استنزاف المياه الجوفية، وندرة الموارد وثقافة السكان المحليّين في تدبيرها.

وتابعت قائلة: “وهي أمور لا تحظى بالأولوية في مخططات التنمية، إذ توشك أن تتحول السيطرة على الموارد من المجتمعات المحلية إلى المؤسسات المالية الوطنية والدولية”، مسجلة أن دعم الدولة في القطاع الفلاحي أعطى بعض الأولوية لاقتصاد السوق، وعزز من خلال مشاريع المخطط الأخضر سباق وتنافسية شديدة على الموارد بين المستثمرين.

مراجعة قانون المياه

في مقابل ذلك، أوصى الورقة البحثية الصادرة عن مركز الحوار العمومي والدراسات المعاصرة، بايلاء السياسات الوطنية للمياه الأولوية الكافية للأمن الغذائي والتغذية، معتبرة  أن “التركيز على الأمن الغذائي، يعتبر تحديا بسبب نقص التكامل بين القطاعات على مستوى أخذ القرارات وتأثيرها على إدارة المياه”.

ودعا المركز الأكاديمي إلى القيام بمراجعة قانون المياه، بشكل يضمن تفعيل آليات الرقابة والمحاسبة وضمان الحق في الوصول إلى المياه، مشددا على إخضاع القطاعين العام والخاص للمساءلة القانونية والرقابة فيما يتعلق بإدارة المياه وتحديد فهم مشترك لأدوارها ووظائفها فيما يتعلق بمسؤوليتها في استخدام الموارد المائية.

وأكد المصدر ذاته، الحاجة إلى بحث استباقي للآثار المترتبة على تغير العلاقة بين الماء والطاقة والغذاء الذي ما هو إلا قضية واحدة لتجنب مخاطر أزمة المياه في المستقبل، مقترحا دمج المياه في الاستراتيجيات الوطنية المرتبطة بالأمن الغذائي، في السياسات الوطنية المتعلقة التجارة والتنمية القروية والتصنيع من أجل القضاء على الممارسات التي تضر بحقوق الفئات الضعيفة والمهمشة في الوصول إلى المياه؛

وطالبت الورقة البحثية بالربط بين إدارة المياه وحيازة الأراضي لما لها من تأثير على حقوق الوصول إلى المياه، مع أخذ قضايا المياه وإدارتها كقضية عابرة لمختلف القطاعات، لأن سياسة الماء ليست مجرد سياسة قطاعية، داعية إلى دمج المجموعات المهمشة والمستبعدة في كل القرارات المائية من النساء والفتيات، نمنحهم صوتا محاولة فهم الناس كيف يتصورون السيناريوهات المستقبلية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News