فن

“لامورا” يغادر القاعات سريعا ويعيد النقاش حول ضعف الإقبال على السينما الجادة

“لامورا” يغادر القاعات سريعا ويعيد النقاش حول ضعف الإقبال على السينما الجادة

غادر فيلم “لامورا” القاعات السينمائية المغربية في وقت وجيز، بعد عرضه لأقل من أسبوعين، في مشهد يتكرر مع عدد من الأفلام ذات الطابع التاريخي والدرامي الجاد، التي لا تحظى بنفس الإقبال الذي تعرفه الأفلام الكوميدية والتجارية القادرة على الاستمرار في دور العرض لأشهر طويلة.

ويعيد هذا الخروج السريع إلى الواجهة النقاش حول واقع توزيع واستهلاك السينما في المغرب، حيث يجد المخرجون الذين يختارون تناول مواضيع تاريخية أو اجتماعية عميقة صعوبة في جذب الجمهور العريض، الذي يفضل الأعمال الخفيفة ذات الطابع الترفيهي.

ورغم القيمة الفنية والرسائل العميقة التي يحملها الفيلم، إلا أن مصيره كان مشابها لعدد من الأعمال التاريخية الأخرى التي غادرت القاعات السينمائية في صمت، في مقابل نجاح لافت للأفلام الكوميدية والتجارية التي تواصل جني الأرباح وتحقيق نسب مشاهدة مرتفعة.

ويرى متتبعون أن الجمهور المغربي يميل أكثر إلى الكوميديا، لما توفره من ترفيه خفيف وسهولة في التلقي، خاصة في ظل الأوضاع الاجتماعية الصعبة التي تجعل المتفرج يبحث عن جرعة من الضحك والهروب من الواقع، أكثر من اهتمامه بمواضيع جادة أو رمزية.

وتجد الأفلام التاريخية والدرامية فضاءها الطبيعي داخل المهرجانات السينمائية أكثر من القاعات التجارية، حيث تلقى التقدير من النقاد واللجان المتخصصة، لكنها تعاني ضعف الإقبال الجماهيري.

ويعزو البعض هذا الضعف إلى غياب جسور التواصل بين السينما الثقافية والجمهور العريض، بينما يجمع البعض على أن استمرار هذا التفاوت بين السينما الهادفة والسينما التجارية قد يؤدي إلى إضعاف التنوع الفني.

وفيلم “لامورا”، الذي أخرجه الراحل محمد إسماعيل، يمثل نموذجا لهذا النوع من الإنتاجات الجادة التي تجمع بين البعد التاريخي والإنساني، إذ يستحضر أحداث سنة 1936، خلال الحرب الأهلية الإسبانية ضد نظام فرانكو، مسلطا الضوء على مشاركة عدد من الشباب المغاربة في صفوف الجيش الإسباني، بعدما تم استغلالهم تحت ذريعة “تحرير المساجد” و”نصرة الدين”، بينما كان الهدف الحقيقي هو دعم فرانكو في حربه للسيطرة على البلاد.

ويتناول الفيلم جانبا إنسانيا من خلال قصة حب بين شاب مغربي وفتاة إسبانية تنشأ وسط المعاناة، لتكشف عن البعد الإنساني للمغاربة في زمن الحرب، وتناقض الصورة النمطية التي روجتها بعض المصادر الإسبانية.

وسعى المخرج الراحل من خلال “لامورا” إلى تصحيح المغالطات التاريخية التي رُوجت حول مشاركة المغاربة في الحرب، وإبراز أن من وُصفوا بـ”المرتزقة” و”المورو” لم يكونوا سوى ضحايا الفقر والاستغلال، جُندوا مقابل مبالغ زهيدة ووعود وهمية.

وسلط هذا الشريط السينمائي الضوء على معاناة الأسر المغربية التي فقدت أبناءها أو رأتهم يعودون بإعاقات مستديمة، مقابل قوت يومي بسيط.

ويأتي اختيار عنوان “لامورا” المستوحى من كلمة “المورو” التي كانت تُستخدم في تلك الفترة بازدراء، كتعبير عن استعادة الكرامة والاعتزاز بالانتماء المغربي، ورسالة فنية وإنسانية تعيد الاعتبار لتاريخ طالته كثير من التشويهات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News