أثار منعه بقانون المالية جدلا.. اجتهاد قضائي يسمح بالحجز على أموال الدولة

أصدرت المحكمة الابتدائية الإدارية بالدار البيضاء اجتهاداً قضائياً يسمح بالحجز على أموال الدولة والجماعات المحلية، خلافا للمادة 9 من قانون المالية لسنة 2020، التي كانت أثارت جدلا واسعاً بمنعها الحجز على أموال الدولة ومنحها آجالا ميسرة لهذه الأخيرة لأداء ما بذمتها للدائنين.
وفي تفاصيل الحكم، الذي اطلعت جريدة “مدار21” على نسخة منه، وبناء على مقال المصادقة على حجز ما للمدين لدى الغير الذي تقدمت به الطالبة بواسطة نائبها إلى كتابة ضبط المحكمة بتاريخ 2024/04/29، جاء فيه أنها استصدرت عن المحكمة الإدارية بالدار البيضاء بتاريخ 2010/01/27 القاضي بأداء الجماعة الحضرية للدار البيضاء للمدعية مبلغ 441865,25 درهم وتحميلها الصائر، وأن الحكم المذكور تم تأييده بموجب القرار صادر عن محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط بتاريخ 2013/01/21، وأنها باشرت إجراءات التنفيذ التي انتهت بتحرير مأمور إجراءات التنفيذ بالمحكمة لمحضر امتناع المنفذ عليها عن التنفيذ.
وارتكازا على السند التنفيذي المذكور، تم إجراء حجز ما للمدين لدى الغير على الأموال العائدة للمحجوز عليها بين يدي الخازن الإقليمي لمنطقة شرق الدار البيضاء، وطالما أن الدين ثابت ومحقق الوجود التمست الطالبة قبول الطلب شكلا لنظاميته، ومن حيث الموضوع المصادقة على الحجز المضروب بين يدي الخازن الإقليمي للدار البيضاء منطقة الشرق، وإصدار أمر لهذا الأخير، لتسليم العارضة المبلغ المحجوز وقدره 441865,25 درهم وشمول الحكم بالنفاذ المعجل وتحميل المحجوز عليها الصائر.
وبناء على محضر حجز لدى الغير المنجز من طرف مأمور إجراءات التنفيذ المذكور بتاريخ 2024/04/08، مفاده أنه قام بحجز مبلغ 441865,25 درهم بين يدي الخازن الإقليمي للدار البيضاء، منطقة الشرق، موضحا غياب توافر اعتمادات مرصودة بميزانية الجماعة الترابية المحجوز عليها في باب تنفيذ الأحكام القضائية.
وبناء على المذكرة الجوابية التي تقدمت بها جماعة الدار البيضاء بواسطة نائبها بتاريخ 2024/05/07، أثارت ملاحظة عدم قابلية الأموال العامة للحجز، لأنها مرصودة لخدمة المصلحة العامة، وأن اعتماداتها لدى الخازن الجماعي ليست أموالا سائلة ولكنها مجرد بنود وقوائم وأرقام مخصصة لتغطية نفقات محددة على سبيل الحصر ومرصودة لخدمة المرفق العام، وأن من شأن هذا الحجز الإخلال بالسير العادي للمرفق، وأن العارضة لم تمتنع عن التنفيذ، وأنه لا يمكنها تسديد ديونها إلا وفقا لقواعد المحاسبة العمومية، علاوة على عدم وجود اعتمادات كافية وإضافية مبوبة في ميزانية تنفيذ الأحكام، لأجل ذلك التمست الحكم برفض الطلب.
وبعد التأمل، أكدت المحكمة أنه حيث أن عدم تسديد المحجوز عليها للمبلغ المحكوم به يعتبر في حد ذاته امتناعا عن التنفيذ، كما وأن امتناع المحجوز عليها عن التنفيذ، ثابت بموجب محضر الامتناع الأول المؤرخ في 2016/06/27، ومحضر امتناع آخر محرر بتاريخ 2024/03/22 بعد تقديم الطالبة لطلب مواصلة التنفيذ.
وحيث أن المادة 9 من قانون المالية لسنة 2020 تنص على أنه يتعين على الدائنين الحاملين لأحكام قضائية تنفيذية نهائية ضد الدولة أو الجماعات الترابية المعنية، في حالة صدور حكم قضائي نهائي قابل للتنفيذ، يلزم الدولة أو جماعة ترابية أو مجموعاتها بأداء مبلغ معين، يتعين الأمر بصرفه داخل أجل أقصاه تسعون يوما ابتداء من تاريخ الإعذار بالتنفيذ في حدود الاعتمادات المالية المفتوحة بالميزانية لهذا الغرض، وفق مبادئ وقواعد المحاسبة العمومية، وألا يتم الأداء تلقائيا من طرف المحاسب العمومي داخل الآجال المنصوص عليها بالأنظمة الجاري بها العمل في حالة تقاعس الأمر بالصرف عن الأداء بمجرد انصرام الأجل أعلاه.
وإذا أدرجت النفقة في اعتمادات تبين أنها غير كافية، يتم عندئذ تنفيذ الحكم القضائي عبر الأمر بصرف المبلغ المعين في حدود الاعتمادات المتوفرة بالميزانية، على أن يقوم الأمر بالصرف وجوبا بتوفير الاعتمادات اللازمة لأداء المبلغ المتبقي في ميزانيات السنوات اللاحقة وذلك في أجل أقصاه أربع سنوات، دون أن تخضع أموال وممتلكات الدولة والجماعات الترابية ومجموعاتها للحجز لهذه الغاية.
وطالما أنه، وبغض النظر عن كون المحجوز عليها توصلت بالإعذار الأول بالتنفيذ بتاريخ 2015/02/17 حسب الثابت من محضر الامتناع المؤرخ في 2016/06/27 أي قبل سريان قانون المالية لسنة 2020، فإن جماعة الدار البيضاء وكذا المحجوز لديه لم يتقيدا بأحكام الفقرة 2 من المادة 9 من قانون المالية لسنة 2020، مما يجعل شروط المصادقة على الحجز لدى الغير متوافرة في الطلب الحالي وحيث إن ما تذرع به الخازن الإقليمي بخصوص طلبات الأداء المؤسسة على سندات تنفيذية صادرة في مواجهة جماعة محلية أو مجموعة ما هو إلا إجراء إداري وأن تذرعه بعدم وجود مبلغ مالي ما هو إلا تعطيل لمسطرة التنفيذ الجبري للأحكام القضائية.
وأنه لئن كان الخازن الإقليمي أدلى بتصريح سلبي، فإن الأمر خلاف ذلك طالما أن الطرف الحاجز ليس مسؤولا عن الإجراءات المسطرية الواجبة السلوك لحصول الخازن الإقليمي عن ميزانية الجماعة المعنية برسم السنة الجارية، كما أنه وإلى غاية صدور هذا الأمر لم تعمل المحجوز عليها على تمكين الطرف الحاجز من المبلغ موضوع الحجز، مما تكون معه كافة الدفوع المثارة غير مرتكزة على أساس سليم ويتعين استبعادها.
وحيث إنه عطفا عما ذكر، تكون موجبات المصادقة على الحجز قائمة حول الطلب ويتعين بالتالي التصريح بالاستجابة اليه. وحيث ان طلب النفاذ المعجل لامبرر له بالنظر لمقتضيات الفصل 437 من قانون المسطرة المدنية، مما يتعين معه التصريح برفضه.