اقتصاد

ارتفاع هوامش الربح في توزيع المواد الغذائية يفاقم التضخم بالمغرب

ارتفاع هوامش الربح في توزيع المواد الغذائية يفاقم التضخم بالمغرب

أدى ارتفاع هوامش الربح الخام في مسالك توزيع المواد الغذائية إلى تفاقم معدلات التضخم في المغرب، إذ إن هذا الارتفاع، الذي شمل مختلف أنواع المنتجات الاستهلاكية الأساسية، كشف عن اختلالات هيكلية في منظومة التسويق والتوزيع، انعكست سلبا على القدرة الشرائية للمستهلكين، وأذكت ارتفاع الأسعار بشكل غير متناسب مع التكاليف الحقيقية.

وبحسب ما ورد في تقرير رأي صادر عن مجلس المنافسة حول “وضعية المنافسة على مستوى مسالك توزيع المواد الغذائية”، ففي قنوات التوزيع التقليدية، تضاعفت هوامش الربح الخام لمنتجات الحليب من 10 في المئة خلال الفترة ما بين 2021 و2022، إلى 22 في المئة بين 2022 و2023، مما يشير إلى تسارع في وتيرة الأرباح التي يحققها الفاعلون في هذه السلسلة.

ويضيف الرأي أن المصبرات النباتية، خصوصا مركز الطماطم والمربى، شهدت زيادات مهمة في هامش الربح، بلغت 18 و12 في المئة على التوالي، في حين ارتفع هامش الربح بالنسبة لصنف المعجنات الغذائية والكسكس بنحو 20 في المئة سنة 2022، قبل أن يتراجع بشكل طفيف في السنة الموالية، دون أن يعود إلى مستواه المسجل سنة 2021.

أما على مستوى المساحات الكبرى والمتوسطة، يوضح الرأي المدرج في التقرير أنه تم تسجيل نفس المنحى التصاعدي في الأرباح خلال الفترة نفسها، إذ سجلت ثلاث علامات تجارية رئيسية زيادات لافتة في هوامش أرباحها ما بين سنتي 2021 و2022، بلغت 44 في المئة بالنسبة لمنتجات الحليب، و2.5 في المئة للمعجنات الغذائية والكسكس، و55 في المئة للمصبرات النباتية.

ومع أن هذه الهوامش انخفضت نسبيا بين 2022 و2023، فإنها لا تزال تفوق ما كانت عليه قبل ذلك بعامين، إذ استقرت على 22 في المئة لمنتجات الحليب، و1 في المئة للمصبرات، بينما ارتفعت إلى 4 في المئة للمعجنات والكسكس، وفق ما جاء في تقرير مجلس المنافسة.

ويرى التقرير أن هذا النمط من الممارسات التجارية، حيث يعمد الموزعون إلى رفع أسعار البيع بنسبة تفوق نسبة ارتفاع أسعار الشراء خلال فترات الأزمة، ثم يطبقون تخفيضات أقل من تلك التي يحصلون عليها من الموردين عند انخفاض الأسعار، يعكس خللا في دينامية السوق، ويمثل أحد العوامل المساهمة في تغذية التضخم بشكل مصطنع.

وأبرز التقرير أن هوامش الربح لا تقتصر فقط على “الربح الأمامي”، أي الفارق بين سعر الشراء وسعر البيع، بل تشمل أيضا ما يُعرف بـ”الربح الخلفي”، المتمثل في تخفيضات خارج الفواتير واتفاقيات التعاون التجاري، والذي يبلغ متوسطه نحو 9 في المئة، ويصل أحيانا إلى 11.5 في المئة في بعض العلامات التجارية الكبرى.

وسجل الرأي ذاته أن هذا التراكم في هوامش الربح يفرض واقعا جديدا في علاقة الموردين بالموزعين، إذ تتحول القوة التفاوضية بشكل متزايد نحو سلاسل التوزيع الكبرى، التي تفرض شروطها، سواء من حيث آجال الأداء أو مستوى الخصومات التي تطالب بها، مما يخلق حالة من عدم التوازن التنافسي، ويهدد بإقصاء الفاعلين الأصغر حجما الذين لا يستطيعون مجاراة هذا النسق المالي.

ويشير المصدر ذاته إلى أن التفاوت في آجال الأداء، الذي يصل في بعض السلاسل إلى 73 يوما، يفاقم هذه الإشكالية، خصوصا أن الموردين الصغار عادة ما لا يمكنهم تحمل مثل هذه التأخيرات في الدفع.

ويخلص مجلس المنافسة إلى أن هذه الدينامية المقلقة تفرض إصلاحا شاملا وعميقا لمسالك توزيع المواد الغذائية، بدءا بتوحيد وتأطير الإطار القانوني الذي ينظم القطاع، مرورا بوضع قواعد واضحة وشفافة لتحديد هوامش الربح وآجال الأداء، ووصولا إلى رقمنة المعاملات لتسهيل تتبع مسار المنتجات والحد من الممارسات غير المنصفة.

ودعا التقرير إلى تحديث البنية القانونية بطريقة تراعي الفوارق بين المناطق الحضرية والقروية، وتضمن الإدماج التدريجي للجهات غير المهيكلة، خاصة صغار التجار والمنتجين المحليين، في النسيج الاقتصادي المنظم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News