بورتريه

بحصولها على شهادة الباكلوريا.. مغربية ستينية تحقق حلما مؤجلا لمدة 42 سنة

بحصولها على شهادة الباكلوريا.. مغربية ستينية تحقق حلما مؤجلا لمدة 42 سنة

الحصول على شهادة الباكلوريا واستكمال الدراسات الجامعية أمر لا يرتبط بسن معين. هذه هي الفكرة التي آمنت بها نادية العسوي ودفعتها للترشح لاجتياز امتحانات الباكلوريا والنجاح في الحصول على شهادة حلمت طويلا بالحصول عليها. تقول السيدة التي ستطفئ شمعتها الستين في العام القادم، إنها اختارت استئناف مسيرتها التعليمية بعد أن وهبت نفسها لمدة 42 عاما لخدمة مهنة التمريض.

تحكي نادية التي استقبلت كاميرا “مدار21” في بيتها، تفاصيل تجربتها مع امتحان الباكلوريا بفخر واعتزاز لا تخفيه نبرة صوتها وحركاتها التي لا تشي بسنها الذي لا تخفيه، إذ تقول نادية إنها من مواليد سنة 1964 بمدينة الدار البيضاء.

تقول نادية إنها تشعر بفرحة واعتزاز لتمكنها من تحقيق حلم مؤجل كانت تنتظر تحقيقه منذ مدة طويلة، وتؤكد أنها عندما ولجت مجال التمريض للمرة الأولى لم يكن الحصول على شهادة الباكلوريا شرطا من شروط الولوج لهذا التخصص، لكن الحصول على هذه الشهادة ظل يشكل “حرقة” في قلبها طوال هذه السنوات التي تقول إنها نسيت فيها نفسها وانشغلت بعملها وبالحصول على دبلومات في تخصصها لم تعوض شعور الحصول على شهادة البكالوريا.

تردف نادية بالقول: “وهبت نفسي للتمريض 42 عاما، انشغلت فيها عن نفسي بالعمل في المستشفى إلى جانب العمل الجمعوي والحقوقي الذي شغلني عن تحقيق حلم البكالوريا. تضيف المتحدثة ذاتها أن التنقل من محل إقامتها بمدينة الجديدة إلى مدينة الدار البيضاء للحصول على شهادة مدرسية للترشح لاجتياز امتحانات البكالوريا، كان عائقا أمامها لسنوات لكنها هذه السنة تحدت نفسها وغالبت تماطلها وقامت بجميع الإجراءات اللازمة للترشح.

بالنسبة لنادية شهادة الباكلوريا تحد، إذ تعتبر أن مستقبل العديد من الأشخاص يتوقف على الحصول على هذه الشهادة، التي تقول إنها ضروية حتى وإن أنكر البعض ذلك، فالمقدرون للتعليم وأهميته هم من يعرفون أهمية هذه الشهادة باعتبارها “مفتاحا” للعلم تضيف نادية.

تقول صاحبة الـ59 عاما إن الوقت كان العائق الأكبر الذي واجه طريقها للحصول على البكالوريا، إذ إن التركيز على الاستعداد للامتحانات لم يكن سهلا بالنسبة لها وهي ممرضة تقضي اليوم كله بعملها، وربة بيت تنتظرها مسؤوليات عليها الالتزام بها. لكن نادية ترجع الفضل إلى أبنائها الذين ساعدوها ووفروا لها الظروف المناسبة للاستعداد. فبعد أن كبر أبناؤها، تقول نادية، إن الأدوار انقلبت حيث أصبح أبنائها يذكرونها بموعد المراجعة بعد أن كانت هي من تذكرهم قبل سنوات.

وعن روتينها في الاستعداد للامتحان، تقول نادية إنها كانت تستيقظ باكرا لإعداد وجبة الفطور، لتبدأ مراجعة دروسها قبل التوجه إلى عملها في الساعة الثامنة والنصف، لتعود في المساء بعد العودة من عملها لاستكمال مراجعتها. هذا الروتين الذي كانت تتبعه نادية حرمها من العديد من الأنشطة التي كانت تمارسها سابقا، حيث تقول إنها لم تعد تخرج نهاية الأسبوع كما كانت عادتها.

وتضيف ضاحكة أنها لم تشاهد خلال شهر رمضان الماضي أي مسلسل من المسلسلات التي عرضت وقتها. إلى جانب ذلك، تتابع نادية قائلة إنها استثمرت عطلتها كاملة في الاستعداد للامتحان، إذ كانت تقضي اليوم كاملا من السابعة صباحا حتى العاشرة في المراجعة والاستعداد.

تعتبر نادية أن اجتيازها للبكالوريا كان تحديا لنفسها وليس تحديا للآخرين، حققت من خلال الحصول على هذه الشهادة هدفا كانت تطمح منذ سنوات لتحقيقه.

وفي جوابها عن سؤال الهدف القادم، قالت نادية إنها تطمح لولوج الجامعة؛ “أنا مقبلة على التقاعد في السنوات القادمة، وسيكون لدي الوقت الكافي للتركيز في دراستي بعد أن وهبت عمري خدمة لمهنة التمريض”. لكنها لم تحدد بعد الشعبة التي ستختارها، إذ تقول إنها لازالت حائرة بين الأدب العربي والفرنسي والإنجليزي كتخصص لإتمام دراستها الجامعية.

تهدي نادية نجاحها هذا، لأبنائها الذي دعموها طيلة فترة إعدادها للامتحانات، وزميلاتها في العمل اللواتي كن يتحملنها ويتحملن انشغالها خلال تلك الفترة التي تعتبرها فارقة في حياتها، حيث تقول إنها من خلال الاستعداد للامتحانات تعلمت العديد من الأشياء التي كانت تجهلها سابقا.

ومن خلال “مدار 21” وجهت نادية رسالة للذين لم يتمكنوا بعد من الحصول على شهادة الباكلوريا، قائلة إن الحصول على هذه الشهادة ليس مستحيلا، لكنه في الوقت ذاته ليس “متاحا” للجميع، معتبرة أن الاستعداد الجيد والاجتهاد المستمر كفيلان بتحقيق النجاح.

نادية واحدة من 21 ألف و289 مترشحا من المترشحين الأحرار الذين نجحوا في اجتياز امتحان الباكلوريا برسم موسم 2022/ 2023، إذ بلغت نسبة نجاح المترشحين الأحرار 26,41 في المئة بحسب ما أفاد به بلاغ لوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News