المنتخب المغربي | تاريخ الكان | رياضة

منير المحمدي.. “النادل” الذي قَبِل بدكة بدلاء “الأسود” وجدار صد مغربي فَرْمَلَ “الشياطين الحمر”

منير المحمدي.. “النادل” الذي قَبِل بدكة بدلاء “الأسود” وجدار صد مغربي فَرْمَلَ “الشياطين الحمر”

بعد اضطرار ياسين بونو، الحارس الأول للمنتخب المغربي، إلى مغادرة أرضية الملعب قبل إطلاق صافرة البداية في المباراة أمام بلجيكا، تفاجأ الجمهور المغربي مع أول اختبار لحراسة مرمى “الأسود” بتواجد منير المحمدي مكانه. ساد التخوف عند البعض، لكن من يعرفون قيمة هذا الحارس، منذ مونديال روسيا 2018، لم تتزعزع ثقتهم أو إيمانهم بأن “عرين الأسود” سيكون في مأمن.

منير المحمدي، اللاعب المغربي ذو الـ33 ربيعا، قَيِل أن يجلس على دكة بدلاء أسود الأطلس بعد أن كان حارسا أول، إثر سطوع نجم زميله ياسين بونو في “الليغا” الإسبانية، لكن ذلك لم ينقص من تقدير الجماهير له، كما لم يمس باستعداده لخوض اللقاءات، ما جعله يلبي نداء الواجب أمام بلجيكا فأحسن البلاء.

دخل منير المحمدي بسرعة في أجواء المنافسة، وكان أحد نجوم اللقاء ضد منتخب “الشياطين الحمر” بعد تمكنه من تحييد مجموعة من الهجمات، إضافة إلى كونه صاحب التمريرة التي ساهمت في صناعة الهدف الثاني للمنتخب الوطني المغربي، ما جعله محل إشادة واسعة من طرف الجماهير المغربية التي آمنت بأنه أهل للمهمة وقادر، ليس فقط على تعويض بونو، بل على لعب دوره كاملا في حماية مرمى “الأسود” في مباراة مصيرية.

قصة منير تخفي كثيرا من الكفاح والتحدي للوصول إلى تمثيل المنتخب الوطني المغربي في المونديال، فقبل سنتين فقط من موعد روسيا 2018 الذي كان شاهدا على تألقه، كان يشتغل نادلا بمطعم عائلته، وبصم على تجربة متوسطة بداية من أندية الدرجة الثانية بإسبانيا، غير أنه ظل مؤمنا بحظوظه، متمسكا بأهدافه.

جذور مغربية وعشق للمستديرة

ولد منير المحمدي بتاريخ 10 ماي 1989، في مدينة مليلية المحتلة، وعاش بإسبانيا، لكن ذلك لم يباعد بينه وبين جذوره المغربية، التي تشبث بها، وسط عائلته المنحدرة من مدينة الناظور، التي ظلت متمسكة بتقاليدها وأصولها العربية الأمازيغية المسلمة رغم امتلاكها الجنسية الإسبانية، فزرعت بذلك حب الوطن بابنها.

جزء من نجاح الحارس المغربي منير المحمدي يعود إلى والده الذي قربه من لعبة كرة القدم، ذلك أنه كان هو الآخر لاعبا لكرة القدم، واحترف مع نادي توب أوس الهولندي، قبل أن يعود إلى الاستقرار بمليلية المحتلة.

انطلقت قصة منير المحمدي مع كرة القدم وحراسة المرمى بالخصوص منذ صغر سنه، ما جعله محط أنظار مجموعة من الأندية التي سعت إلى ضمه، لينطلق مشواره مع نادي كويتا عام 2008، ثم نادي ألميريا في الموسم الموالي، ليبلغ اللعب في دوري الدرجة الثالثة بين 2010 و2014 ويخوض 74 مباراة أساسياً.

ونظرا لارتباطه القوي مع المغرب، بدأت مسيرة المحمدي مع المنتخب الأول منذ استدعائه شهر مارس 2015، من طرف المدرب بادو الزاكي لقائمة المباراة الودية أمام الأوروغواي، التي كانت أول مشاركة له، لتبدأ بعدها قصة ارتباط امتدت لسنوات.

نادل بمطعم وإحساس المونديال

في إحدى المقابلات المصورة، كشف منير المحمدي أنه كان يعمل نادلا في مطعم العائلة قبل سنتين من استدعائه لمونديال روسيا، موضحا “لم أكن أتخيل أنني سأصل إلى هناك بهذه السرعة، أي أن يتحقق ذلك في غضون سنتين كان بالنسبة لي أشبه بحلم يتحقق”.

واعتبر مشاركته في النسخة الماضية لكأس العالم “روسيا 2018” بمثابة جائزة تقدير على كل العمل الذي بذله لفترة طويلة، مضيفا أن الاستدعاء “لم يمر في ذهني يوما وما كنت أتخيل أن أحصل عليه يوما، ولكن كان هدفا كامنا حددته لنفسي آملا أن أصل إليه يوما ما مدركا أن الطريق نحوه معقدة”.

ويصف المحمدي شعوره خلال مونديال روسيا قائلا: “إنه أمر لا يمكن شرحه أحيانا. شعور لا مثيل له بأنك تلعب لبلدك.. مختلف عن شعور كونك تلعب مع النادي الذي تنتمي إليه، لأنك في نهاية المطاف تدافع عن جذرك ودمك وأصلك وعائلتك وأصدقائك، والوصول إلى كأس العالم بالنسبة لي أكبر إنجاز رياضي حققته”.

ويضيف: “ما أحتفظ به من كأس العالم في روسيا هي لحظات رأيت فيها أناسا كثيرين يملؤون الملاعب، والملعب الملوّن بالأحمر، وعلم بلادنا يرفرف، شعرنا بفخر عظيم بتمثيل علمنا وبلدنا، لا سيما بعد 20 سنة من المحاولة قبل تحقيق هذه التأهل للمونديال، كانت أروع لحظة أعيشها”.

مسيرة التألق مستمرة

قدم المحمدي أداء مشرفا خلال مونديال 2018 بروسيا، مساهما بذلك في التوقيع على إحدى أبرز المشاركات المغربية في هذه المنافسات العالمية، ذلك أنه لم يتلق إلا هدفا وحيدا خلال مختلف مراحل تصفيات مونديال روسيا، كما وصل المحمدي قبلها إلى دور ربع نهائي كأس إفريقيا بالغابون رفقة المنتخب الوطني، وكانت المرة الأولى التي تصل فيها النخبة المغربية إلى هذا الدور في 13 عاما الأخيرة.

وانتقل المحمدي سنة 2018 نحو نادي نومانسيا، واستمر معه موسمين، وبعدها رحل صوب نادي هاتاي سبور التركي، ليستقر في آخر تجربة لا تزال مستمرة مع نادي الوحدة السعودي.

وبينما كانت مشاركة المحمدي خلال مونديال قطر 2022 غير متوقعة، نظرا لجاهيزية وتألق ياسين بونو، شارك ضد بلجيكا بعد إصابة هذا الأخير، ليوقع على واحدة من أفضل مشاركاته، التي ستجعله خالدا في مخيلة الشعب المغربي، لمساهمته في صنع فرحة كبيرة، قربت المنتخب الوطني من حلم العبور إلى الدور الثاني بكأس العالم، الإنجاز الغائب عن المغرب منذ 1986.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News