فن

“السمفونية الإفريقية”.. الزوفري يستلهم من الرياضيات الإسلامية طريقة تنظيم رموز جدارية فنية بالرباط

“السمفونية الإفريقية”.. الزوفري يستلهم من الرياضيات الإسلامية طريقة تنظيم رموز جدارية فنية بالرباط

من خلال “السمفونية الإفريقية” يقترح الفنان التشكيلي مصطفى الزوفري على المشاهدين عرضا غير مسبوق، وهو أن يسمعوا اللوحة الفنية، التي استغرق إنجازها أكثر من شهر، كنوتات موسيقية وليس مجرد مشاهدتها بشكل عابر، وهو عرض مغري، خاصة لمن يريد أن يسبح في يم الثقافة الإفريقية بروافدها الكثيرة.

وإلى جانب “العرض الموسيقي” الذي يقترحه الفنان التشكيلي المغربي على المشاهدين، فهو يمضي بهم من خلال هذه اللوحة في رحلة شيقة مع الرموز الإفريقية والإسلامية والعربية والحسانية والأمازيغية، بعد أن تم رصها في أشكال مستلهمة من الرياضيات الإسلامية، التي حولتها بعض الأيدي الآثمة إلى “طلاسم” تراد بها أشياء أخرى.

هذه الجدارية يرجع فيها الفضل، وفق حديث مصطفى الزوفري لـ”مدار21″ إلى “صاحب الجلالة لأنه من نبهنا إلى الهوية الثقافية وبدأ أنشطة العلاقات الثقافية مع الدول الإفريقية عبر متحف محمد السادس الذي نظم مجموعة من خصصت لإفريقيا، وكذلك من خلال وزارة الثقافة التي نظمت هذه السنة “الرابط عاصمة الثقافة الإفريقية”.

اهتمام الزوفري بالثقافة الإفريقية بدأ من أيام دراستها مع الطلبة الأفارقة منذ سنة 1984، حيث نظمنا معرض “الفن بألوان إفريقية”، قبل أن يحط الرحال بمدينة الرباط حيث فتح ورش، فكان من الطبيعي عند متابعته لما يجري بالمغرب، ومن موقعه كفنان تشكيلي يعيش ببلجيكا منذ 40 سنة، أن يشارك في الدينامية الثقافية التي تعرفها البلاد.

الجدراية جاءت باقتراح من الفنان التشكيلي مصطفى الزوفري على المؤسسة الوطنية للفنون التي رحبت بالفكرة، كما قبلت وزارة الثقافة تنظيم معرض بباب الرواح، والجدراية بمثابة إعلان أولي عن المعرض. ولا يخفي الفنان الزوفري سعادته بالإقبال الذي تعرفه الجدارية سواء من ناحية المواكبة الإعلامية وكذلك زيارات المواطنين وتفاعلهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

الرموز التي اختارها الزوفري هي رموز إفريقية، بما فيها العربية والأمازيغية والإسلامية والعبرية والحسانية، ويؤكد الفنان “هذه الرموز لا اختارها لتعبيرها المعنوي أو الديني أو الثقافي، بل كأشكال فنية بها جمالية يتم جمعها داخل مساحة مع إعطائها لون من اختياري مع تنظيمها”.

وعن طريقة تنظيم الرموز داخل هذه الجدراية، يؤكد أنه مستلهم من “أحد أنواع الرياضيات التي كان يتقنها المسلمون يتقنونه، لكن مع الأسف استخدمت هذه الرياضيات من طرف بعض “الفقهاء” في الطلاسم، وهي في الحقيقة تنظيمات توافقية هرمونية، كما يوجد من رفضوا تمييعها وأعادوا إنتاجها في لواحات، وأنا اشتغلت عليها بطريقة “الرقم الذهبي” الذي يعطي توازن في الأشكال والألوان”.

يضيف الزوفري “أشتغل على هذه الرموز كما يشتغل الموسيقي على النوتات، أشتغل عليها من الناحية الفنية وأحرص على أن يكون انسجام بينها لتؤثر على المشاهد كما تؤثر الموسيقى على المستمعين”، مضيفا أن هناك موزع فرنسي كبير اسمه بيير بوليز اشتغل على هذه المربعات التي لا تزال تحظى باهتمام في الغرب، ويتم من خلالها الاشتغال على أشكال كثيرة، وهي معروفة كذلك في الصحف ب”السودوكو”، وبينما حولها الفقهاء إلى حروف وأنتجوا بها الطلاسم بينما أحولها إلى أشكال وألوان أبدع بها الفن.

الألوان في جدارية “السمفونية الإفريقية” لديها خصوصيتها، حيث يفيد الزوفري “أنها ألوان ترابية، وإفريقيا معروفة بألوان لباسها وألوان الزرابي والأسوار المستمدة من الطبيعة، بينما هناك ألوان صناعية يتم استخدامها في السيارات، لكن نعود في هذه الجدارية إلى الألوان الأصلية دون استعمالها بطريقة تقليدية فيا الإبداع والتفطير والثقافة والبحث”.

وعلى غير العادة يذهب الزوفري إلى أن هذه الرسالة لا تحمل رسالة مبهمة أو أدبية أو تنطوي على بعد فكري “بقدر ما أن الرسالة أن يخصص المشاهد بعض الوقت، يلائم شهر من العمل أمضيته في إنجاز هذه الجدارية، لأنه لن ينتبها إلى أشياء كثيرة إذا مرة بجانب اللوحة مرور الكرام”.

اسم “السمفونية الإفريقية” ليس اسم اعتباطي بل هو اسم “لديه مهمته” وفق الفنان التشكيلي مصطفى الزوفري، مضيفا أنه يريد أن لهذه اللوحة أن “تُرى وتسمع، وأن تؤثر على المشاهد مثل تأثير الموسيقى، كما أريدها أن تُعاش وليس أن تتم مشاهدتها بطريقة عابرة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News