فن

بين قضايا الهوية والهجرة والمرأة.. مسرحيات مدعمة تنبش في الهوية المغربية

بين قضايا الهوية والهجرة والمرأة.. مسرحيات مدعمة تنبش في الهوية المغربية

انطلقت خلال الشهر الجاري العروض المسرحية المدعمة من طرف وزارة الشباب والثقافة والتواصل – قطاع الثقافة، برسم الدورة الأولى لسنة 2025، إذ بلغ عدد المشاريع المستفيدة من الدعم 41 مشروعا مسرحيا، ستجوب مختلف المسارح عبر ربوع المملكة، بهدف تقريب الجمهور من أبي الفنون وإنعاش هذا القطاع، الذي يواجه تحديات عدة في ظل المنافسة المتزايدة من الأعمال التلفزيونية والسينمائية، بالإضافة إلى تأثير الفضاء الرقمي.

وتتراوح قيمة الدعم المخصص لكل مشروع بين 140 و200 ألف درهم، وقد باشرت بعض الفرق تقديم عروضها الأولى، في انتظار انطلاق باقي العروض خلال الأسابيع المقبلة.

وشرعت فرقة محترف أكادير للفنون في تقديم عرض مسرحيتها “إيغود”، التي حظيت بدعم مالي قدره 180 ألف درهم في إطار برنامج دعم المشاريع المسرحية برسم سنة 2025.

وتتناول هذه المسرحية قضايا الهوية والتاريخ، وتسلط الضوء على مظاهر الاستلاب الفكري والهوياتي، وما ينتج عنها من صراعات داخلية، إلى جانب طرحها لمعاناة المتضررين من الزلزال في ظل ما وصفه صناع العمل بـ”اللامبالاة والتهميش”، حسب ما أفادوا به لجريدة “مدار21”.

وهذه المسرحية من تأليف سفيان نعوم، وترجمة لحسن سرحان، وإخراج رشيد لهزمير، وتشخيص كل من حميد اشتوك، وكبيرة البرداوز، وحسن عليوي، وخديجة أمنتاك.

ودخلت مسرحية “هاربات” غمار العروض المسرحية على خشبات المسارح الوطنية، بعد استفادتها هي الأخرى من دعم مالي قدره 180 ألف درهم.

وفي هذا العمل المسرحي الذي تحمل مشروعه فرقة “نقولو Action للسينما والمسرح”، يتم فتح كوة على عالم مغلق، تخنقه العتمة وتعلق فيه الأرواح على حافة الانتظار، لتنطلق حكاية أربع فتيات حملتهن أحلام الهجرة بعيدا، فإذا بهن يسقطن في فضاء كئيب أشبه بنفق لا مخرج منه، حيث يغيب الأمل، وتتحول الوعود إلى خيبات، والأحلام إلى أدوات للاستغلال.

وتضيف مؤلفة العمل في تصريح لجريدة “مدار21” أنه وسط هذا العزل القاتم، تبرز شخصية شامة، الأقدم بينهن، التي تعرف تضاريس المكان وقوانينه، وتدعي أنها تسعى إلى حماية الفتيات ومساعدتهن على النجاة، لكنها في المقابل تمنعهن من محاولة الصعود، وتزرع في نفوسهن الرعب من المصير الذي ينتظرهن هناك.

وشامة ستخبر الفتيات أن الموت هو كل ما سيجدنه، ليجعل هذا الخطاب المزدوج منها شخصية مريبة، لا يعرف إن كانت تسير على درب الضحايا، أم أنها باتت جزءا من آلية الاستغلال ذاتها.

وينبثق الصراع الدرامي من تناقضات داخلية وخارجية، تجسدها ثلاث شخصيات رئيسية، سعيدة، التي يستبد بها الخوف وتخضع لإرادة الآخرين دون مقاومة، وأمال، التي تدخل المكان مدفوعة بحلم في مستقبل أفضل، لكنها تصطدم بواقع ينهار من حولها، وعائشة، التي تحضر كطيف من الماضي، تروي تفاصيل انتحارها وتفتح جرحا مأساويا يثقل النص بظلال الفقد.

ويشارك في تجسيد شخصيات مسرحية “هاربات”، من تأليف حفصة الخال وإخراج عبد الفتاح عشيق، كل من خولة احجاوج، وهجر المسناوي، وحفصة الخال، وأمنية الشفشاوني.

وانطلقت عروض مسرحية “غروب”، ضمن الموسم المسرحي الجديد المدعم من طرف وزارة الشباب والثقافة والتواصل – قطاع الثقافة، برسم الدورة الأولى لسنة 2025، والتي تم دعمها ب 160 ألف درهم.

وكشف مؤلف المسرحية ومخرجها، ياسين هواري في حديث لجريدة “مدار21” أن المسرحية تحكي التي تعود لفرقة “أوريكة”، قصة فقدان الشغف وسط استحالة تحقيق الأحلام والرغبات، وغياب القدرة على البوح في ظل صمت مفروض ومحيط خانق، إذ تواجه خولة، شابة مقيدة بواجباتها العائلية، مصيرها في رقعة ضيقة تحاصرها بين ضغوط المجتمع وزواج تقليدي من عادل، الصحفي الذي يحاول قول الحقيقة في مجتمع خاضع للرقابة، حيث يعيشان معا وسط قيود لا متناهية.

في جانب آخر من المسرحية، يسلط الضوء على يعقوب، الشاب المثقف الحاصل على عدة شواهد ودبلومات، والذي تغلق الأبواب في وجهه داخل وطنه، إذ رغم كفاءته ومثابرته، لا يحصل على فرصة عمل، ما يدفعه إلى خوض مغامرة الهجرة عبر البحر، الذي يلتهمه في لحظة، لينهي حلما بسيطا بالكرامة والعمل.

أما مريم، الشابة التي لم تعترف بحبها ليعقوب، فتعيش مأساة الفقد، حين يقرر هو الإفصاح عن مشاعره متأخرا، ليختطفه الموت فجأة، إذ بعد “الغروب”، لا يتبقى سوى فراغ قاتل يتركه الراحلون في قلوب من أحبوهم بصمت.

وهذه المسرحية من تأليف وإخراج ياسين هواري، وسينوغرافيا وملابس من توقيع هدى الحامض، فيما تولت رميساء شراشر تصميم الإضاءة، بينما شخص أدوار البطولة كل من وليد المعروفي، وحنان العلام، وأمينة الليق، وياسين هواري.

وانطلقت عروض مسرحية “المروح” لفرقة “طروبادور”، التي حظيت بدعم مالي قدره 180 ألف درهم، وتسلط الضوء على معاناة النساء اللائي يحلمن بالأمومة، وما يرافق هذا الحلم من حرمان نفسي، بالإضافة إلى تعقيدات تعدد الزوجات، والضغوطات التي يعيشها الزوج وهو يحاول التوفيق بين زوجتين دون جدوى.

وتدور أحداث المسرحية بحسب ما أفاد به مخرجها هشام إبراهيمي في تصريحه للجريدة حول شخصية “سيد أحمد”، الذي بعد موافقة زوجته “الهدية”، يقرر الزواج من امرأة ثانية أملا في تحقيق حلمه بإنجاب أطفال يحملون اسمه، بعد سنوات من العقم.

غير أن هذه الخطوة لم تكن بداية الفرج، بل مدخلا لمزيد من المشاكل والتوترات، حيث تعيش الشخصيات الثلاث حياة قاسية في البادية خلال فترة ماضية، ويعتمدون في معيشتهم على قطيع الغنم الذي يرعاه “سيد أحمد”، ما يفرض عليه الغياب طوال النهار، والعودة عند غروب الشمس.

وفي غيابه، تقضي “الهدية” يومها رفقة “منتو”، الزوجة الثانية، ما يزيد من حدة التوتر بينهما، إلى أن تتعقد الأمور وتصل إلى نقطة اللاعودة، إذ يجد الثلاثة أنفسهم أمام مفترق طرق، ولكل منهم قراره الذي سيحدد مصير العلاقة.

ومسرحية “المروح” هي عمل حواري حساني، من تأليف علية طوير، وإخراج هشام إبراهيمي، وتشخيص علية طوير، ونجاة اختيار، ومحمد الرزكي.

وقدم العرض الأول لمسرحية “معمعة لفرقة “المسرح الجامعي” قبل أيام، بعد استفادتها من دعم مالي قدره 170 ألف درهم.

وكشف بطل المسرحية جواد العلمي في حديثه للجريدة أنها تدور حول فتاة تقتحم منزل رجل وهي هاربة من مطاردين، وبعد نقاش بينهما، يقرر أن يأويها، غير أن زيارة صديقه تغير مجرى الأحداث، إذ يخبره بأن فتاة مطلوبة قد لجأت إلى العمارة المحاصرة من طرف رجال الأمن، مما يجعل الرجل أسيرًا مع الفتاة في بيته.

وهذه الفتاة تحاول إقناعه بأن جميع الناس ارتكبوا جرائم ما، وأن كل إنسان يخفي خطيئة لا تُكتشف إلا حين تُدان، وفي الوقت نفسه، يخبره صديقه بأن الحصار سيتبعه تفتيش شامل للشقق، فيشتد خوف الرجل.

ويدخل رجال الأمن إلى شقته لاستغلال نافذة غرفة نومه في مراقبة الهاربة، ويوقع لهم على تصريح يؤكد فيه عدم دخول أي فتاة إلى بيته، لكن الفتاة التي كانت مختبئة تسمع كل ذلك، وبعد خروجهم يسيطر الرعب على الرجل، فيفكر بتسليمها، غير أنها تهدده باتهامه بالتستر عليها.

ومع تفاقم أزمته النفسية، يتحول الصراع بينهما إلى حالة من التفاهم والانسجام، ليطفو جو من الحب في مواجهة الخوف، لكن المخاوف تتضاعف حين يعود رجال الأمن للتفتيش، فتظن الفتاة أنهم عادوا لاعتقالها.

وهذا العمل من اقتباس عبد الهادي فريجة، وإخراج عبد اللطيف الدشراوي، ويجسد أدواره كل من جواد العلمي، وسناء بحاج، وعبد الرحيم الغزواني.

وعرضت مسرحية “كناش الحشمة” لفرقة “محترف الفن الأصيل للسينما والمسرح” أيضا قبل أيام، بعد استفادتها من دعم بقيمة 180 ألف درهم، إذ تدور أحداثها حول شخصية بشار الخير، الذي يلتقي بالشيخ عرعار، ليكتشف أن هذا الأخير يسجن ابنته في قبة العار، ما يدخله في صراع من أجل إثبات قيمة المرأة المسجونة كامرأة حرة، مواجها عقلية الجهل التي تهضم الحقوق، وتكرس العبودية، وتؤسس لثقافة العار.

وهذا العمل من تأليف وكتابة عبد المجيد سعد الله، وإخراج ودراماتورجيا سامي سعد الله، وشخص أدوارها كل من مصطفى اهنيني، وبوشعيب العمراني، وسعيد مزوار، ورجاء بوحامي، والحسين اغبالو.

وشرعت مؤسسة “فلاش للإنتاج” في تقديم عروض مسرحية “اقطيب الخيزران” المستفيدة من دعم مالي قدره 200 ألف درهم، لتنقل قصة شخصين ينحدران من قبيلة هوارة، يقعان في حب بعضهما البعض.

وتتمحور أحداث المسرحية حول “خيزران”، الفتاة الهوارية التي ترفض عرض الزواج من شيخ القبيلة، الذي أتى به والدها، وتعكس المسرحية صراعا بين إرادة الابنة وحكم الأب الذي يسعى لفرض هذا الزواج رغم الفارق الكبير في السن بين “خيزران” والشيخ الذي يُعتبر شخصا جبارا متسلطا في القبيلة.

وعلى الرغم من إصرار والدها، ترفض “خيزران” الزواج من الشيخ وتظل مخلصة لحبيبها، ابن عمها هوار، إذ إن الإصرار المستمر من والدها يدفعها إلى التفكير في إنهاء حياتها، قبل أن تعيد الأقدار إليها حبيبها، لكن وبمجرد وصولها إلى القصر والانبهار بحياة الرفاهية فيه، يتغير موقف هوارة أو “خيزران”، وتقرر التخلي عن حبيبها من أجل الاستمتاع بمباهج الحياة.

وبخصوص فريق العمل، تولى عبد الإله بنهدار مهمة التأليف، فيما أسندت مهمة الدراماتورجيا والإخراج إلى عبد الله ديدان، بينما تكفلت سارة الرغاي بالسينوغرافيا، وشارك فيها كل محمد عزام كل من عبد الله ديدان، ومحمد حمزة، وعبد الكريم شبوبة، ولمياء خربوش.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News