مجتمع

سياسات بلا أثر.. دراسة ترصد ضعف ثقة الشباب في الصحة والتعليم والشغل

سياسات بلا أثر.. دراسة ترصد ضعف ثقة الشباب في الصحة والتعليم والشغل

وقفت دراسة حديثة على واقع الثقة المتدنية للشباب في الأداء العمومي لجميع القطاعات الاجتماعية (التعليم/ الصحة/ الشغل/ الثقافة/ العدالة الاجتماعية)، مشيرةً إلى أن هذه التقييمات الضعيفة تظهر أن الشباب لا يشعرون أن المجالات الأساسية للحياة اليومية تلبي طموحاتهم ما يكشف فجوة بين السياسات المعلنة والنتائج على أرض الواقع غير الملموسة.

وأوردت الدراسة الميدانية التي أعدها المركز المغربي للشباب والتحولات الديمقراطية، بشراكة مع مؤسسة “فريديريش إبيرت” الألمانية، بعنوان “أولويات الشباب المغربي اليوم..ماذا يريد الجيل الجديد؟” أن التقييمات الإيجابية للقطاعات الاجتماعية لا تتجاوز هامشاً ضيقاً، مبرزةً أن الشغل والتعليم والصحة والثقافة والعدالة الاجتماعية لا تُرَى في وعي الشباب كحقائق ناجحة بل كإشكالات تتطلب معالجة عميقة.

وأوضحت الدراسة، التي أعدها الباحثون: سعيد خمري ورقية أشمال ويوسف أكلاخي والمامون حساني، أن نتائج الدراسة تَرسُم صورة نقدية وواقعية تبرز حجم التحديات المطروحة أمام صانع القرار، خاصة فيما يتعلق بكيفية الانتقال من مستوى النصوص والإصلاحات المعلنة إلى مخرجات عملية ملموسة يشعر بها الشباب في حياتهم اليومية، مشيرةً إلى أن هذه التقييمات السلبية تَطرحُ سؤالاً محورياً حول سبل استعادة الثقة المفقودة بين الأجيال الجديدة والمؤسسات، وذلك من خلال إحداث تحسينات فعلية في المجالات الحيوية التي تمس حياتهم مباشرة.

وبشكل عام، كشفت الدراسة أن الغالبية العظمى من المشاركين في الاستطلاع (585) وضعت هذه المجالات المستطلعة (الصحة/ التعليم/ الشغل/ العدالة المجالية/ الثقافة) ضمن خانة “ضعيف” أو “متوسط”، في حين لم تتجاوز نسبة من صنفوها “جيد” أرقاماً جد محدودة.

وفيما يخص الشغل، سجلت الدراسة أن تقييم “ضعيف” احتل النسبة الكبرى مقارنة ببقية التصنيفات مع حضور نسبي لتقييم “متوسط” وعدد محدود اعتبر الوضع “جيداً”، مؤكدةً أن هذا التقييم يعكس انشغال الشباب بقضية البطالة والهشاشة التي تطبع سوق العمل عندما يرى أغلب الشباب أن أوضاع الشغل ضعيفة، فهذا يعكس تصورهم بأن فرص الإدماج محدودة، وأن العرض المتاح لا يستجيب لتطلعاتهم سواء من حيث الكم أو الكيف.

وأوضحت الدراسة أن الذين اعتبروا الوضع متوسطاً يترجمون حالة من التردد بين الوعي بوجود بعض المبادرات والإصلاحات وبين إدراك محدودية نتائجها، لافتةً إلى أن الفئة الصغيرة التي صنفت الوضع بالجيد فهي أقلية لا تعكس الصورة العامة، مما يكشف أن رضا الشباب في هذا المجال ضعيف جداً.

بالانتقال إلى التعليم، أظهرت نتائج الدراسة أن التقييمات انقسمت بين “ضعيف” و”متوسط”، مع غلبة التوجهات السلبية، مستنتجةً أن هذا يدل على أن الشباب يعيشون تجربة تعليمية غير مرضية من حيث الجودة والتكافؤ وأن اختيار “متوسط” عند نسبة ملحوظة يعني أن هناك وعياً بوجود إصلاحات أو محاولات تطوير، لكنها لم تحقق بعد النتائج المرجوة.

وفي ما يخص قطاع الصحة، أشارت الدراسة إلى أنها حازت نسبة عالية جداً من تقييم “ضعيف”، مؤكدةً أن هذا ما يكشف إدراكاً جماعياً لمحدودية المنظومة الصحية وضعف البنية التحتية الصحية ما يفسر طول آجال الانتظار أو غياب الخدمات المتكافئة بين المناطق.

وقرأ معدو الدراسة اختيار “متوسط” من طرف بعض المستجوبين على أنه يدل على اعتراف ببعض التحسينات الطارئة مثل توسيع التغطية الصحية أو برامج إصلاح القطاع، لكن دون أن تُغيّر الصورة العامة، بينما نسبة “جيد” تكاد تكون هامشية، وهو ما يؤكد أن الخدمات الصحية لم تحقق مستوى يرضي هذه الفئة. هذه القراءة تبرز أن الصحة بالنسبة للشباب لا تزال مرتبطة أكثر بالمعاناة والتحديات من كونها مجالاً يوفر الاطمئنان والإنصاف.

بالنسبة إلى العدالة الاجتماعية، أوضحت الدراسة أن معظم الأجوبة جاءت بين “ضعيف” و”متوسط”، مع حضور نسبي أعلى من “لا أعرف” مقارنة بباقي المجالات، مبرزةً أن هذا التوزيع يعكس أن الشباب يشعرون بغياب المساواة في توزيع الفرص والخدمات، وبأن العدالة الاجتماعية كقيمة وممارسة لا تتحقق كما يجب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News