هل يفقد مهرجان الفيلم الوطني بريقه بسبب إقصاء الأفلام الحديثة؟

تنطلق اليوم الجمعة بمدينة طنجة فعاليات الدورة الـ25 من مهرجان الفيلم الوطني، الذي يُعد الواجهة الرسمية للسينما المغربية، وسط جدل واسع حول قائمة الأفلام المشاركة، وما اعتبره مهتمون “تغييبا غير مبرر” لعدد من الإنتاجات الحديثة التي لمع نجمها في تظاهرات دولية مرموقة.
ففي الوقت الذي حظيت فيه بعض الأعمال الروائية المغربية بفرص عرض في مهرجانات عالمية، مثل فيلم “Calle Malaga” للمخرجة مريم التوزاني، الذي شارك في مهرجان البندقية السينمائي الدولي وسيُمثل المغرب في جوائز الأوسكار، فإنها لم تجد مكانها ضمن برمجة المهرجان الوطني في دورته الحالية، إذ ينطبق الأمر نفسه على عدد من الأعمال الجديدة التي لم تصل بعد إلى القاعات المغربية.
هذا الغياب، بحسب عدد من النقاد، يطرح تساؤلات حول المعايير التي اعتمدتها لجنة انتقاء الأفلام، ومدى قدرة المهرجان على مواكبة دينامية الإنتاج السينمائي الوطني.
وتشير آراء نقاد ومتابعين إلى أن إشراك الأفلام المغربية الحديثة في المهرجان الوطني ليس مسألة شكلية أو ظرفية، بل خيار أساسي للحفاظ على حيوية المشهد السينمائي المغربي، إضافة إلى أن عرض هذه الأعمال داخل المهرجان يمنح الفرصة لاكتشاف أحدث ما أبدعه السينمائيون المغاربة، ويتيح لصناع السينما مساحة للتفاعل بشأنها أيضا.
وتُعد المشاركة في المهرجان الوطني فرصة لتقييم فعلي لسياسات الدعم العمومي التي يخصصها المركز السينمائي المغربي، إذ يُفترض أن تشكل برمجة المهرجان مرآة لما تحقق من إنجازات بفضل التمويل العمومي.
ويرى الإعلامي والناقد السينمائي بلال مرميد أن من الطبيعي، إذا كان الهدف هو الارتقاء بالمهرجان الوطني الرسمي الذي يمثل واجهة للفيلم المغربي، خصوصا وأن أغلب الإنتاجات مدعومة من المركز السينمائي المغربي، أن يتم عرض أحدث الأفلام، حتى وإن لم تُطرح بعد في القاعات، لما في ذلك من مصلحة فنية وصورة احترافية للمهرجان.
ويضيف مرميد في تصريح لجريدة “مدار21” أن إشراك أحدث الإنتاجات الوطنية في المنافسة كان ضروريا، بدل الرضوخ لأهواء بعض المنتجين الذين يفضلون ترشيح أفلامهم بعد عرضها التجاري، إذ يرى أن أفلاما مثل “Calle Malaga” و”سوناتا ليلية” كانت ستُضيف قيمة فنية للمهرجان، وتمنحه إشعاعا يوازي مكانته كحدث وطني يحتفي بالسينما المغربية.
ويؤكد مرميد أهمية إقناع فرق الإنتاج بالمشاركة في المهرجان الوطني بأحدث أعمالها، خاصة وأنها تستفيد من دعم الدولة، معتبرا أن عرض أفلام قديمة أو سبق عرضها على نطاق واسع يفقد التظاهرة بعضا من بريقها وجدّتها.
ولا يعد هذا النقاش وليد الدورة الحالية، إذ سبق أن أثير جدل في دورات سابقة حول اختيار أفلام قديمة، في الوقت الذي تشترط فيه مهرجانات عالمية احتكار العرض الأول للأفلام المتنافسة على جوائزها قبل خروجها إلى قاعات السينما للعرض أمام عموم الجمهور، منتقدين صرف المهرجان الوطني النظر عن هذه القاعدة التي تلازم معظم المسابقات الدولية.
ويختار المهرجان الوطني للفيلم بطنجة ضمن قائمته مجموعة من الأفلام التي سبق عرضها في صالات السينما، وقدمت على الشاشات الكبرى بعد مشاركة بعضها في مهرجانات دولية.
وبعد مرور خمس وعشرين دورة على تأسيسه، يرى مهتمون بالشأن الثقافي والفني أن المهرجان الوطني بات في حاجة إلى تقييم شامل يتجاوز الجدل السنوي حول البرمجة، نحو تفكير استراتيجي في دوره الحقيقي داخل المنظومة السينمائية المغربية.
وتُشارك في المسابقة الرسمية للدورة الحالية 15 فيلما روائيا طويلا، من بينها “أطومان” لأنور المعتصم، و”في حب تودا” لنبيل عيوش، و”المرجة الزرقاء” لداوود ولاد السيد، و”راضية” لخولة أسباب بن عمر، و”الوصايا” لسناء عكرود، وهي أفلام سبق عرضها في مهرجانات أخرى ووصلت بعضها إلى القاعات السينمائية.