ثقافة

“لا تنظروا إلى أعلى”..نظام التفاهة في محكمة النجوم

“لا تنظروا إلى أعلى”..نظام التفاهة في محكمة النجوم

اقترن النظر إلى أعلى، إلى السماء، بالتفكير والتأمل واستجلاء الحقائق والتدبر وطلب الحقيقة، لكن في فيلم “لا تنظروا إلى أعلى” يصير هذا النظر محط خلاف وتشكيك وانقسام شعبي رغم أن رصد كارثة عظمى تتهدد البشرية لا يتطلب غير رفع البصر قليلا إلى العلياء.

هذه هي المفارقة القاتمة التي تؤرق عالمي الفلك راندال ميندي وكايت ديبياسكي (يؤدي شخصيتهما ليوناردو ديكابريو وجينيفر لورنس) وهما يحاولان إقناع العالم بضرورة التصدي لمذنب بحجم “جبل هيمالايا” سيضرب الأرض في ستة أشهر مؤديا، ما لم يتم تفتيته، إلى فناء الكوكب.

يدخل العالمان رحلة إقناع شاقة في مجتمع يصير أكثر صمما وانغلاقا وغرقا في التفاهة والزيف والكذب. وتبقى “قصتهما” عن مذنب يضرب الأرض، رغم كل الحجج والأدلة والبراهين الدقيقة ، هامشية في أجندة إعلام يقتات على الجنس والدم وهتك الأستار.

تمضي الأيام سريعا ويدنو المذنّب من الأرض وتتعقد الحكاية في لوحة سينمائية تكتمل ظلالها وألوانها بتأني ومكر  كما يرسمها المخرج آدم مكاي وكوكبة من نجوم هوليود ضمنهم ميريل ستريب وكايت بلانشيت وجونا هيل ومارك ريلانس والنجم الصاعد تيموتي شالامي.

يفقد عالما الفلك أعصابهما في عالم لا يكل من الانقسام والاستقطاب والتوظيف السياسي لكل شيء حتى لقضية تهدد بفناء البشريّة، بما يعنيه ذلك من اندثار مصالح الجميع، ساسة ورجال أعمال وقروش اقتصادية وكل اقتصاد التفاهة الجديد.

يحاول الفيلم، عبر مجاز المذنب الضخم والاستهتار الذي يقابل به النبأ ، الإحالة على واقع التشكيك والانقسام حول آراء العلماء بخصوص آثار الاحتباس الحراري المدمرة ومخاطر التلوث الصناعي على الحياة.

وكأن مخرج   “لا تنظروا إلى أعلى” يدق ناقوس الخطر حول أخطار الاستمرار في قياس آراء العلم بميزان المصالح والأرباح. إنها دعوة لوقف “جنون” عابر للمجتمعات يعتبر النظر إلى “السماء”  مؤامرة وغدا قد يرى أن تفتيت مذنب قبل أن يمزّق الأرض قضية هامشية وقابلة للنقاش. يضع الفيلم، بتضخيم هذا الجنون، نظام التفاهة بكامل جبروته في محكمة النجوم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News