افتتاحية

عيد العرش.. الملك محمد السادس يواصل الإصلاحات الكبرى

عيد العرش.. الملك محمد السادس يواصل الإصلاحات الكبرى

وسط محيط إقليمي ودولي يشهد توتراً كبيرا وطغيان حالة اللايقين على كافة الأصعدة، تحل ذكرى عيد العرش لهذه السنة، لتذكر المغاربة بواحد من أهم أسباب الاستقرار والثبات ووضوح الرؤية التي ينعمون بها، في خضم تحولات داخلية وخارجية متسارعة، ويتعلق الأمر بالملكية التي تواصل تنفيذ عدد من الإصلاحات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، واضعة المغرب على سكة النماء.

فعلى المستوى السياسي، تمكن المغرب، خلال ما يزيد عن ربع قرن من حكم الملك محمد السادس، أن يحفاظ على انتظام المؤسسات الدستورية، وعلى دورية الانتخابات، في وقت تعيش فيه عدد من دول الجوار أزمات مؤسساتية أو انتقالات غير مكتملة، وما يؤكد مرة أخرى فرادة النموذج المغربي الذي يضيف إلى وصفة الديمقراطية والانتخابات والتداول السياسي جرعة مهمة من الاستقرار وبُعد النظر بفضل المشاريع الاستراتيجية التي تتجاوز عمر الحكومات، بحيث تجعل جميع الفرقاء السياسيين مساهمين في بنيان الوطن.

هذا الاستقرار المؤسساتي يساهم في تأمين شروط الإصلاح وتعبئة الموارد لمواجهة التحديات الاجتماعية والاقتصادية التي تعيشها البلاد، وهو ما جعل بعض من يريدون سوءا بهذا القطر يطمحون إلى تقويضه بالتشكيك والهجمات المكشوفة للوصول إلى تحقيق أوهامهم.

في السياق ذاته، يمضي ملف الصحراء المغربية نحو الطي النهائي، بعدما أسفرت جهود الدبلوماسية الملكية الرصينة توسيع رقعة الدول المؤيدة لمقترح الحكم الذاتي، مع تعزيز الحضور الدبلوماسي والاقتصادي للمغرب في أقاليمه الجنوبية، التي باتت تستقطب استثمارات في البنية التحتية والطاقة المتجددة والنقل البحري، كما تشهد ثورة على صعيد البنية التحتية تجعل مدن الصحراء المغربية مضاهية لنظيراتها بشمال، بدل “خيام الغبار والعار” التي يريدها البعض قدرا بدون نهاية لجزء من المغاربة الصحراويون المحتجزون بتيندوف.

على صعيد آخر، لا تغفل قيادة البلاد مختلف التفاصيل، حتى وإن بدت صغيرة أو قابلة للتأجيل، وهو ما تجسد في الدعوة الملكية إلى إطلاق مشاورات رسمية بشأن إصلاح مدونة الأسرة، وذلك من أجل تعزيز حقوق المرأة ورفع منسوب تماسك الأسرة المغربية، في ظل تحولات مجتمعية متسارعة، وهو ما يرتقب أن يتوج بمدونة جديد للأسرة تسد كثيرا من الثغرات التي أبانت عنها الممارسة.

من جهة أخرى، يأتي اختيار المغرب ضمن الدول الثلاث المنظمة لكأس العالم 2030 ليعطي دفعة معنوية ومادية لتسريع مختلف أوراش البنية التحتية، هذه الأخيرة التي يعد المغرب بحاجة إليها لمواصلة نهضته التنموية، خاصة وأنها تشمل تحديث الملاعب، وتقوية شبكات النقل والاتصال، وتوسيع العرض الفندقي والخدماتي، ما يجعل الحدث الرياضي رافعة استثمارية وسياحية حقيقية.

في هذا الصدد تتواصل مشاريع مهيكلة في عدد من المدن، ضمنها الرباط وطنجة ومراكش والدار البيضاء وفاس، وهي الأوراش التي يرتقب أن تنعكس على المدن المجاورة لها، بحيث يكون العائد التنموي لهذه التظاهرة الرياضية مقتسما بين الجهات، وهو ما يدفع المغاربة لترقب النتائج الإيجابية، بدل رؤية الجزء الفارغ من الكأس الذي اعتاده بعض ممن يشاركوننا أوكسجين هذا البلد.

من جانب آخر، تمضي البلاد في جهود تنزيل ورش الحماية الاجتماعية، الذي يعد أحد أبرز المشاريع الملكية ذات البعد الاجتماعي بتاريخ المغرب، وقد بدأت آثاره تتجلى أمام الجميع، بعدما أصبح غالبية المواطنين مستفيدين من التغطية الصحية، واستفادة ملايين الأسر من الدعم الاجتماعي المباشر، إضافة إلى تعويضات الطفولة وفقدان الشغل والتقاعد. وهو المشروع الذي يتم الاشتغال لتلافي بعض النواقص التي كان طبيعيا بروزها في سياق التنزيل.

الكلام أعلاه لا يعني أن المغرب انتهى من مختلف تحدياته ومشاكله، أو أن سياساته مطبوعة بالكمال الذي لا تشوبه شائبة، ولكنه يعني بالمقابل أن هناك أملا كبيرا في مستقبل هذا البلاد، ما دامت تسير على السكة الصحيحة للتنمية والبناء. ويأتي عيد العرش كمناسبة وطنية بارزة لتأكيد أن “للبيت رب يحميه” دائما وأن للبلاد قيادة تمضي بها على درب الإصلاح التدريجي والمتأني، رغم الإكراهات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News