هل ساهم تغول القطاع الخاص في أزمة الصحة العمومية بالمغرب؟

أكثر من أي وقت مضى، باتت أصابع الاتهام مسلطة نحو الهوة في القطاع الصحي بين العمومي والخاص، ففي وقت يعيش المغرب على وقع احتقان فجرته أزمة مستشفى الحسن الثاني بأكادير، والذي اعتبره المحتجون صورة مصغرة عن واقع الصحة العمومية في البلاد، تواصل أرقام الشركات الصحية الخاصة التغني بازدهار متصاعد سنة بعد أخرى، مما يطرح علامات استفهام كبرى حول هذه المفارقة.
مواعيد قد تزيد عن شهور، تجهيزات طبية أساسية غائبة أو في وضع مزرٍ، وأطر طبية منهكة وعاجزة عن تحمل الضغط المتزايد على المستشفيات… تلك أبرز آلام القطاع الصحي العمومي التي أخرجت “جيل زد” للاحتجاج. وفي مقابل ذلك يبدو القطاع الصحي الخاص أشبه بدجاجة تبيض ذهباً، منذ توجه المغرب نحو تعميم التأمين الإجباري عن المرض.
لغة الأرقام لا تعرف الكذب، ففي ظل الأزمة الصحية العمومية، سجلت الشركات المدرجة ببورصة الدار البيضاء في القطاع الصحي نمواً تاريخياً في مداخيلها، ناهز 70 في المئة، متفوقة على قطاعات البناء والسيارات والبنوك التي اعتادت ريادة البورصة.
الصحة الخصوصية واحدة من بين القطاعات التي تفوقت بشكل ملحوظ على معدل نمو البورصة، بزيادة قدرها 67,3 في المئة، و”أكديطال” التي تعد مارد الشركات المدرجة في القطاع المذكور حققت مداخيل فاقت ملياري درهم خلال 6 أشهر فقط من السنة الجارية.
تقدمت جريدة “مدار21” بسؤال حول العلاقة بين واقع القطاعين الصحيين، العام والخاص، اعتبر أحمد الحكوني، الكاتب العام للجامعة الوطنية للصحة، التابعة للاتحاد العام للشغالين بالمغرب، أن العلاقة الوحيدة الممكنة هي أن الحكومة تتجه إلى خوصصة القطاع، وفي هذه الحال “يستحسن أن تكون الحكومة واضحة في مسعاها وأن تخبر به كافة المعنيين بالأمر بدون مواربة”.
وبشأن الموارد البشرية، إذ يتهم العديد من المراقبين مهنيي الصحة بالوقوع في إغراءات القطاع الخاص، مقابل التهاون في تأدية واجبهم بالمؤسسات العمومية، رفض المسؤول النقابي جملة وتفصيلا تحميل المسؤولية للعنصر البشري؛ “لا علاقة للمهنيين بواقع مستشفى الحسن الثاني بأكادير ولا بغيره، المطلوب لتحسين المستشفيات العمومية هو زيادة عدد الأسرّة وتعداد الطاقم البشري، والاهتمام برجال ونساء الصحة الذين خاضوا عددا من المعارك في سبيل ذلك”.
واستطرد؛ “هناك حالات نادرة يمكن فيها الحديث عن دور العنصر البشري في سوء الخدمات الصحية العمومية، هو مثلا مكوث مسؤول عن الصفقات في مديرية معينة لمدة طويلة، يجب على الوزارة مراجعة هذه المصالح، وتغيير المسؤولين عنها بين الفينة والأخرى”.
ولفت كذلك إلى معضلة التكوين؛ قائلاً إن الحاجة ملحة إلى الحرص على تكوين اليد العاملة الصحية ومراقبته والتحقق من أنه لائق وذو جودة.
وخلص النقابي إلى أن النقابات والمهنيين هم أول من انخرط في الورش الملكي للرقي بقطاع الصحة والحماية الاجتماعية، وأن مشاكل قطاع الصحة ليست وليدة اليوم أو الأمس بل هي نتيجة لتراكمات سنين.