رأي

الغزو الروسي و6 آثار جيوسياسية مُحتملة

الغزو الروسي و6 آثار جيوسياسية مُحتملة

بعد مرور 6 أيام على بداية الغزو الروسي، يمكننا تقديم قراءة في بعض الآثار الجيوسياسية التي تلوح في الأفق انطلاقا من تطورات الوضع الميداني في علاقته الوثيقة بالأهداف الاستراتيجية التي يسعى كل طرف إلى تحقيقها على المدى البعيد.

-بوتين ينجح في توحيد الشعب الأوكراني ضد روسيا وقد يضاعف من تمثلات العداء لدى الأوكرانيين ضدها لعقود، كما يقيم الدليل بالفعل على وجود أمة أوكرانية قائمة عكس السردية التي يروج لها بالقول.

-التفوق العسكري الروسي يواجه مقاومة أوكرانية شرسة ويعرقل خطة المراهنة على الحرب الخاطفة وإسقاط النظام في كييف. لأن كل ساعة حرب إضافية تُقرب روسيا من الهزيمة السياسية حتى وإن سيطرت ميدانيا وتفوقت عسكريا!

-الغزو الروسي ينجح في توحيد أوروبا ضد موسكو وضد سياسة الكرملين، ويدفع ألمانيا الحذرة والمتوازنة عادة ودول أوروبية أخرى إلى دعم الأوكرانيين بالعتاد والسلاح.

-الحرب الدائرة وما يرافقها من مخاطر محدقة بالأمن الأوروبي تخرج حلف الناتو من الأزمة الوجودية التي عاشها خلال السنين الأخيرة، إذ سبق للرئيس الفرنسي ماكرون أن شبَّه حالة الناتو بحالة “الموت السريري”. ويبدو أن غزو أوكرانيا يمنح لحلف الناتو غاية وجودية ستعزز لا محالة من مشروعيته في أعين الأوروبيين.

-أبعد من ذلك، هذه الحرب قد تتحول لأكبر خطأ استراتيجي يرتكبه بوتين لأنها قد تُفضي إلى نهاية سياسة الحياد لدول فنلندا والسويد ومولدافيا وأن تطالب هي الأخرى بالانضمام عاجلا إلى حلف الناتو خاصة مع وجود رأي عام داعم لهذه الخطوة الاستراتيجية داخل هذه الدول.

-الغزو الروسي يدفع بالمزيد من الأوكرانيين إلى الإيمان بأن مستقبلهم لن يكون إلا داخل الاتحاد الأوروبي وأن ضمان أمنهم رهين بانضمام بلدهم لحلف الناتو. وسيُشكل الانضمام المُحتمل لأوكرانيا إلى الناتو بعد انتهاء الحرب بمثابة كارثة جيوسياسية عظمى بالنسبة لروسيا ونهاية لتطلعات إعادة أمجاد الإمبراطورية الروسية.

ويبقى السؤال هو: هل ستَعدِل روسيا عن طموحها في أن تكون القوة الأوروبية العظمى وبدل ذلك الاتجاه شرقا نحو الصين في علاقة غير متكافئة اقتصاديا وبشريا مع العملاق الصيني؟ أم أن بوتين الذي قد يبقى نظريا رئيسا لروسيا إلى غاية 2036 لن يدير وجهه لأوروبا وسيسعى إلى كسب تسوية سياسية تحافظ على مذهب “الفنلندة” (Finlindisation) أي منع توسع حلف الناتو وضمان حياد جيرانه الغربيين؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News