خبير: الصمت الرسمي والغلاء يعززان الإحساس بـ”مقاطعة” الجالية للسياحة المغربية

في ظل تصاعد شكاوى مغاربة العالم من ارتفاع أسعار النقل والخدمات السياحية بالمغرب، يرى الخبير السياحي الزبير بوحوت أن الحديث عن “مقاطعة منظمة” لا يستند إلى أرقام رسمية تؤكده، لكنه في المقابل لا يخفي وجود مؤشرات مقلقة تعكس غضبا متزايدا من الجالية تجاه غلاء غير مبرر، مستدركا بدعوة الفاعلين والسلطات المعنية إلى التفاعل مع موجة الانتقادات، ذلك أن تجاهل هذه الرسائل قد يؤدي إلى نفور تدريجي للمغاربة المقيمين بالخارج نحو وجهات بديلة.
وقال الخبير السياحي الزبير بوحوت، في تصريح لجريدة “مدار21″، إنه من جهة من الصعب الحديث عن مقاطعة مغاربة العالم للسياحة بالمغرب، لأن الأرقام التي تؤكد ذلك غير متوفرة، لأن الجالية تمثل ما يناهز 50 في المئة من عدد الوافدين على المغرب، مشيرا إلى أن 40 في المئة من الجالية التي تزور المغرب تتمركز خلال فترة عملية مرحبا.
وأردف بوحوت أن الإحصائيات الرسمية التي كشفها وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، تكشف أن عدد مغاربة العالم الوافدين يناهز مليون و521 ألف بين 10 يونيو و10 يوليوز، مفيدا أن الوزارة لا مصلحة لها في تضخيم الأرقام، وأن هذه المعطيات تكشف إقبال الجالية على العودة إلى أرض الوطن، ذلك أن هذا الرقم يشكل زيادة 13 في المئة مقارنة بسنة 2024.
واستدرك بوحوت أنه بالمقابل تنتشر فيديوهات مجموعة من أفراد مغاربة العالم تشتكي من غلاء تذاكر النقل عبر الطائرات والبواخر، وكذا غلاء أسعار الخدمات السياحية، ما يوحي بوجود غضب في صفوف الجالية من ارتفاع الأثمنة بالمغرب، خاصة وأنهم يمرون في طريقهم على وجهات سياحية كثيرة بأثمنة أقل وجودة أعلى.
وتابع أنه من الصعب الحديث عن المقاطعة، إلا رغم إخلاص مغاربة العالم وارتباطهم الوثيق ببلدهم لزيارة عائلاتهم وقضاء أغراضهم الإدارية، إلا أنهم يعبرون عن غضبهم من هذا الوضع، ولهذا قد يفضلون العودة لقضاء عطلهم في وجهات سياحية أخرى.
وأكد أنه بفضل سياسة تقوية الربط الجوي التي نهجها المغرب، أصبح للشركات ذات التكلفة المنخفضة دور كبير في النقل، مما سمح لأعداد كبيرة بالتنقل مقابل كلفة بسيطة، غير أن الضغط خلال فترة الصيف يساهم في رفع الأثمنة، وهو ما يفسر جزئيا الغضب الذي يتم التعبير عنه من طرف الجالية.
وأردف أنه ليس هناك تراجع في أعداد السياح الوافدين بمن فيهم مغاربة العالم، لكن يمكن أن يكون التراجع في نسبة النمو، مبرزا أنها كانت 27 في المئة خلال يناير، و22 في المئة خلال فبراير، وفي مارس بلغت تزامنا مع رمضان +17 في المئة، وفي أبريل بعد رمضان باتت النسبة +27 في المئة، وبعدها في ماي ويونيو بلغت النسبة على التوالي 16 و11 في المئة، مما يؤكد تراجع نسبة النمو رغم الزيادة المسجلة في أعداد الوافدين.
وتابع أن الفاعلين الذين رفعوا الأثمنة بناء على ارتفاع أعداد الوافدين فوجئوا بتصرف مغاير من طرف مغاربة العالم، الذين أعطوا عبر مقاطع الفيديو المنتشرة إشارة عن الغضب وعدم الرضا عن الممارسات المنتشرة، مفيدا أن هذا السلوك يمكن أن ينتج عنه توازن إذا راجع المهنيون أنفسهم وأعادوا النظر في الأثمنة المرتفعة.
وشدد الخبير السياحي على أنه لا يمكن لفندق مصنف أربع نجوم أن يعرض غرفة شخصين مقابل مبلغ 7000 درهم، كما أن ليس مقبولا أن تباع “بغريرة” بـ40 درهما، وأن يطلب حارس سيارات 50 درهما لركن سيارة، مفيدا أن هذه الأمور تعطي انطباعا سلبيا عن السلسلة ككل إذ يعطى انطباع وكأنه يتم انتظار مغاربة العالم لاستنزافهم.
وأكد على أنه يجب على الوزارة الوصية والجمعيات المهنية بقطاع السياحة أن تخرج للطمئنة لأن هذا الأمر يمكن أن يساهم في التأثير على مغاربة العالم الذين ينوون الدخول إلى أرض الوطن خلال شهر غشت، خاصة وأن هذه الفيديوهات يتم تداولها منذ أسابيع دون أن تكلف الجهات المسؤولة نفسها عناء التوضيح وإظهار الحقيقة، معتبرا أن الصمت وسياسة النعامة تزكية لحقيقة المقاطعة، وهو أمر خطير لأننا مقبلون على مرحلة مهمة.
وأردف على أن وزارة الداخلية، عبر الولايات والعمالات، يجب أن تعزز جهود مراقبة الأسعار والجودة من أجل دفع المهنيين لالتزام، ذلك أن من يطلب أثمنة مرتفعة ويتوفر على جودة ضعيفة سيكون مضطرا لإعادة النظر، خاصة وأن المغرب ينهج حرية الأسعار، ولهذا وجب التشدد في مراقبة الجودة.
وأردف أن الكثير من المغاربة باتوا يفضلون الوجهة الإسبانية لقضاء عطلتهم الصيفية لأنه توفر خدمات عالية الجودة بأثمنة متنوعة، كما أنها تتوفر على عدد الغرف في الفنادق يتجاوز مليون غرفة بينما لا يتعدى العرض الفندقي في المغرب 200 ألف غرفة، كما أن العرض بإسبانيا أقوى خمس مرات مقارنة بالمغرب.