مجتمع

حقوق المتقاضين تضيع وسط معركة فرض “جواز التلقيح” لولوج المحاكم

حقوق المتقاضين تضيع وسط معركة فرض “جواز التلقيح” لولوج المحاكم

لليوم الثاني على التوالي، يخوض المحامون احتجاجات أمام عدد من محاكم المملكة، بسبب رفضهم قرار وزارة العدل فرض الإدلاء بـ”جواز التلقيح” شرطا لدخول المحاكم، الذي دخل خيز التنفيذ ابتداء من يوم أمس الإثنين 20 دجنبر الجاري، تنفيذا لدورية مشتركة بين وزارة العدل والمجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة.

وأثار قرار إجبارية جواز التلقيح، جدلا كبيرا في صفوف مختلف هيئات المحامين بالمملكة الذين يستعدون لرفع دعاوى قضائية لترتيب المسؤولية الإدارية للدولة ووزارة العدل، حيث عبّر العديد من المحامين عن غضبهم من الإجراء، غير أن اللافت في تداعيات هذا القرار، الذي أوقف العمل بعدد من المحاكم على الصعيد الوطني، أنه انعكس سلبا على حقوق المتقاضين حيث اضطرت كثير من المحاكم إلى تأجيل البت في عدد من الملفات معلّلة قرارات تأخيرها برفض المحامين الإدلاء بجواز التلقيح.

ونشر الموقع الإلكتروني الخاص بقضايا المحاكم التابع لوزارة العدل، وفق ما اطلع على ذلك “مدار21″، عددا من قرارات تأجيل البت في ملفات المتقاضين إلى آجالٍ لاحقة، بسبب معركة وزارة العدل مع هيئات المحامين التي تواصل احتجاجاتها، بسبب منع المحامين من ولوج المحاكم دون الإدلاء بجواز التلقيح، وسط تخوّف عدد من المواطنين من ضياع حقوقهم بفعل هذا القرار.

ويطرح قرار إجبارية جواز التلقيح لولوج المحاكم، “إشكالا كبيرا” يتعلق بضياع حقوق المتقاضين الدستورية، ما يعطل استفادة المواطنين من خدمات المرفق القضائي، لاسيما في ظلّ رفض المحامين الامتثال لقرار السلطات القضائية ووزارة العدل، القاضي بفرض جواز التلقيح لولوج المحاكم، مطالبين بسحب هذا “الإجراء التعسفي الماسِّ باستقلالية المهنة والتشبث بحقهم في الولوج الحر إلى المحاكم وكل الفضاءات العمومية، لأداء مختلف مهامهم الدفاعية”.

وفي هذا الصدد، يرى المحامي بهيئة مراكش محمد الغلوسي، أن المحامين يعتبرون أن القرار الثلاثي “المشوؤم” الرامي إلى تقييد حق الولوج المستنير للعدالة بفرض جواز التلقيح، ” يشكل تناقضا مع الدستور والقانون والمواثيق الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان في الوقت الذي يلج الجميع المتاجر والمحلات التجارية الكبرى والمطاعم وغيرها دون أي قيد”.

وسجل الغلوسي، أن  المحامين حينما يحتجون ضد تقييد الولوج إلى العدالة كحق مقدس وسام فهم ليسوا ضد التدابير الرامية إلى مواجهة وباء كورونا فهم أول من تحمس وتعبأ وساهم ماديا ومعنويا في خوض المعركة ضد الوباء اللعين ومنهم من نال منه وهو في ريعان شبابه”.

وشدد رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، أن “المحامين ليسيوا ضد القانون لأنهم لا يدافعون عن أنفسهم أو أنهم يبحثون عن مكاسب فئوية ضيقة”، معتبرا أن “احتجاجهم هو دفاع عن المجتمع بكل شرائحه وفئاته، وهو تجسيد حي لحق المجتمع في العدالة والتي لن تتأتى إلا بضمان حق الجميع في الولوج إلى مرفق القضاء دون أية قيود”، وأضاف أنه “دفاع عن استقلالية القضاء والدفاع عن كل التجاذبات والمصالح الضيقة”.

وأكد الغلوسي، أن المحامين” يقدرون مصلحة الوطن ويعون خطورة كورونا وتداعياتها التي امتدت إليهم دون أن يتلفت إليهم أحد”، قبل أن يستدرك ” لكنهم ضد الحجر على رأيهم والمس باستقلاليتهم ونبل رسالة المحاماة وهم منفتحون دوما على الحوار البناء والمسوؤل لتقعيد شراكة حقيقية تؤسس لغد أفضل”.

في غضون ذلك، دافع وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، عن قرار فرض إجبارية الإدلاء بجواز التلقيح لولوج المحاكم، الذي اتخذ في إطار دورية مشتركة بين المجلس الأعلى للسلطة القضائية ووزارة العدل ورئاسة النيابة العامة، مؤكدا أن هذا القرار الذي جاء من أجل حماية موظفي المحاكم، تم في احترام تام للمقتضيات القانونية المؤطرة لحالة الطوارئ الصحية بالمغرب.

وشدّد وهبي خلال جلسة برلمانية، أن إقرار إجبارية الإدلاء بجواز التلقيح لولوج المحاكم، يستند إلى مقتضيات القانون المتعلق بحالة الطوارئ الصحية وإجرءات الإعلان عنها، وأن المحاكم هي من أولى المؤسسات التي يتعين عليها الحرص على تطبيق هذا القرار، متسائلا: “إذا كانت وزارة العدل لا تطبق القانون فمن سيقوم بذلك؟”.

وقال وزير العدل مدافعا عن القرار إن “هناك موظفين تلقوا جرعات اللقاح في حين أدلى آخرون بشواهد تعفيهم من أخذ التلقيح مما يتعين معه حمايتهم  والسهر على عدم إصابتهم بالفيروس، موضحا أنه “بعد نقاش هذا الأمر مع رئاسة النيابة العامة والمجلس الأعلى للسلطة القضائية، تقرر اعتماد الجواز الصحي لولوج محاكم المملكة”.

وردّا على الانتقادات التي وُجهت لهذا القرار، خاصة من طرف هيئات المحامين، اعتبر المسؤول الحكومي، أن الادعاء بأن هذا الإجراء تم خارج القانون غير صحيح، ودعا من يقول ذلك، إلى العودة لقراءة مقتضيات قانون الطوارئ الصحية الذي صادق عليه البرلمان وأعطى اختصاصات للحكومة للتعاطي مع تطورات الوضعية الوبائية.

هذا، وسجل المحامون عدم دستورية القرار وتعارضه المطلق مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، في غياب قانون صادر عن السلطة التشريعية بإجبارية التلقيح، حتى تتحمل الدولة المغربية كامل مسؤوليتها القانونية إزاء النتائج التي يمكن أن تترتب عن تلقيح المواطنات والمواطنين.

وأعلنت كل من وزارة العدل والمجلس الأعلى للسلطة القضائية، ورئاسة النيابة العامة، أن الولوج إلى المحاكم أصبح يتوقف على الإدلاء بالجواز الصحي، موضحة أن فترة تحسيسية قد سمح بها لغاية يوم 20 دجنبر 2021، من أجل تمكين القضاة والموظفين وأعضاء هيئات الدفاع والمتقاضين وباقي مرتادي المحاكم من أجل الإدلاء بالجواز المذكور.

وطلبت دورية موجهة إلى رئيس جمعية هيئات المحامين بالمغرب، السلطات المختصة بدعوة النقباء وكافة المحامين لمساعدة المسؤولين بالمحاكم في الامتثال لهذا التدابير، وتحسيس موكليهم قصد الامتثال له، بما هو معهود في المنتمين لمهنة المحاماة من احترام للقانون وامتثال لمقتضيات التنظيمات الإدارية والمهنية وبما هو كفيل بحماية مرتادي المحاكم من آثار جائحة كوفيد.

وأوضحت السلطات الثلاث في دورية مشتركة، اطلع عليها “مدار21″، وحملت توقيع كل من عبد اللطيف وهبي ومحمد عبد النباوي ولحسن الداكي، أن هذا القرار، جاء بناء على قرار الحكومة باعتماد الجواز الصحي (جواز التلقيح) كوثيقة رسمية لولوج الإدارات والمرافق العمومية والشبه عمومية، المعلن عنه بمقتضى بلاغ بتاريخ 09 نونبر 2021.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News