“الفرح المغربي” ليس خصماً للتنمية!

الدعوات الرائجة في الآونة الأخيرة لمقاطعة التظاهرات الرياضية بالمغرب تثير كثيرا من علامات الاستفهام، وتروج خطابا يلخص جميع مشاكل البلاد في الإقدام على تنظيم “الكان” والمونديال، وفي ذلك ارتكان إلى منطق اختزالي يبسط المشاكل والحلول إلى حد التسطيح.
التناقض الذي يقيمه البعض، عن حسن أو سوء نية، بين الأولويات الاجتماعية من صحة وتعليم وتشغيل، وتجهيز البنية التحتية لاحتضان التظاهرات الرياضية العالمية، لا يستقيم في المنطق التنموي للبلدان، ما دامت جميع الجهود تتلخص في الارتقاء بالبلاد وحياة المواطنين، وهذا ما شدد عليه الخطاب الملكي الأخير.
لا يجب حصر استعداد المغرب لتنظيم التظاهرات العالمية في مجرد تشييد الملاعب، وإغفال ما يرتبط بهذا الورش من تهييئة المطارات والطرق السيارة والبنيات التحتية، وما يصاحب ذلك من توفير لفرص الشغل، والانعكاسات المستقبلية على السياحة الوطنية ومختلف القطاعات في البلاد.
كما أن المغرب يُقبل بشكل موازي لهذا الورش، وبنفس القدر من الحرص، على تشييد مستشفيات من الطراز العالمي، من بينها مستشفى ابن سينا بالرباط الذي يقترب من وضع لماسته الأخيرة، وقبله المركز الاستشفائي الجامعي بطنجة، إضافة إلى عدد من المستشفيات بشتى الجهات، مع استحضار الحاجة إلى ضرورة تسريع هذه الجهود وتنزيل الإصلاحات في القطاعات الاجتماعية التي تعرف خصاصا.
المخاوف التي ينطوي عليها الاستثمار في تجهيز البنية التحتية لاحتضان التظاهرات العالمية، خاصة الملاعب، مُتَفهمة طبعا، لكن لا ينبغي إغفال أن المسؤولين بدورهم يستحضرون هذه المخاطر ودرسوا التجارب العالمية السابقة، التي حملت النجاح كما الفشل، على أمل استخلاص الدروس الضرورية في هذا السياق.
تفهم آراء الشباب المغربي حول هذا الموضوع لا يتنافى مع أهمية التنبيه لبعض حسابات “الجيران” الذين يستثمرون في كل شي، بما فيه الاحتجاجات الطبيعية لـ”جيل زد”، لإفساد الفرحة المغربية، بما يعكس عدم استساغتهم لمسار التنمية والإنجاز الذي اختاره المغرب، بمنطق إذا لم أستطيع مجاراتك في السباق أعرقلك!
ومن الواضح أن بعض الخصوم وجدوا في هذه الدعوات ملاذا لمهاجمة المغرب، عبر استثمار عدم الفهم لدى بعضنا، وذلك بعدما اقتربت محاولاتهم للنيل من الوحدة الترابية للبلاد من الباب المسدود، أمام النجاحات الدبلوماسية المهمة التي تحققها المملكة.
ولا شك أن إقبال المغرب على تنظيم التظاهرات العالمية سيساهم في تسريع عدد من الأوراش التي يجب على المغرب إنجازها – بالمونديال أو بدونه- بما فيها المتعلقة بالصحة والتعليم الذين تشهد ميزانياتهما ارتفاعا متواصلا.
أخيرا، لا ضير أن نخبر بعض شبابنا أن ألف باء النضال تقتضي عدم خوض المعارك الخاطئة على الواجهات الخاسرة، من قبيل دعوة الجماهير إلى مقاطعة المباريات الكروية، وكأن منطق الترافع لا يكتمل إلا بمعاكسة كل فرح، خاصة وأن حماسة المباريات ونديتها من شأنه إسقاط كل أشكال الدعاية المضادة.