ناقد مصري: الرقابة على الأعمال المصرية منحت لصناعها فرصة ابتكار المواضيع

الحرية، كانت ولا زالت المطلب الملح للإنسان منذ بدء عيشه على الكرة الأرضية حرية أن يفكر ويعبر وأن يلتقي بالعالم دون قيود أو حدود، ولعل الفن باب لجأ إليه الكائن البشري بهدف التعبير بحرية على مطالبه ورغباته وأفكاره.
الرقابة الفنية وسيلة حدت من حرية الكثيرين من صناع الأفلام والمسلسلات وفرضت عليهم تفادي المحظور في مشاريعهم الفنية والتي تكون أغلبها موجهة إلى عموم الناس، فبالرغم من فرض رقابة مهذبة على السينما مقارنة بالمشددة على التلفزيون إلا أنها تغير الكثير من المحتويات السينمائية والدرامية بحضورها أو بغيابها.
وفي الجهة المعاكسة، يبقى حضور الرقابة أساسيا بمنعه للأعمال الدرامية والسينمائية من الانسياق للمحتوى المثير للجدل والتركيز على مواضيع يستلطفها المشاهد ولا ينزعج من مشاهدته لها، وإن تحدثنا عن الرقابة القاسية عربيا سنشير إلى مصر التي قطعت فيها الرقابة أشواطا كبيرة نحو تحسين جودة المنتوج الفني المصري. وهذا ما سيوضحه الناقد المصري أسامة سعيد في حوار مع جريدة “مدار 21″، بالإضافة إلى تطرقه لإيجابيات تطبيق هذه الرقابة القاسية على الأعمال المصرية.
نص الحوار:
في نظرك، هل عملت الرقابة في مصر على الحد من حرية الإبداع في الأعمال الدرامية والسينمائية من قبل صناعها؟
لم ترسم الرقابة حدودا معينة للمواضيع التي كانت تعالجها الأعمال المصرية قديما، إلا أنها كانت تركز في الأساس على المحتوى الذي يتضمن خدشا للحياء، ومشاهد غير مناسبة للجمهور الناشئ، بعيدا عن حظرها عرض مواضيع جريئة، فعلى سبيل المثال شهدت سنة 1975 عرض فيلم الكرنك، والذي حمل طابعا سياسيا مسلطا الضوء على التعامل العنيف للشرطة المصرية اتجاه المعارضين والمحتجين وهذا خير مثال على قبول الرقابة للأفكار الجريئة، وجاءت بعدها أشرطة سينمائية قدمت فترات صعبة عاشتها مصر، لتأتي بعدها أعمال سلطت الضوء على حياة المراهقين المصريين بواقعية كبيرة، لذلك فالرقابة المصرية ترفض طرح الجرأة في المشاهد وليست في المواضيع.
ما الأسباب التي فرضت على الرقابة تشديد قوانينها على صناع الأعمال المصرية في السنوات الأخيرة؟
لعل أبرزها معالجة أفلام في حقب سابقة لمواضيع متعلقة بالدين، فيحرص المسؤولون بالرقابة دوما على عدم إهانة الأعمال للدين، خاصة وأن معالجة مثل هذه المواضيع إلى جانب المحتوى المخل بالحياء العام تثير الجدل سريعا على مواقع التواصل الاجتماعي والتي أصبحت غائبة في الأفلام الحالية مقارنة مع المنسوبية التي كانت عليها سابقا.
ما الإيجابيات والسلبيات التي تراها في تطبيق هذه الرقابة القاسية على الأعمال المصرية؟
من أهم الإيجابيات أنه يتسنى للجميع مشاهدة أعمال نظيفة خالية من أي محتوى مزعج للمشاهد، فبفضل الرقابة يمكنه التعاطي لمشاريع درامية وسينمائية تتناول مواضيع مثيرة للاهتمام شاغرة من كل الشوائب، ويستطيع كل مشاهد تلقيه بإيجابية.
هل الرقابة في رأيك، ساهمت في التطوير من جودة الأعمال المصرية؟
لا شك في أن الرقابة فرضت بشكل أو بآخر على صناع الأعمال المصرية التركيز بشكل أساسي على المواضيع الذين يعالجون في أفلامهم، والابتعاد عن كل المشاهد الإضافية والتي لا تحمل في طياتها أي هدف سوى الإغراء وإثارة الجدل، لذلك أضحت الرقابة عاملا مطورا للأعمال المصرية، فلن نجد الآن مشهدا مخلا بالحياء في أي فيلم سينمائي أو مسلسل تلفزيوني مصري، ولا ألحظ شخصيا تأثرا للسينما المصرية بهذا التقيد بل في كل فيلم تجد فكرة متجددة ومغايرة عن فكرة الفيلم الذي سبق.