لطفي: إصلاح الصحة يحتاج أفعالا لا خطابات و10 مغاربة يموتون بالسل يوميا

قال علي لطفي، رئيس الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة، إن النقاش حول إصلاح المنظومة الصحية في المغرب لا يمكن أن يُبنى على التصريحات الرسمية أو الوعود الحكومية، بل على النتائج الملموسة في الميدان، مضيفًا بلهجة نقدية حادة، “ماذا تحسن في المنظومة الصحية؟ لا شيء، وأقول لا شيء”.
وأوضح لطفي، في حوار مع جريدة “مدار21” الإلكترونية، أن جائحة “كوفيد-19” كشفت عن اختلالات بنيوية عميقة داخل القطاع الصحي، أبرزها نقص حاد في الموارد البشرية، وغياب التجهيزات، وندرة الأدوية داخل المستشفيات، وهو ما أظهر بوضوح أن المنظومة كانت في حالة عجز خطير، لولا التدخل الملكي الذي أطلق “ثورة اجتماعية”، من خلال مشروع تعميم الحماية الاجتماعية.
وأشار المتحدث إلى أن هذا الورش الملكي تضمن أربعة مكونات أساسية، منها تعميم التأمين الإجباري عن المرض على جميع المغاربة دون استثناء، وهو ما كان يفترض أن يشمل بحلول سنة 2022 نحو 22 مليون مغربي إضافي، بحيث يصبح كل المواطنين مغطّين صحيًا، غير أن الواقع، بحسب لطفي، يُظهر أن أزيد من 8.2 ملايين مغربي ما زالوا دون أي تغطية صحية، وهو رقم أورده المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي.
وأضاف أن الحكومة التزمت أمام الملك بخارطة تنفيذ دقيقة تشمل تعميم التأمين سنة 2022، وتعميم التعويضات العائلية في 2023، وضمان معاش للمتقاعدين وتعويض عن فقدان الشغل في أفق 2025، إلا أن “كل هذه الوعود بقيت معلقة، ولم يتحقق منها شيء على أرض الواقع”.
واسشتهد لطفي فيما يتعلق باختلالات القطاع الصحي، بما وصفه بالنقص الخطير في أدوية داء السل بالمراكز الصحية والمستشفيات، رغم أن المغرب يسجل 96 إصابة جديدة يوميًا و10 وفيات بسبب هذا المرض، لافتا إلى أن 3300 شخص يموتون سنويًا بسبب السل، في وقت تغيب فيه الأدوية المجانية التي توفرها وزارة الصحة بدعم من منظمة الصحة العالمية.
ونبّه إلى أن انقطاع الدواء يؤدي إلى ظهور حالات مقاومة للعلاج، ما يزيد من معاناة المرضى ويضاعف معدلات الوفيات، مبرزا في حديثه للجريدة أن الأمر لا يقتصر على السل فقط، بل يمتد إلى أمراض القلب والشرايين والسرطان، التي تتصدر أسباب الوفاة في المغرب، مرجعًا ذلك إلى تراجع سياسة الوقاية والعلاجات الأولية التي كانت توفرها المراكز الصحية.
وقال لطفي إن تخلي الدولة عن المقاربة الوقائية جعل المواطن يتحول إلى زبون لدى الشركات الكبرى للأدوية والمصحات الخاصة، مشيرًا إلى أن النظام الصحي أصبح يخدم مصالح اقتصادية أكثر مما يخدم صحة المواطن.
وانتقد إدماج المراكز الاستشفائية الجامعية ضمن ما يُعرف بالمجموعات الصحية الترابية، معتبرًا أن هذا القرار “أكبر خطأ تنظيمي”، لأن هذه المراكز، حسب قوله، يجب أن تبقى مستقلة إداريًا وماليًا، لارتباطها بالكليات الطبية وأساتذتها الجامعيين، محذرًا من أن هذه الخطوة تدمّر الهيكلة الأكاديمية للمنظومة الصحية.
وختم لطفي بالقول إن ما يُقدَّم على المستوى السياسي من حديث عن إصلاح المنظومة الصحية لا يعدو أن يكون خطابات وشعارات، مضيفًا أن الشباب المغربي يدفع ثمن فشل السياسات الاجتماعية والاقتصادية، حيث تبلغ نسبة البطالة في صفوف الشباب 47% وفق أرقام بنك المغرب، بينهم ربع حاملي الشهادات الجامعية، ليجد كثير منهم أنفسهم في الشارع بدل سوق الشغل.