اقتصاد

تراجع المديونية العمومية بـ10%.. ما معنى استعادة المغرب لـ”درجة الاستثمار”؟

تراجع المديونية العمومية بـ10%.. ما معنى استعادة المغرب لـ”درجة الاستثمار”؟

استعاد المغرب ثقة الأسواق العالمية بعد أربع سنوات من سياسة التقويم المالي والإصلاحات الهيكلية المستمرة، تكللت باستعادته لـ”درجة الاستثمار” (Investment Grade)، في خطوة ستعزز جاذبية المملكة للمستثمرين وتنعكس على العديد من القطاعات الإنتاجية.

وفي 26 شتنبر 2025، قامت وكالة “ستاندرد آند بورز” «S&P Global Ratings» برفع التصنيف الائتماني السيادي للمغرب إلى «BBB-/A3» مع «آفاق مستقرة»، ما أعاد له وضعه الاستثماري الذي فقده سنة 2021 في ذروة الصدمة الناتجة عن جائحة كوفيد-19.

وفقد المغرب “درجة الاستثمار” في سياق انكماش اقتصادي ناجم عن الجائحة، وتراجع حاد في المداخيل -خصوصاً السياحية- علاوة على ضغط متزايد على المالية العمومية. وقد أدى ذلك إلى ارتفاع كلفة التمويل الخارجي وتقييد ولوج بعض المستثمرين المؤسساتيين، الذين لا يُسمح لهم بالاستثمار إلا في الأصول ذات التصنيف الاستثماري.

وتأتي هذه الخطوة في سياقٍ يتسم بمواجهة العديد من الاقتصادات النامية صعوبات في استعادة ثقة الأسواق بعد الصدمات المتتالية المرتبطة بالجائحة، وأزمة التضخم الحاد، والتوترات الجيوسياسية العالمية، ما يضع المغرب في موقع متقدم مقارنة بعدة اقتصادات إقليمية صاعدة مثل مصر وتركيا وجنوب إفريقيا، التي لا تزال مصنفة ضمن فئة “غير استثمارية (non-IG)” وتُعاني من نسب مديونية أعلى ومسارات مالية أكثر هشاشة.

وللمقارنة، أوضح مركز أبحاث “بي إم سي إي كابيتال غلوبل ريسورش” أن المجر واليونان عرفت مسارات مماثلة خلال السنوات الماضية، ما يُبرز أهمية هذا النوع من الترقيات وتأثيرها المالي الملموس.

أما بالنسبة للمغرب، فأوضح تقرير “FLASH STRATEGY” الصادر عن المركز أن هذه المراجعة تمثل منعطفاً حاسماً، إذ تعكس متانة الأسس الماكرو اقتصادية و”الانضباط المالي” الذي تميزت به المالية العمومية للمملكة، كما تعيد رسم موقعها في نظر المستثمرين الدوليين. ويُعتبر هذا التغيير في التصنيف مرحلة مفصلية قد تُحدث آثاراً على المدى القصير والطويل، سواء على سوق السندات، أو سوق الأسهم، أو على الدينامية الاقتصادية بشكل عام.

وعزا التحليل قرار مؤسسة التصنيف إلى “الملف الماكرو-اقتصادي المتين” للمملكة، التي ستحقق نموا متوقّعا بنحو +4% خلال الفترة 2025–2028، مع تضخّم مضبوط في حدود 2%، وانخفاضا في الدين العمومي إلى أقل من 60% من الناتج الداخلي الإجمالي بحلول عام 2028.

ومن حيث التداعيات، أوضح التقرير أن التأثير القطاعي سيكون قوياً؛ بحيث ينتظر أن تتحقق مكاسب مباشرة لقطاعات البنوك، والبناء والأشغال العمومية، وصناعة السيارات، والطاقة، لا سيما بفضل المشاريع الهيكلية الكبرى مثل كأس إفريقيا للأمم 2025، وكأس العالم 2030، وأنبوب الغاز نيجيريا–المغرب.

وبالتوازي مع ذلك، يُرتقب أن تتراجع المديونية العمومية، التي تبلغ حالياً نحو 70% من الناتج الداخلي الإجمالي،  إلى ما دون 60% بحلول 2028.

وفي المقابل نبه المحللون إلى أن استدامة تصنيف Investment Grade ستعتمد على استمرار الإصلاحات، وعلى الاستقرار الماكرو اقتصادي، والقدرة على تعميق الأسواق المالية المحلية.

وبالنسبة لسوق السندات، فسيتجلى الأثر في تراجع كلفة التمويل وازدياد جاذبية المغرب لدى المستثمرين المؤسساتيين. أما على مستوى سوق الأسهم، فالتأثيرات يُنتظر أن تكون أكثر تدريجية، لكنها تفتح آفاقاً نحو إعادة تقييم تدريجية (re-rating)، خصوصاً إذا تمكنت بورصة الدار البيضاء من اكتساب “عمق أكبر” واستعادة موقعها في المؤشرات الدولية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News