الراشدي يُعري “أعطاب” الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد

كشفت الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، عن نتائج خلاصات تحليلها وتقييمها، للاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، التي جرى إطلاقها في 2015، مشيرة إلى ما وصفته  بـ”الوضع الغير مرضي” لتطور الفساد في المغرب وإلى الإشكالات والملاحظات التي طرحتها هذه الاستراتيجية، سواء فيما يتعلق بالمقاربة أو فيما يتعلق بهيكلتها ومضامينها.

وخلال جلسة العمل المخصصة لتقييم الخطة الوطنية لإصلاح الإدارة بمجلس النواب، أكد محمد بشير الراشدي رئيس هيئة محاربة الرشوة ، أن هذا الإطار “يحتاج إلى إعادة التأطير ودعمه وتعزيزه وتوجيه أولوياته، بما يضمن تحقيق الالتقائية والتماسك ودعم النتائج بالنسبة لمجموع الفاعلين في القطاعين العمومي والخاص وفي المجتمع المدني”.

وفي السياق ذاته، شدد الراشدي على ضرورة إعادة هيكلتها، وتدقيق مضامين برامجها ومشاريعها، ومراجعة إطار حكامتها، وآليات تتبعها والإشراف عليها، بهدف تحسين نجاعتها وتقوية آثارها الإيجابية على الفئات المستهدفة.

وأوضح، أن الهيئة في تقييمها لهذه الاستراتيجية، وقفت  على مجموعة من الأعطاب وراء الحد من نتائجها ووقعها المنشود، خاصة على مستوى هيمنة الإنتاج التشريعي والتنظيمي دون استثماره وانصهاره في إطار مشاريع وبرامج شمولية ومهيكلة، وعلى مستوى نقص الالتقائية والترابط القوي والواضح للأدوار بين مختلف المتدخلين.

وسجل الراشدي، غياب البعد المندمج للمشاريع، والنقص الملحوظ في مواكبة وتدعيم بعض المشاريع ذات الأثر الملموس، وطغيان الطابع القطاعي العمودي على معظم المشاريع في غياب الطابع العرضاني والالتقائية بين القطاعات، وعدم فعالية بعض حلقات حكامة الاستراتيجية، وافتقاد البعد التقييمي وقياس الأثر.

إضافة إلى ذلك، أشار رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، إلى غياب بعض المحاور الأساسية والمؤثرة كالفساد المرتبط بالحياة السياسية والمسار الانتخابي وغيرها من العوائق التي يمكن الاطلاع عليها بتدقيق في التقرير الذي خصصته الهيئة لهذا الموضوع.

وأضاف أنه “انطلاقا من التقييم المذكور، واقتناعا منها بضرورة توخي الانسجام والتكامل والوضوح على مستوى التصور والبرمجة، واستهداف الفعالية والأثر الملموس والوقع الإيجابي على المواطنين، قدمت الهيئة توصياتها للنهوض بمقومات الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد.

وأوضح أن توصيات الهيئة، تمحورت بشكل خاص حول أهمية الخروج بالنسبة لكل برنامج بمخطط عمل شامل يضمن التجانس والوضوح، واعتماد مخطط عمل سنوي يحدد الأولويات ويترجم إلى مشاريع مهيكلة أفقية ومجالية، وتطوير نظام للمؤشرات يشمل مختلف أبعاد الاستراتيجية، والارتقاء بنظام حكامة الاستراتيجية لضمان وضوح الرؤية والانخراط الشامل.

ودعت الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، إلى النهوض بالتعبئة المدعومة مباشرة من طرف كبار المسؤولين، وتبنِّي منهجية موحدة وفعالة في إدارة المشاريع، مدعومة بمنصة تشاركية مقرونة بالمؤشرات الناجعة التي تُمكِّن من التتبع وقياس النتائج المحققة.

ولفت الراشدي، إلى أن تقرير الهيئة حظي بالمصادقة من طرف أعضاء اللجنة الوطنية لمكافحة الفساد، المُجتَمِعَة برئاسة رئيس الحكومة بتاريخ 15 فبراير 2019، وتم اعتماد التقرير المذكور كورقة توجيهية ومؤطرة للاستراتيجية، مع تأكيد الالتزام القوي لمختلف الأطراف المعنية من أجل ضمان نجاحه.

وفي المقابل سجل، أن الهيئة، رصدت فيما بعد فتورا في تنزيل مضامين هذه الورقة التوجيهية، خاصة على مستوى الإشراف والتنسيق، بما رسخ العودة الى تَغْليب البعد القطاعي وحال دون ضمان إطلاق وتتبع المشاريع المسطرة كأولويات في برنامج العمل السنوي، وبالتالي لم يتحقق التقدم بالمستوى المطلوب لا في إنجاز مخط عمل أولويات 2019 ولا في مخطط 2020 الذين وضعا بشراكة مع مختلف القطاعات والسلطات المعنية.

وخلص الراشدي، إلى أن تقييم نتائج انجاز الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، يفضي إلى أن عددا كبيرا من المشاريع تم تنفيذها كليا أو جزئيا، “لكن لا يزال يتعذر الوصول إلى الأهداف الاستراتيجية والتنفيذية القادرة على تحقيق التغيير المستهدف، إلى أن اللجنة الوطنية لمكافحة الفساد، منذ تأسيسها، لم تعقد إلا اجتماعين إثنين، كان آخرُهما اجتماع 15 فبراير 2019.

واعتبر أن النقائص المسطر في تقارير الهيئة في هذا الموضوع تبقى قائمة، خاصة فيما يتعلق بحكامة الاستراتيجية والتعبئة المطلوبة على جميع المستويات بما يضمن تحديد ووضع وإنجاز الأولويات المهيكلة وذات الوقع، مع مسايرة وضمان بلوغ الأهداف المبرمجة واستثمارها في إطار ديناميكية مبنية على تراكمات مؤسسة وواعدة.