سياسة

دعم البوليساريو يعقد عودة العلاقات بين الرباط وطهران.. وتاج الدين الحسيني: استئنافها سيكون في صالح المغرب

دعم البوليساريو يعقد عودة العلاقات بين الرباط وطهران.. وتاج الدين الحسيني: استئنافها سيكون في صالح المغرب

كما كان متوقعا، بعد تعزيز العلاقات مع الرياض بوساطة صينية، ومع أبو ظبي، تسعى إيران لكسب ود المزيد من العواصم العربية، خاصة تلك التي وصلت الأزمة معها إلى حد القطيعة، أبرزها الرياط.

ونهاية الأسبوع الفارط، خرج وزير الخارجية الإيراني، أمير عبد اللهيان، ليؤكد أن “بلاده تتطلع لتطوير العلاقات والعودة إلى حالتها الطبيعية مع الدول الأخرى في المنطقة والعالم الإسلامي، بما في ذلك البلدان المسلمان الشقيقان مصر والمغرب”.

وفي غياب رد رسمي من الدبلوماسية المغربية على تصريحات اللهيان، التي جاءت في لقاء جمع سفراء دول إسلامية بطهران، يرى تاج الدين الحسيني، أستاذ العلاقات الدولية بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية- جامعة محمد الخامس أكدال – الرباط، أن عودة العلاقات بين البلدين “ممكنة، لكن بشروط”.

وقرر المغرب قطع علاقاته الدبلوماسية مع إيران، سنة 1981 بعد إعلان إيران دعمها لجبهة البوليساريو الانفصالية، فيما منحت الرباط، مقابل ذلك حق اللجوء السياسي لشاه إيران المخلوع محمد رضا بهلوي. وعادت المياه إلى مجاريها بين الرباط وطهران، بعد عشر سنوات من ذلك، عبر افتتاح السفارة الإيرانية بالرباط بشكل رسمي، وذلك بعد تراجع طهران عن الاعتراف بـ”الجمهورية الانفصالية الوهمية”.

واستمرت العلاقات بين البلدين لمدة 18 سنة، وإثر مواصلة إيران دعمها لجبهة البوليساريو، قرر المغرب قطع العلاقات في سنة 2009، ليُعيدها سنة 2015، ويقطعها سنة 2018، لنفس الأسباب.

وأوضح الحسيني، أن الأخطاء المرتكبة من طرف النظام الإيراني، دائما ما تكون سببا في القطيعة بين طهران والرباط، مسجلا أن الدبلوماسية المغربية لا تبحث عن القطيعة بأي حال من الأحوال، “فعلى العكس من ذلك، هي دائما منفتحة وتؤمن بالسلام، والتعاون بين الدول، خاصة وأن إيران من بين الدول الأساسية داخل منظمة المؤتمر الإسلامي، وكذلك قد تكون عضوا في لجنة القدس التي يرأسها العاهل المغربي”.

وأكد أستاذ العلاقات الدولية بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية- جامعة محمد الخامس أكدال، في حديثه لجريدة “مدار21” الإلكترونية، أن خطوط التماثل بين الطرفين تبقى قائمة، خاصة فيما يتعلق بالقضايا المصيرية للأمة العربية والإسلامية.

ويشير المتحدث أنه وفيما يتعلق بقضية النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، ورغم أن هناك صراعا بين المغرب وإيران، إلا أن مصالحهما تتقاطع فيما يتعلق بهذا الموضوع، “وأيضا ظهر تقاطعهما في الموقف اللذان عبرا عليه بعد إحراق المصحف الشريف من طرف شخص في السويد تحت نظر الحكومة السويدية، فالمغرب قام بسحب سفيره من السويد، وأدان هذه العملية، و أيضا إيران اتخذت موقفا مماثلا في نفس الاتجاه” يضيف تاج الدين.

ويرى الخبير في العلاقات الدولية، أنه ليس هناك قطيعة مطلقة بين إيران والمغرب، معتبرا في نفس الوقت أن إعلان وزير الخارجية الإيراني رغبة بلاده في عودة العلاقات بين الطرفين، أمر مهم يجب أن يطرح للنقاش، لكن ينبغي أن تكون العودة مشروطة باتخاذ مواقف محايدة فيما يتعلق بمسألة الصراع مع البوليساريو والجزائر.

وتابع في حديثه للجريدة: “هذا شرط أساسي، ويجب أن تركز الدبلوماسية المغربية على ذلك، لأن هناك أخبار دقيقة تؤكد أن حزب الله، ولو أنه لبناني، إلا أنه مرتبط بكيفية وثيقة بالنظام الإيراني والحرس الثوري كذلك، وهناك فئات تقول بأن هناك نوع من التعاون القائم بين إيران والبوليساريو عن طريق التزكية الجزائرية، والتي يتم دعمهم بالطائرات المسيرة، وبتداريب خاصة”.

وقال إن المغرب لا يمكن أن يقبل عودة العلاقات في ظل استمرار هذا النوع من الدعم للبوليساريو، وخاصة بالسلاح.

وقبل ثمانية أشهر، اتهم وزير خارجية المغرب ناصر بوريطة، إيران بـ”تهديد السلم الإقليمي والدولي”، معتبراً أنها أضحت هي “الراعي الرسمي للانفصال ودعم الجماعات الإرهابية في عدد من الدول العربية”، وذلك بالتزامن مع تقارير استخباراتية قالت إن إيران سلمت جبهة “البوليساريو” الانفصالية طائرات “درون” مسيرة لضرب المغرب، بتمويل جزائري.

وقال وزير الخارجية المغربي، في مؤتمر صحافي عقده مع نظيره اليمني أحمد عوض بن مبارك، إن “طهران، بتبنيها لفاعلين غير حكوميين مسلحين، أصبحت تهدد السلم الإقليمي والدولي، عن طريق حصول هؤلاء الفاعلين على أسلحة وتقنيات متطورة، على غرار الطائرات المسيرة”.

وحمّل بوريطة المجتمع الدولي مسؤولية تطور الأوضاع في حال عدم تصديه للجانب الإيراني، معتبراً أن إيران “هي الممول والداعم الرسمي للانفصال والجماعات الإرهابية عبر تسهيل حصولهم على أسلحة متطورة، فضلاً عن تدخل طهران في الشؤون الداخلية للدول العربية سواء بشكل مباشر أو غير مباشر عن طريق جماعات إرهابية مسلحة”.

وأضاف: “المغرب بدوره يعاني مما تقوم به إيران من هذا التدخل، لذلك فنحن نعتبر أن إيران هي الراعي الرسمي للانفصال والإرهاب في الدول العربية”، مشيراً إلى أن “الدول التي تُمكِّن طهران من هذا النوع من الأسلحة عليها أن تتحمل مسؤوليتها لما تشكله من خطورة على سلامة وأمن عدد من الدول، خاصة أن هؤلاء الفاعلين غير الحكوميين لا يتوفرون على مسؤولية قانونية”.

غير ذلك، وبحسب تاج الدين الحسيني، من مصلحة المغرب أن تعود العلاقات مع إيران من أجل تحييدها في مثل هذه النزاعات، وكذلك من أجل إعطاء منظور جديد لمنظمة التعاون الإسلامي، وللدور الذي يمكن أن تلعبه كل البلدان الإسلامية بلا استثناء.

وسجل أستاذ العلاقات الدولية، أن هذه الوضعية تأتي في ظل تطور إيجابي للعلاقات مع إيران ومنطقة الخليج، والتي هي المعنية الأساسية بالموضوع، موضحا “عندما عادت المملكة العربية السعودية لربط علاقات مع إيران، أصبحت تشجع بلدان خليجية أخرى على السير في نفس النهج، وهذا معناه تحول كبير في العلاقات بين الطرفين، أما المغرب فهو بعيد عن إيران بما يفوق 4000 كلم”.

ولم يستبعد، وفي حالة تجاوز الجانب المتعلق بالبوليساريو، أن يتم التعاون بين الرباط وطهران في المجالات الأخرى.

تعليقات الزوار ( 1 )

  1. يتم حل مثل هذه المشاكل يوم يتم إحياء فكرة التقارب بين المذاهب الاسلامية وتغليب المصلحة العليا للأمة وللبشرية…وتأسيس دستور بين الدول الاسلامية يتم الاحتكام اليه في حالة النزاع…على غرار التكتلات الاقليمية باوربا واسيا…وهكذا بالاشتغال على الجانب الايديولوجي تستطيع الامة تذويب اسباب الصراعات…ويحسب للأمة الف حساب…أما الصراع التشاحن فلن يخدم سوى الأعداء ويضعف الامة فتسهل السيطرة عليها..خاصة هناك عدة قواسم مشتركة بها يتم حل كل القضايا حضاريا…فقط يحتاج الامر توسيع النقاش والهدوء وان يرجي الحوار عقلاء ومفكرين كبار من فقهاء وقانونيين وحقوقيين وعلماء اجتماع ذوي هم وفهم لكيفية النهوض بالامة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News