“السمية”.. مسرحية تغوص في عمق الانتظار وتوترات الحياة الزوجية

يخوض طاقم مسرحية “السمية” جولة فنية بعرض جديد تقدمه فرقة “حركة” من مدينة طنجة، ضمن المشاريع المدعمة من قبل وزارة الشباب والثقافة والتواصل، متناولين في قالب درامي حميمي، موضوع الانتظار وما يرافقه من توتر نفسي وقلق وجودي داخل العلاقة الزوجية.
وكشف بطل العمل المسرحي والمدير الفني للفرقة، عثمان سلامي في تصريح لجريدة “مدار21″، أن أحداث المسرحية تدور حول زوجين شابين يعيشان لحظة مفصلية في حياتهما، إذ ينتظران مولودهما الأول، غير أن هذا الانتظار، بدل أن يكون مدعاة للفرح، يتحول تدريجيا إلى مرآة تعكس توترات دفينة وقلقا وجوديا متصاعدا.
ويضيف أنه في هذه اللحظة تتشابك مشاعر الخوف من المسؤولية مع الهشاشة العاطفية للعلاقة الزوجية، تحت ضغط أسئلة كبرى يفرضها المجتمع والواقع، إلا أنه ومن خلال حوارات مقتضبة وإيقاع مسرحي متأنٍ، يستكشف العرض معنى “الانتظار” كحالة إنسانية معقدة، تتأرجح بين الأمل والترقب، واللايقين الذي يحاصر الأفراد في لحظات التحول.

وأشار المتحدث إلى أن المخرج محمد بوتخريز حرص على إضفاء بُعد بصري قوي على العرض، مستعينا بسينوغرافيا أسماء هموش، التي صممت فضاء مسرحيا بسيطا في شكله، غنيا في رمزيته، إذ جاءت الألوان والقطع المشهدية لتجسد ثنائية الألفة والاغتراب، مما يعمق من أبعاد النص الدرامية.
وبخصوص أداء الممثلين، أوضح أن العرض اعتمد مقاربة تقوم على التعبير الانفعالي البارد، ما منح النص طاقة درامية متجددة، تضع المشاهد في صلب التوترات والصراعات الداخلية للشخصيات.
واعتبر سلامي أن ما يميز هذا العمل المسرحي هو مزجه المتوازن بين البعد العالمي والمحلي، إذ انطلق من نص يون فوس المعروف بأسلوبه القائم على الصمت والانتظار، وقدم بلغة مسرحية مغربية معاصرة، قادرة على إعادة طرح أسئلة الهوية والعيش المشترك من داخل السياق المحلي.
وهذه المسرحية، التي حملت عنوان “السمية”، مقتبسة عن نص للكاتب النرويجي يون فوس، وأخرجها محمد بوتخريز، الذي عمل على إعادة قراءة النص الأصلي في سياق مغربي معاصر.

وشارك في تشخيص العمل المسرحي كل من ذكرى بنويس، وعثمان سلامي، وسعيد عامل، ورجاء السالمي، وطارق البقالي، فيما تولت أسماء هموش تصميم السينوغرافيا والأزياء، مقدمة فضاء بصريا رمزيا ينسجم مع أجواء النص.
وكانت فرقة “حركة” قدمت العرض الأول من المسرحية مطلع شهر شتنبر بقاعة باحنيني في الرباط، على أن تواصل تقديم عروض أخرى في عدد من المدن المغربية، بهدف توسيع دائرة النقاش المسرحي، وإشراك جمهور أوسع في تجربة فنية تلامس أسئلة الإنسان الوجودية من منظور حميمي وقريب من الواقع، بحسب ما أوضحه عثمان سلامي.
وأكد المدير الفني للفرقة وبطل العمل أن هناك عروضا أخرى سيتم برمجتها في عدد من المسارح بالمملكة خلال شهري أكتوبر ونونبر، مشيرا إلى أن مواعيد وتفاصيل المدن المعنية ستُعلن لاحقا.

وشرعت العديد من الفرق المسرحية في تقديم العروض الأولى لأعمالها في عدد من المدن المغربية في إطار جولة فنية، مدعمة من وزارة الشباب والثقافة والتواصل – قطاع الثقافة.
وحصلت هذه المسرحية على دعم مالي قدره 180 ألف درهم، من طرف وزارة الشباب والثقافة والتواصل، وذلك في إطار الدورة الأولى لسنة 2025 الخاصة بدعم المشاريع الثقافية والفنية في مجال المسرح.
وشهدت هذه الدورة دعم 41 مشروعا مسرحيا، جرى تقديم بعضها خلال الشهر الجاري، من بينها كناش الحشمة، واقطيب الخيزران، والبعد الخامس، والمروح، والمعمعة، وغروب، وهاربات، وإيغود إلى جانب أعمال أخرى.