الفريق الحركي يقترح معاقبة مرتكبي العنف المؤسساتي ضد المرأة

اقترح الفريق الحركي توقيع عقوبات على مرتكبي العنف المؤسساتي ضد المرأة، في إطار مقترح قانون يرمي إلى تغيير وتتميم القانون رقم 13.103 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء.
واقترح الفريق في المادة الأولى، تغيير وتتميم أحكام المادة الأولى من القانون رقم 13.103 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.18.19 المؤرخ في جمادى الآخرة 1439 (22 فبراير 2018)، ليشمل العنف ضد النساء، في مفهوم هذا القانون، كل فعل أو امتناع عن فعل يؤدي أو يمكن أن يؤدي إلى أذى جسدي أو نفسي أو جنسي أو اقتصادي، سواء داخل الفضاء الخاص أو العام، ويشمل أيضا العنف المؤسساتي الناتج عن التقصير في توفير الحماية أو الخدمات الأساسية للضحايا.
وأضاف الفريق في اقتراحه، في الشق المتعلق بتطبيق أحكام هذا القانون، والتي تشير إلى أن “العنف ضد المرأة: كل فعل مادي أو معنوي أو امتناع بسبب الجنس، يترتب عليه ضرر جسدي أو نفسي أو جنسي أو اقتصادي للمرأة”، كلمة “مؤسساتي”.
وعرف الفريق الحركي العنف المؤسساتي بأنه كل تقصير أو إخلال من قبل السلطات العمومية أو المؤسسات المكلفة بالحماية والتكفل، يؤدي إلى استمرار تعرض النساء للعنف أو يعمق معاناتهن، بسبب عدم توفير الخدمات الأساسية مثل الإيواء، المساعدة القانونية، المواكبة النفسية، الحماية الفعلية أثناء وبعد التبليغ، أو بسبب البطء أو التمييز في ولوج العدالة.
واقترح الفريق في المادة الثانية، تتميم الباب الرابع من القانون رقم 13.103 بإدراج آليات الإيواء إلى جانب التكفل بالنساء ضحايا العنف، مقترحا أيضا في المادة الثالثة تتميم الباب الرابع من القانون بالمادة 16 المكررة، تقضي بإحداث مركز إقليمي داخل كل عمالة أو إقليم، لإيواء النساء ضحايا العنف وأطفالهن، يضمن خدمات الاستقبال، الحماية، الدعم النفسي، المواكبة القانونية، وإعادة الإدماج.
واقترح في المادة ذاتها، تخصيص اعتمادات مالية سنوية لهذه المراكز ضمن قانون المالية، ومنحها صلاحية توفير حماية فورية للناجيات، بما في ذلك الإيواء دون شرط الإدلاء بشهادة طبية مسبقة، إضافة إلى إحداث سجل وطني لمرتكبي العنف ضد النساء، يمكن الجهات القضائية من تتبع الحالات المتكررة، ويوفر معطيات دقيقة لتوجيه السياسات العمومية.
وفي السياق ذاته، اقترح الفريق تخصيص تعويض مادي للضحايا في حال إثبات الضرر النفسي أو الجسدي، يُصرف من صندوق خاص لدعم ضحايا العنف، يتم تمويله من الميزانية العامة والتبرعات الخاصة.
وأشار الفريق الحركي في مذكرته التقديمية إلى أن هذا المقترح يأتي في سياق وطني متجدد يشهد تناميا مقلقا لحالات العنف ضد النساء، وفقا لما تؤكده المعطيات الميدانية وتصريحات الضحايا، ويعيد إلى الواجهة الحاجة المستعجلة إلى مراجعة شاملة للقانون رقم 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء، الذي دخل حيز التنفيذ سنة 2018.
وأكد الفريق الحركي أنه رغم أهمية هذا القانون وما مثله من خطوة تشريعية متقدمة في التعاطي مع قضايا العنف المبني على النوع الاجتماعي، إلا أن تطبيقه العملي كشف عن عدد من الثغرات القانونية والمؤسساتية، التي حالت دون تحقيق الأهداف المرجوة منه، سواء في مجال الوقاية أو الحماية الفعلية أو التكفل الشامل بالضحايا.
ومن أبرز الإشكاليات التي رُصدت خلال السنوات الماضية، وفق الفريق الحركي، التركيز المفرط على البعد الزجري، مقابل ضعف التدابير الوقائية والمؤسساتية، وغياب مراكز الإيواء في عدد كبير من الأقاليم، وضعف التنسيق بين مختلف المتدخلين، إلى جانب نقص في المواكبة النفسية والاجتماعية والقانونية للناجيات، واستمرار الإفلات من العقاب في حالات متكررة، بالإضافة إلى غياب الاعتراف الصريح بالعنف المؤسساتي، الذي غالبا ما يؤدي إلى مفاقمة معاناة النساء ويحول دون ولوجهن إلى الحماية القانونية الفعلية.
وأضاف أن “إدراكنا لأهمية تطوير الإطار القانوني والمؤسساتي لمكافحة العنف ضد النساء يستوجب الاطلاع على تجارب دولية ناجحة، مثل إسبانيا والأرجنتين، اللتين أحرزتا تقدما ملموسا في مكافحة العنف المؤسساتي، خاصة في سياق حماية النساء”.
وفي هذا الإطار، استحضر الفريق التجربة الإسبانية، مشيرا إلى أن قانونها 1/2004، المعروف بـ”قانون الحماية الشاملة ضد العنف ضد النساء” يمثل منظومة متكاملة تجمع بين الإجراءات الوقائية والتدابير الزجرية والدعم الاجتماعي والنفسي للضحايا، إذ حرص التشريع الإسباني، وفقه، على توفير مراكز إيواء ودعم نفسي وقانوني، إلى جانب آليات لتعزيز التنسيق بين مختلف المؤسسات الحكومية وغير الحكومية المعنية، كما يعترف بالعنف المؤسساتي كأحد أشكال العنف ضد النساء، مما أتاح فضاءات أوسع لمساءلة المؤسسات المقصرة في حماية الضحايا، والحد من الإفلات من العقاب، ما يحد من ظاهرة العنف ويحسن جودة الاستجابة.
واستحضر الفريق التجربة الأرجنتينية، من خلال قانون 26.485 المتعلق بالحماية الشاملة ضد العنف ضد النساء، الذي أرسى آليات متطورة لإدماج الاعتراف بالعنف المؤسساتي ضمن مكافحة العنف القائم على النوع الاجتماعي، مشيرا إلى أن ذلك شمل مبادرات مثل قانون “ميكيلا”، الذي يُلزم موظفي الدولة بتلقي تدريب خاص للتعامل مع قضايا العنف ضد النساء، ويعزز حساسية المؤسسات تجاه هذه القضايا، إضافة إلى إنشاء مراكز إيواء جهوية، وسجل وطني لمرتكبي العنف، وصندوق لتعويض الضحايا.
ويضيف أن هذه التدابير ساهمت في تقديم دعم شامل للنساء المتضررات وتقليص حالات الإفلات من العقاب، ما يؤكد أهمية التنسيق بين التشريع، والتدريب المؤسساتي، وتوفير الدعم الاجتماعي المتكامل للنجاح في مكافحة العنف ضد المرأة.
وأكد الفريق الحركي أن استحضار هذه التجارب الدولية الناجحة يبرز أهمية توسيع المفهوم القانوني للعنف ليشمل العنف المؤسساتي، وتعزيز الآليات الوقائية والحماية الاجتماعية والنفسية، من خلال إحداث مراكز جهوية للإيواء والمواكبة، وسجل وطني لمرتكبي العنف، وصندوق خاص لتعويض الضحايا.
وأوضح أنه يسعى من خلال هذا المقترح القانوني إلى إرساء منظومة قانونية أكثر عدالة وفعالية، تُجسد التزامات الدولة في حماية النساء من جميع أشكال العنف، والحد من التمييز، وتحقيق الأمن الشخصي للنساء في الفضاءين الخاص والعام.