الصدفة تنقذ شابا مغربيا من الدفن مجهولا في سبتة والضحايا في تصاعد

تم، أمس الخميس، نقل جثمان شاب مغربي يدعى محمد زرقي، المنحدر من جماعة بني أحمد بإقليم شفشاون، إلى المغرب بعد التعرف الرسمي عليه من قبل السلطات المختصة، وذلك بعد أشهر من العثور على جثته يوم 27 شتنبر الماضي بشاطئ المادرابا في سبتة المحتلة، إثر محاولته العبور نحو المدينة سباحة، قبل أن يتم التنسيق بين الجانبين المغربي والإسباني لاستكمال الإجراءات القانونية الخاصة بترحيل الجثمان ودفنه في مسقط رأسه.
وأوضحت “إل فارو” أن الراحل كان مبرمجًا ليدفن الأسبوع الماضي في سبتة المحتلة، غير أن الإمام الذي كان سيؤم صلاة الجنازة تعرف عليه صدفة أثناء المراسم، وهو ما أوقف عملية الدفن وأعاد فتح ملف الجثة، لافتة إلى أنه وبعد مراجعة السلطات المغربية والإسبانية، تم التأكد من هويته رسميًا، لتبدأ إجراءات قانونية معقدة أفضت في النهاية إلى نقله إلى المغرب ودفنه بين ذويه.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذه المصادفة النادرة أنقذت الشاب من أن يُدفن مجهول الهوية كما حدث لعشرات غيره، مؤكدة أن جثمانه نُقل بتنسيق بين القنصلية المغربية في الجزيرة الخضراء والسلطات الإسبانية، بعد استكمال مسطرة قضائية ضرورية.
وأكدت الجريدة أن سنة 2025 كانت من أكثر السنوات دموية في سجل الهجرة عبر المضيق، حيث تم تسجيل نحو أربعين وفاة لمهاجرين حاولوا عبور البحر سباحة من السواحل المغربية نحو سبتة المحتلة، مبرزة أن شركة الجنازات “القدر” تولت نقل جثامين الضحايا إلى مقبرة سيدي امبارك، حيث تُقام عليهم صلاة الجنازة قبل دفنهم في غياب ذويهم أو هوياتهم.

ووفقًا للمصدر ذاته، تُعدّ عملية نقل الجثامين إلى المغرب من أكثر الملفات تعقيدًا في إدارة الهجرة، إذ تتطلب إثباتًا دقيقًا للهوية قبل أي ترحيل. وفي حالات كثيرة، يُدفن الضحايا في مقابر سبتة المحتلة أو الجنوب الإسباني تحت أرقام بدلاً من الأسماء.
وأضافت “إل فارو” أن آخر هذه الحالات تعود إلى القبر رقم 5220، الذي يضم جثمان شاب مجهول الهوية عُثر عليه قبل أيام قرب حي خوان الثالث والعشرين، بعدما ظل ميتًا في البحر لمدة لا تقل عن أسبوعين، لافتة إلى أن الشاب كان يرتدي بدلة غطس سوداء بعلامات حمراء، ولم يُعثر بحوزته على أي وثائق تعريفية، ما اضطر السلطات إلى دفنه دون بيانات شخصية.
ونقلت “إل فارو” عن مصادر حقوقية قولها إن هذه الحوادث تعكس “نزيفًا إنسانيًا متواصلًا”، داعية إلى تعزيز التعاون بين الرباط ومدريد لتسريع إجراءات التعرف على الجثث وتسهيل عملية ترحيلها إلى المغرب، مشددة على أن العديد من الأسر المغربية ما تزال تنتظر منذ شهور أو سنوات أخبارًا عن أبنائها الذين اختفوا أثناء محاولات العبور.
واختتمت الصحيفة تقريرها بالإشارة إلى أن جثمان محمد الزرقي سيصل إلى مسقط رأسه في شفشاون، حيث ستُقام له جنازة في أجواء من الحزن والصمت، في حين “سيظل القبر رقم 5220 شاهدًا على جيل من المهاجرين المجهولين الذين انتهت أحلامهم في البحر، دون أن تُعرف أسماؤهم أو قصصهم”.