سياسة

لشكر: الاحتجاجات “صرخة قلق” تستدعي إعادة بناء المشروع السياسي والاقتصادي

لشكر: الاحتجاجات “صرخة قلق” تستدعي إعادة بناء المشروع السياسي والاقتصادي

قال إدريس لشكر، الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي، إنه “قد يعتقد البعض أن الاحتجاجات الأخيرة لا تعدو أن تكون مجرد صرخة عابرة للشباب، وأنها من طبيعتهم، كما كنا نحن، وكما كان حال السابقين”، مضيفا “إنها صرخة من حيث الشكل، لكنها في العمق تعبّر عن قلق المجتمع برمته، الذي يساءل آليات اشتغال الدولة ومعضلة تمركز القرار والثروة في أيدي الأقلية”.

وأشار الكاتب الأول، في عرضه السياسي خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الـ12 للحزب، المنطلق اليوم الجمعة ببوزنيقة، إلى أن هناك جهودا مبذولة، لكن السؤال المطروح: “هل تمكنت هذه الجهود من توجيه الدينامية الاقتصادية والاجتماعية لخلق قطيعة مع أساليب الارتجال التي أعاقت العمل المنتج؟”؟

وأضاف لشكر أن “القلق يتسع إلى مسألة تعثر قنوات الوساطة السياسية والاجتماعية، ومعيقات الدور الوظيفي للأحزاب والنخب والمجتمع المدني، مبرزا أن الدرس الأساسي هنا هو أن الخروج من الأزمة يتطلب إعادة بناء المشروع السياسي والاقتصادي على أساس ارتباط عضوي بالمجتمع، لا على توافقات نخب معزولة”.

أردف المتحدث “ولا أخفي عليكم أنني أتخذ الكلمة هذه نداءً لا لتقديم وساطات أو تحاليل جاهزة، بل أريدها بدون مجاملة، وعلى النقيض من بعض خطابات النخبة التكنوقراطية المتطفلة على الشأن العام. إنها محاولة لطرح أسئلة موجعة بأسلوب صريح ولغة غير مترددة، وللحت على التفكير الرزين في فتح السبل التي من شأنها أن تعيد الأمل للطبقة الشعبية وللشباب، ولتحفّز كل ذوي النيات الحسنة، وتوطد دعائم الالتزام الوطني والقيم الثابتة للملكية الدستورية الديمقراطية الاجتماعية.

وأوضح زعيم حزب “الوردة” أنه “ليس المطلوب تجميل الواقع بل الكشف عنه، ولو كان مرًّا، وليس القصد هو البحث عن سبل إدارة الأزمة، بل الخروج منها”، مردفا “نحن في الاتحاد لا ننخرط في الخطاب المغرض الرامي إلى تسويق المغرب، بل نطرق باب المستقبل من أجل الإصلاح الجذري وتدشين مسار جديد يستند إلى خبرات أبنائه على أساس المساواة والكرامة والسيادة”.

وأفاد لشكر أنه “منذ أكثر من عقدين، دخل المغرب سلسلة من الإصلاحات والاستراتيجيات القطاعية والرؤى الاستشرافية التي قُدّمت كلها على أنها واعدة ومبشّرة بالغد الأفضل، لكن مع مرور الوقت، تركت الوثوقية المطلقة المجال للريبة. ولعل المؤشر الأول الدال على الحيرة هو تفاقم الفوارق الاجتماعية والعلمية، وتلاشي الأمل لدى الشباب، واتساع رقعة الهشاشة، ومأسسة الريع

وتابع الكاتب الأول “نعم، لقد تم بناء طرق سريعة، وتشييد موانئ ضخمة، وتطوير مناطق حرة، لكن ما الجدوى من هذا المجهود الضخم إذا كانت الأغلبية لا تجد مدرسة عمومية لا تجهد ولا تشتغل، ولا مستشفى دون اكتظاظ ولا سكنًا من دون استدانة منهِكة؟”. متسائلا “ما الذي حدث حتى أصبحنا نبحث عن نموذج تنموي جديد ونحتفل بالمشروع المعدّ من طرف اللجنة المختصة، وكأننا اخترعنا العجلة، في حين أن إخفاق منظومة التربية والتكوين مستمر، ومحدودية الشغل تزداد ضيقًا؟”.

ومنذ بداية الألفية، يضيف لشكر، قرر المغرب “التحديث عبر الدولة: الدولة تخطط، الدولة تنفذ، الدولة تقود الرأي. ومن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية إلى المشاريع الكبرى، إلى الدبلوماسية الاقتصادية، صارت الدولة هي الفاعل المركزي. لكن هذا التمركز لم يأتِ بلا ثمن، إذ إن المقاربة الفوقية والبيروقراطية تخفق أدوار المجتمع بأحزابه ونقاباته ومجتمعه المدني”.

وواصل المتحدث نفسه “ما هي النتائج؟ النتائج: بنية تحتية قوية، وطاقة متجددة، وصناعة صاعدة فعلاً. لكن مع ذلك، الفوارق لا تزال فاحشة، وثقة المجتمع في تراجع مستمر. الإدارة تحولت إلى آلة تغذي مؤشرات الأداء في صندوق النقد لا لحاجيات المواطنين، والتنمية صارت أرقامًا وحسابات، لا مشروعًا تحرريًا للمواطن”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News