سياسة

دول العالم تترقب بـ”قلق كبير” الوضع السياسي في تونس

دول العالم تترقب بـ”قلق كبير” الوضع السياسي في تونس

بين القلق، الترقب والإدانة، تتوالى ردود الفعل الإقليمية والدولية بشكل متفاوت على الأزمة السياسية التي تشهدها تونس، عقب قرار الرئيس التونسي قيس سعيد إقالة الحكومة وتجميد البرلمان وتولي مهام السلطة التنفيذية، ما استأثر باهتمام عدد من الحكومات والقوى الدولية الداعية إلى تغليب صوت الحكمة والمنطق، للسير بتونس الياسمين نحو بر الأمان، كل واحدة حسب توجهها، في وقت التزمت دول أخرى الصمت على غرار المغرب.

وفي وقت تهرّب رئيس الحكومة المغربية، سعد الدين العثماني، من التعليق على الأحداث الطارئة في تونس، على هامش تقديم البرنامج الانتخابي لحزبه، مساء أمس الإثنين، بأحد فنادق الرباط، مبررا موقفه بكون “هذا موضوع وزارة الخارجية التي يمكن لها أن تتحدث فيه”، أبدت عدد من الدول قلقها إزاء إقالة الرئيس التونسي، قيس سعيّد، لرئيس الحكومة على غرار الولايات المتحدة الأمريكية التي دعت إلى احترام “المبادئ الديمقراطية” في البلاد التي تعد مهد “الربيع العربي”.

وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، جين ساكي: “نحن قلقون إزاء التطورات في تونس”، وأعلنت أن “التواصل قائم على أعلى مستوى” وأن واشنطن “تدعو إلى الهدوء وتدعم الجهود التونسية للمضي قدما بما يتوافق مع المبادئ الديموقراطية.”

وقالت إن الولايات المتحدة لم تحدد بعد ما إذا كان الوضع في تونس يعد “انقلابا”، وإن الخارجية تنظر في المسألة من جوانبها القانونية.

كما دعت الخارجية الأمريكية جميع الأطراف في تونس إلى تجنب اتخاذ أي إجراءات تؤدي “لخنق الخطاب الديمقراطي”، مضيفة في بيان أنها أكدت للمسؤولين التونسيين أن حل المشاكل السياسية والاقتصادية يجب أن يستند للدستور.

وأعربت الخارجية الأميركية عن انزعاجها الكبير أيضا من إغلاق مكاتب وسائل إعلام في تونس عقب القرار، مشيرة إلى أن الوزير أنتوني بلينكين اتصل بالرئيس سعيّد، وأبلغه أن الولايات المتحدة ستواصل مراقبة الوضع، وشجّعه على التمسك بمبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان التي تشكل أساس الحكم في تونس، بحسب البيان.

من جانبه، قال السيناتور الديمقراطي الأميركي بوب مينينديز إنه قلق للغاية بشأن التقارير القادمة من تونس، مضيفا في تغريدة أنه يأمل أن تسود الروح الديمقراطية الوليدة والملهمة في تونس، وألا تلجأ الأطراف إلى العنف، مشددا على أن السلام يجب أن يسود.

وعبر السيناتور الديمقراطي كريس ميرفي عن قلقه الكبير بشأن “الاضطرابات السياسية والعنف في تونس”، ودعا الأطراف السياسية إلى الجلوس إلى طاولة المفاوضات لإيجاد حل للأزمة وحماية حقوق المحتجين، مشيرا إلى أن واشنطن يجب عليها أن توضح لتونس حاجتها إلى جدول زمني واضح للعودة إلى الحياة الطبيعية وسيادة القانون وفقا للدستور.

ولم تفوت تركيا، فرصة التنديد بقرارات الرئيس التونسي، واصفة إياها بـ”الانقلاب غير الشرعي الذي تجب مواجهته.”

وعلق المتحدث باسم الرئاسة إبراهيم قالين قائلا: “نرفض تعليق العملية الديمقراطية وتجاهل الإرادة الديمقراطية للشعب التونسي الصديق والشقيق، وندين المبادرات التي تفتقر للشرعية الدستورية والدعم الشعبي، ونعتقد أن الديمقراطية التونسية ستخرج أقوى من هذه العملية”.

كما قال رئيس البرلمان التركي، مصطفى شنطوب، إن “ما يحدث في تونس يبعث القلق، وكل قرار يمنع عمل البرلمان والنواب المنتخبين يُعد انقلابا على النظام الدستوري، وكل انقلاب عسكري/بيروقراطي فعل غير شرعي، كما هو غير شرعي بتونس. الشعب التونسي سيدافع عن القانون والنظام الدستوري”.

وقال رئيس دائرة الاتصال بالرئاسة فخر الدين ألتون: “تركيا دائما تقف مع الديمقراطية ومع الشعوب في كل مكان، لقد عانينا كثيرا في الماضي، حين لم يتم نقل السلطة عن طريق الانتخابات، لذا فإننا نشعر بالقلق إزاء آخر التطورات بتونس، ونؤكد وجوب استعادة الديمقراطية من دون إبطاء”.

وعلى المستوى الأوروبي، تفاعلت الدبلوماسية الفرنسية، أمس الإثنين، مع الأحداث في تونس مشدّدة على أنها تأمل “عودة المؤسسات إلى عملها الطبيعي” في تونس “في أقرب وقت”.

وقالت المتحدثة باسم الخارجية الفرنسية إن فرنسا “تدعو أيضا جميع القوى السياسية في البلاد إلى تجنب أي من أشكال العنف والحفاظ على المكتسبات الديموقراطية للبلاد”.

بدورها، دعت الأمم المتحدة إلى حل جميع النزاعات والخلافات في تونس عبر الحوار، وحثت جميع الأطراف في البلاد على ضبط النفس والامتناع عن العنف.

وفي مؤتمر صحفي، سئل فرحان حق نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة عما إذا كان متخوفا من تمدد رقعة التوتر لتشمل جيران تونس، فقال إن الوضع في المنطقة غير مستقر ولا يحتمل المزيد من الاضطرابات.

وفي ذات السياق، شدد الاتحاد الأوروبي في بيانه الموجه إلى الأطراف السياسية الفاعلة في تونس على ضرورة احترام الدستور وتجنب الانزلاق إلى العنف.

وقالت متحدثة باسم المفوضية الأوروبية “نتابع عن كثب أحدث التطورات في تونس”داعية “كافة الأطراف إلى احترام الدستور ومؤسساته وسيادة القانون، كما ندعوهم إلى التزام الهدوء وتجنب اللجوء إلى العنف حفاظا على استقرار البلاد”.

وألمانيا، من جانبها تفاعلت مع أحداث تونس من خلال المتحدثة باسم الخارجية ماريا أديبهر، التي قالت إن بلادها تأمل عودة تونس “في أقرب وقت ممكن إلى النظام الدستوري”.

واعتبرت أن “جذور الديمقراطية ترسّخت في تونس منذ 2011″، في إشارة إلى الثورة الشعبية التي أطاحت بالرئيس الراحل زين العابدين بن علي.

وأوضحت أن بلادها “قلقة للغاية” مما جرى، لكن “لا نودّ الحديث عن انقلاب”، مضيفة “سنحاول بالتأكيد نقاش (الوضع) مع السفير التونسي” في برلين، كما أن “سفيرنا في تونس جاهز للانخراط في مباحثات”.

روسيا هي الأخرى تفاعلت مع تونس من خلال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، الذي قال -في تصريح مقتضب- إن بلاده تراقب التطورات في تونس.

وأضاف -في مؤتمره الصحفي اليومي عبر الهاتف- “نأمل ألا يهدد شيء استقرار وأمن شعب ذلك البلد”.

وعلى المستوى العربي، دخلت اليمن على الخط عبر القيادي بالجناح السياسي للحوثيين محمد علي الحوثي مخاطبا سعيّد عبر تويتر “العمل على اللحمة الداخلية والحفاظ على الوطن هو المعيار الحقيقي لأي معالجات”.

وفي السياق ذاته، أكد الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين اليوم الاثنين أن “الانقلاب” على إرادة التونسيين والمؤسسات المنتخبة واتخاذ إجراءات أحادية “أمر خطير ولا يجوز شرعا”

وقال الاتحاد في بيان “نؤكد حرمة الاعتداء على العقد الاجتماعي الذي تم بإرادة الشعب التونسي، وينظم العلاقة بين الرئاسة ومجلس النواب ورئاسة الوزراء ويحافظ على مكتسبات الشعب في الحرية وسيادة القانون ورفض الاستبداد والدكتاتورية والتضحية بدماء البررة من الشعب التونسي”.

وأعلنت الجارة الشرقية لتونس ليبيا، من خلال رئيس المجلس الأعلى للدولة الليبي خالد المشري رفضها ما اعتبره “انقلابا” على الأجسام المنتخبة.

وقال المشري -عبر حسابه الرسمي على فيسبوك- “فبراير 2014 انقلاب (اللواء الليبي المتقاعد خليفة) حفتر، و25 يوليو 2021 انقلاب قيس (سعيّد) ما أشبه الليلة بالبارحة”. وأضاف “نرفض الانقلابات على الأجسام المنتخبة وتعطيل المسارات الديمقراطية”.

من جهتها، دعت قطر أطراف الأزمة في تونس إلى “إعلاء مصلحة الشعب التونسي الشقيق، وتغليب صوت الحكمة، وتجنب التصعيد وتداعياته على مسيرة تونس وتجربتها التي نالت الاحترام في المحيطين الإقليمي والدولي”.

عبرت‏‎ الخارجية -في بيان- عن أمل قطر في أن تنتهج الأطراف التونسية طريق الحوار لتجاوز الأزمة وتثبيت دعائم دولة المؤسسات وتكريس حكم القانون في الجمهورية الشقيقة.

وكالة الأنباء السعودية، هي الأخرى قالت إن وزيري الخارجية السعودي والتونسي تحدثا عبر الهاتف وبحثا الوضع الراهن في تونس، مشيرة إلى أن الوزير السعودي أكد على “حرص المملكة على أمن واستقرار وازدهار الجمهورية التونسية الشقيقة ودعم كل ما من شأنه تحقيق ذلك”.

من جهتها، قالت وزارة الخارجية الكويتية في بيان إن وزير الخارجية التونسي اتصل هاتفيا بنظيره الكويتي لإطلاعه على التطورات الراهنة في تونس.

وقالت الجامعة العربية في وقت سابق إن وزير الخارجية التونسي أطلعها أيضا على الموقف ودعت لعودة الاستقرار والهدوء في تونس.

وأفاد بيان للرئاسة الجزائرية بأن الرئيس عبد المجيد تبون تلقى اتصالا هاتفيا من نظيره التونسي.

وذكر بيان الرئاسة أن تبون وسعيد تحدثا عن تطورات الأوضاع في تونس وسبل تعزيز العلاقات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News