أخبار مونديال قطر | رياضة

أعباء الماضي وتحديات الراهن.. أزمة العلاقات المغربية الفرنسية تخيم على مواجهة الأسود للديكة

أعباء الماضي وتحديات الراهن.. أزمة العلاقات المغربية الفرنسية تخيم على مواجهة الأسود للديكة

بالرغم من رفض المدرب الفرنسي ديديي ديشان إقحام السياسة في الرياضة، وتأكيده أن مهام المدراء التقنيين لا تخرج عن المستطيل الأخضر، إلا أن مباراة المنتخب المغربي ضد نظيره الفرنسي، تحمل العديد من الأبعاد وخاصة السياسية والتاريخية، ما يجعلها أبعد من مجرد مقابلة في كرة القدم ضمن نصف نهائي كأس العالم قطر 2022، ويحولها إلى مواجهة مع مستعمر سابق لا يتوانى في ممارسة الضغط على المغرب باستخدام كافة الأوراق، آخرها ملف التأشيرات الذي لا تزال تداعياته مستمرة إلى اليوم.

ويدخل المنتخب الفرنسي إلى مواجهة المنتخب المغربي، معولا على الدفاع عن اللقب الذي حصده خلال الدورة السابقة التي أقيمت بروسيا سنة 2018، على أمل بلوغ نهائي كأس العالم لحصد اللقب الثاني على التوالي، بينما تراهن الدولة الفرنسية في الخفاء على استثمار هذا الإنجاز الكروي سياسيا، على المستوى الداخلي والخارجي، خاصة من طرف الرئيس إيمانويل ماكرون، الذي قرر حضور مقابلة منتخب بلاده ضد المنتخب بلاده، على غير عادة رؤساء الدول الذي يؤجلون هذا الحضور إلى المقابلة النهائية.

من الجانب المقابل يطمح المنتخب المغربي إلى مواصلة إنجازه التاريخي بكأس العالم قطر 2022، حيث لا تزال كتيبة وليد الركراكي ترفع رهان بلوغ نهائي كأس العالم للمرة الأولى في التاريخ العربي والإفريقي، بعد إزالة عقدة نصف النهائي، بينما يرى مغاربة في هذه المواجهة تحديا للمستعمر الفرنسي السابق وللبلد الذي يستمر في ابتزاز المغرب في وحدته الترابية بطريقة غير مباشرة من خلال اللعب على توازنات شمال إفريقيا وتوظيف أوراق الهجرة وغيرها.

ومن جهة أخرى يحوز المغرب على دعم كبير من طرف العرب والأفارقة خلال هذه المباراة، وهو دعم مستند من جانب على رفض الأفارقة والعرب للإرث الاستعماري الكبير الذي يرخي بظلالها بين الفينة والأخرى، سيما وأن مختلف البلدان الإفريقية عاشت استعمارا من طرف فرنسا وهي الأن ترفض تركة هذه الحقبة السوداء من إزهاق الأرواح ونهب الثروات.

ماكرون في مواجهة الجماهير

بينما أراد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تحميل مباراة منتخب بلاده ضد المنتخب المغربي أبعادا سياسية من خلال الإصرار على الحضور الشخصي في الدور نصف النهائي، انطلقت من جانب الجماهير العربية دعوات لتذكيره بمواقفه المعادية لرسول المسلمين محمد (ص)، بعد دفاعه عن الرسوم المسيئة بذريعة حرية التعبير، وهو ما يوسع دائرة رفضه لتشمل مختلف المسلمين من كافة الأعراق

ويرى كثيرون أن حضور إيمانويل ماكرون لمقابلة المغرب ضد فرنسا يشحن المباراة أكثر ويقدم حافزا أكبر للاعبين المغاربة لبدل جهد أكبر، والأمر نفسه بالنسبة للجماهير المغربية والعربية التي ستحج بكثافة لتشجيع الأسود، وهو الأمر الذي أبدى مدرب المنتخب الفرنسي ديديي ديشان وحارس المنتخب الفرنس هوغو لوريس تخوفاتهما منه في ندوة صحفية أخيرة قبل المباراة.

أزمة التأشيرات

يعد موضوع أزمة التأشيرات بين المغرب وفرنسا من أكثر الملفات المطروحة على طاولة النقاش، حيث يرتقب أن تزور وزيرة الخارجية الفرنسية كاثرين كولونا، الرباط يومي 15 و 16 دجنبر، مباشرة بعد اللقاء المرتقب، لمناقشة مسألة التأشيرات الشائكة وإعداد خطة لزيارة الرئيس إيمانويل ماكرون في يناير.

وكانت وكالة الأنباء الفرنسية قد كشفت أن الوزيرة ستصل مساء الخامس عشر دجنبر وستجري مقابلة في اليوم التالي مع نظيرها ناصر بوريطة. وأضافت متحدثة باسم الخارجية، حسب ما نقلته الوكالة “سيناقشون جميع مواضيع العلاقة المختلفة” مستشهدة بشكل خاص بملف التأشيرة.

وقالت “أفريكا إنتجلس”، الأسبوع الفارط، إن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سيزور المغرب، يناير المقبل، وذلك بعد أزمة صامتة بين البلدين استمرت لأشهر. وكان نفس المصدر، قد كشف بداية نونبر الجاري أن ماكرون أجرى اتصالا مع الملك محمد السادس، وعبر خلاله عن رغبته في زيارة الرباط، و”وهو ما تفاعل معه الملك بشكل إيجابي”، تضيف الصحيفة ذاتها.

وشهدت العلاقات بين البلدين “أزمة صامتة” وصلت أشدها بعد تعيين الملك لسفير المملكة بباريس، محمد بنشعبون، على رأس مؤسسة محمد السادس للاستثمار، حيث واعتبر خبراء ومحللون، أن خطوة التعيين ليست اعتباطية، بل جاءت ردا على مغادرة سفيرة فرنسا بالمغرب، هيلين لوغان، وإعلان تعيينها بالاتحاد الأوروبي، ليعيش البلدان “فراغا دبلوماسيا”.

وفي 28 شتنبر 2021، أعلنت الحكومة الفرنسية، في بيان لها تشديد شروط منح التأشيرات لمواطني المغرب والجزائر وتونس بدعوى “رفض الدول الثلاث إصدار التصاريح القنصلية اللازمة لاستعادة مهاجرين من مواطنيها”، وجاء الرد سريعا من ناصر بوريطة، وزير الخارجية المغربي، وفي اليوم ذاته، في مؤتمر صحفي بالعاصمة الرباط، ومعبرا عن استنكاره للقرار الفرنسي ووصفه بـ”غير المبرر”.

الإرث الاستعماري

بالرغم من مرور عقود من الزمن على الاستعمار الفرنسي للمغرب إلا أن الذاكرة المغربية لا تزال محملة بجراح الأمس، ما يجعل من مواجهة المنتخب المغربي للمنتخب الفرنسي مواجهة لمنتخب “مستعمر سابق”، الأمر الذي يخلق دوافعا أكثر للرفع من التنافسية خلال هذه المباراة.

ليس وحده المغرب من يجر خلفه أثار الماضي الاستعماري، بل أن العديد من البلدان الإفريقية تقاسم المغرب المصير نفسه، والأمر نفسه بالنسبة لمجموعة من البلدان العربية، ولا سيما في شمال إفريقيا، ما سيوحد جماهير هذه البلدان خلف المنتخب المغربي في مواجهة لنظيره الفرنسي، حيث يرى الملايين في المباراة فرصة لإعادة الاعتبار الرمزي لهذه البلدان.

مغاربة فرنسا

الجالية المغربية والعربية والإفريقية بفرنسا تشكل السواد الأعظم من المهاجرين ونشي مهمة من المواطنين الحاملين للجنسية، غير أن قلوب هؤلاء جميعا توجد مع المغرب خلال هذه المباراة الحاسمة، ولعل الاحتفالات السابقة بتأهل المغرب على حساب المنتخبين الإسباني والبرتغالي، كانت خير مقياس، ما أفزع اليمين المتطرف.

وهاجم اليمين المتطرف المهاجرين المغاربة خاصة الحاملين للجنسية الفرنسية، بعد احتفالاتهم بشوارع فرنسا بمنتخب بلدهم الأصل عوض الاحتفال بالمنتخب الفرنسي الذي فاز في نفس اليوم على نظيره الإنجليزي.

وتأتي تصريحات اليمين المتطرف في وقت يقابل المنتخب المغربي نظيره الفرنسي ضمن دور نصف النهائي، الأربعاء، الأمر الذي دفع إلى اعتبارها محاولة للضغط على مغاربة فرنسا وتخويفهم من تشجيع بلادهم ضمن هذه المنافسة، والتمهيد للتشديد على مشاهدتهم للمباراة المذكورة بإجراءات أمنية مكثفة.

واعتبر اليميني المتطرف إيريك زمور، المرشح للرئاسيات الفرنسية، في مقابلة على تلفزيون “BFMTV”، أن خروج المغاربة الفرنسيين للاحتفال في فرنسا بعد تأهل المنتخب المغربي انتهى بأعمال شغب، متسائلا: كيف كانت السلطات المغربية لتتعامل إذا خرج في مراكش آلاف الفرنسيين للاحتفال بفوز المنتخب الفرنسي؟.

وانتقد السياسي المتطرف إيريك زمور المهاجرين المغاربة الذين خرجوا يحتفلون بفوز المنتخب المغربي على نظيره البرتغالي مع العلم أنهم حاملون للجنسية الفرنسية، دون أن يحتفلوا مع فرنسا علما أن منتخبها فاز في اليوم نفسه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News