مدريد تأمل تجديد اتفاق الصيد.. ووزير إسباني: المغرب شريك لا غنى عنه

يواصل المغرب ترسيخ موقعه كشريك استراتيجي لا غنى عنه بالنسبة للاتحاد الأوروبي، خاصة في مجال الصيد البحري، إذ عبّر وزير الزراعة والصيد البحري والتغذية الإسباني لويس بلاناس عن أمله في التوصل قريبًا إلى اتفاق جديد بين الاتحاد الأوروبي والمغرب، يعزز التعاون القائم ويوفر فرصًا أوسع لأساطيل الصيد الأوروبية والإسبانية.
وجاءت تصريحات الوزير الإسباني خلال جلسة عامة بمجلس النواب في مدريد، ردًا على استجواب من حزب “الكتلة الوطنية الغاليثية” (BNG)، إذ شدد بلاناس على أن المغرب يظل شريكًا أساسيًا للاتحاد الأوروبي في مجال الصيد البحري والزراعة، لما يتمتع به من استقرار سياسي ورؤية واضحة للتعاون الإقليمي.
وكان الاتفاق المبرم بين المغرب والاتحاد الأوروبي سنة 2019 يسمح لـ128 سفينة أوروبية، من بينها 93 سفينة إسبانية، بالصيد في المياه المغربية لمدة أربع سنوات، مقابل 52.2 مليون يورو يدفعها الاتحاد كمقابل مالي، وشمل الاتفاق استغلال الموارد البحرية في مختلف السواحل المغربية، بما فيها تلك الواقعة في الأقاليم الجنوبية للمملكة.
وأضاف الوزير، وبحسب ما نقلت وسائل إعلام إسبانية متفرقة، أن النية تتجه نحو إبرام اتفاق جديد في المستقبل القريب يعيد تنشيط التعاون البحري بين الطرفين، بعد تعليق البروتوكول السابق سنة 2023، مؤكدًا أن الهدف هو ضمان استمرارية الشراكة التي تعود بالنفع المتبادل على المغرب ودول الاتحاد الأوروبي، خاصة إسبانيا التي تربطها بالمملكة علاقات اقتصادية متينة.
وفي سياق متصل، أوضح بلاناس أن مجلس الاتحاد الأوروبي والمفوضية الأوروبية عملا على تكييف الاتفاقيات القائمة مع الأحكام الصادرة عن محكمة العدل الأوروبية، بما يضمن احترام القوانين الأوروبية دون المساس بالمصالح الاستراتيجية للعلاقات مع المغرب.
وأشار المسؤول الحكومي الإسباني، إلى أن هذا التكييف يشمل بُعدين أساسيين: أصل المنتجات الزراعية والبحرية، وتأثير الاتفاقيات على ساكنة الأقاليم الجنوبية المغربية، مؤكدا أن هذه الإجراءات تعكس الوعي المتزايد داخل المؤسسات الأوروبية بأهمية الحفاظ على علاقة متوازنة وبنّاءة مع المغرب، باعتباره ركيزة أساسية للأمن الغذائي والبحري في غرب المتوسط.
وأشار بلاناس إلى أن ما تم اعتماده من طرف المفوضية والمجلس الأوروبيين يحمل طابعًا استراتيجيًا مزدوجًا، زراعيًا وبحريًا، في إطار تعزيز الشراكة بين الاتحاد الأوروبي والمغرب، معتبرًا أن هذه الشراكة ليست تقنية فحسب، بل سياسية واستراتيجية، وتُظهر مدى الثقة التي تحظى بها الرباط داخل الأوساط الأوروبية.
وفي سياق حديثه عن العلاقات الأوروبية الإفريقية، لفت بلاناس إلى أن المغرب يظل نموذجًا في التعاون الإقليمي، مستشهدًا بالاتفاقيات التي تجمع الاتحاد الأوروبي بعدد من الدول الإفريقية مثل موريتانيا، الرأس الأخضر، ساحل العاج، غينيا بيساو، وساو تومي وبرينسيبي، موضحًا أن اتفاق الصيد مع المغرب يتميز بعمق أكبر من حيث التنظيم والالتزامات البيئية والاجتماعية.
كما تطرق الوزير الإسباني إلى الجهود التي تبذلها مدريد على الصعيد الأوروبي للدفاع عن مصالح الصيادين الإسبان، خصوصًا في ما يتعلق بملفات حصص الصيد وحظر الصيد القاعي في شمال شرق الأطلسي، مشيرًا إلى أن الحكومة الإسبانية قدمت استئنافًا ضد القرار الأوروبي بحظر الصيد في 87 منطقة بحرية حساسة، بعدما اعتبرت أن المفوضية تجاهلت الأثر الاجتماعي والاقتصادي لهذا القرار على آلاف الأسر العاملة في القطاع.
وأكد بلاناس أن إسبانيا تواصل الدفاع عن استدامة بيئية حقيقية ومتوازنة، لا تضر بمصالح العاملين في البحر، مشيرًا إلى أن الحكومة الإسبانية تجري حوارًا مباشرًا مع المفوضية الأوروبية لرفع الحظر عن الصيد بخيوط القاع، استنادًا إلى تقارير علمية تؤكد أن هذه التقنية ذات تأثير محدود على البيئة البحرية.
وفي ختام كلمته، أشار الوزير إلى أن مفاوضات ميزانية الاتحاد الأوروبي للفترة 2028-2034 ستكون طويلة ومعقدة، لكنها تمثل أيضًا فرصة لإعادة تقييم سياسات التمويل الأوروبية الخاصة بالبحر والصيد، مضيفًا أن مدريد وقطاع الصيد الإسباني توصلا إلى موقف موحد سيدافعان عنه أمام مؤسسات الاتحاد لضمان ميزانية أكثر عدلاً ومراعاة للواقع الميداني.