سياسة

هل يتنازل ابن كيران عن تقاعده بعد عودته لقيادة العدالة والتنمية؟

هل يتنازل ابن كيران عن تقاعده بعد عودته لقيادة العدالة والتنمية؟

طرحت عودة رئيس الحكومة السابق، عبد الإله ابن كيران، إلى معترك السياسة من بوابة قيادته مرة أخرى لسفينة حزب العدالة والتنمية، الكثير من الأسئلة حول الأبعاد السياسية لهاته العودة التي تأتي عقب نكسة الانتخابات التي مني فيها البيجيدي بهزيمة قاسية، لاسيما في ظل العزلة الاختيارية لابن كيران بعد استفادته من معاش استنائي.

وحصل ابن كيرن عقب إعفائه من تشكيل الحكومة في سياق ما عرف بـ “البلوكاج” على تقاعد استثنائي قيمته 70 ألف درهم، وهو تقاعد يستفيد منه وزراء مغاربة سابقون، خاصة إن كانت مواردهم المالية ضعيفة، من معاش استثنائي، مما أثار الكثير من الجدل بين رفض وتأييد، لاسيما بعد عودة زعيم حزب العدالة والتنمية إلى الواجهة الإعلامية من خلال تصريحات إعلامية.

ودافع الأمين السابق لحزب العدالة والتنمية عبد الإله ابن كيران، عن أحقيته في الحصول على معاش استثنائي، وذلك ردا على الجدل الذي أثير حينها بشأن استفادته من هذا المعاش، بعدما كان يطالب سابقا بإلغائه، مؤكدا أن الملك محمد السادس هو من أمر بصرف معاشه، بعد أن بلغه أنه يعيش ضائقة مالية إثر إعفائه من رئاسة الحكومة.

وغداة انتخابه أمينا عاما جديدا لحزب العدالة والتنمية، نهاية الأسبوع المنصرم، خلفا لرئيس الحكومة السابق سعد الدين العثماني، خلال المؤتمر الاستثنائي الذي عقده الحزب بعد النتائج الصادمة التي تحصل عليها في انتخابات الثامن شتنبر الماضي، طُرحت أسئلة في أوساط سياسيين وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، حول ما إذا كان ابن كيران سيتخلى عن تقاعده الاستثنائي بعد عودته لقمرة قيادة “البيجيدي”.

انتفاء مبرّر التقاعد

وفي هذا الصدد، أكد عبد الرحيم العلام، أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري بجامعة القاضي عياض بمراكش، أنه “لم يعد هناك أي مبرر لاستفادة رئيس الحكومة السابق عبد الإله ابن كيران من تقاعد الوزراء الاستثنائي، بعد عودته لقيادة حزب العدالة والتنمية خلال الأربع سنوات المقبلة”، مسجلا أنه “لم يعد مقبولا من ابن كيران سياسيا وأخلاقيا أن يواصل تقاضيه لهذا المعاش عقب وضعيته التنظيمية والسياسية الجديدة”.

وحول الكيفية القانونية التي يمكن أن يسلكها ابن كيران للتخلي عن هذا المعاش، الذي سبق أن استفاد منه وزراء أولون ضمنهم الراحل عبد الرحمن اليوسفي، قال العلام في حديث لـ”مدار21″، إن ابن كيران لن يعدم الوسيلة لكي يلتمس من الملك محمد السادس إعفاءه من الاستفادة من هذا التقاعد بعد انتخابه أمينا عاما جديدا لحزب العدالة والتنمية.

وإصراراً منه على الدفاع عن نفسه أمام منتقديه، الذين أعادوا نشر مداخلة له في البرلمان، طالب فيها بإلغاء معاش الوزراء عندما كان حزبه في المعارضة، قال ابن كيران في وقت سابق، إنه لم يكن أول رئيس حكومة يحصل على معاش استثنائي، حيث سبق للملك محمد السادس أن أمر بمعاش مماثل لعبد الرحمن اليوسفي، بينما لم يستفد إدريس جطو من هذا المعاش لأنه ليس بحاجة إليه.

وأوضح ابن كيران، أنه لم يتقدم بأي طلب من أجل الاستفادة من معاش الوزراء، وكشف أنه استفاد حينما غادر الحكومة من تعويض قدره 300 ألف درهم ولم يكن بإمكانه الاستفادة من تقاعد الوزراء إلا في نهاية 2018، مشيرا إلى أنه عانى من ضائقة مالية، ولم يتبق في حساباته البنكية الأربعة سوى أقل من 10 آلاف درهم.

تأثير سياسي وأخلاقي

ويرى أستاذ العلوم السياسية، أن استمرار زعيم العدالة والتنمية في الاستفادة من المعاش الاستثنائي، سيضرّ بصورته سياسيا وأخلاقيا، وسيؤثر في مواقف الحزب وموقعه في ارتباطه بمعارضة هذا الأخير لكثير من السياسيات التي تنتهجها الحكومة الحالية، بحيث قد يجد الحزب نفسه في موقف المتناقض مع ما يرفعه من مطالب بمحاربة الريع والفساد.

وكان ابن كيران، أكد في وقت سابق أن وضعه المالي الصعب وصل إلى الملك محمد السادس، فكلّف مستشاره فؤاد عالي الهمة بإخباره أن الملك هو من سيتكفل بصرف معاش استثنائي له، مشيرا إلى أن الملك محمد السادس هو من منحه السيارة التي بحوزته، بعدما طُلب منه إرجاع سيارة الدولة التي كان يتنقل بها عندما كان رئيسا للحكومة.

وقال بهذا الخصوص: “طلبت من زوجتي أن تصبر معي ثلاثة أشهر. فإما أن أجد عملا أو أتقدم بطلب للحصول على تقاعد الوزراء”، مبرزا أنه كان سيشرف على تسيير شركة لأحد أفراد عائلته، إلا أن العرض الذي قدم له لم يكن مناسبا. واستبعد في الوقت ذاته أن يتمكن من إيجاد عمل مناسب بسب شهرته بصفته رئيسا سابقا للحكومة.

وذهب العلّام إلى أنه بامكان حزب العدالة والتنمية أن يخصّص لأمينه العام الجديد تعويضا عن مهمامه يعفيه من الاستفادة من هذا المعاش الذي جرّ على الحزب انتقادات واسعة، خاصة في ظل الجدل الذي رافق مشاريع قوانين إصلاح أنظمة التقاعد، وبينها رفع سن التقاعد من 60 إلى 63 عاما، وإقرار اقتطاعات جديدة طالت أجور الموظفين.

الخروج من الورطة

وأكد أستاذ القانون الدستوري بجامعة مراكش، أنه بامكان رئيس الحكومة السابق والأمين العام الجديد لحزب “المصباح”، عبد الإله ابن كيران، أن يُخرِج نفسه من ورطة المعاش الاستثنائي، بتخصيصه لفائدة بعض صناديق الدعم الاجتماعي، من مثل صندوق دعم الأرامل أو التكافل العائلي، أو دعم بعض الفئات الهشة والمعوزة كما الحال بالنسبة لمرضى السرطان والأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة.

وخلص العلام إلى أنه “بما أن ابن كيران لم يعد متقاعدا، وإنّما أصبح أمينا عاما لحزب سياسي لديه قواعد وموارد مادية، فمن الأفضل أن يتنازل عن التقاعد الذي مُنح له، وأن يعيش على مدخوله الشخصي وما يقدمه له حزبه للقيام بوظيفته السياسية”، معتبرا أنه “لا يمكن أن تواصل الدولة إنفاقها من أموال دافعي الضرائب على شخص يقود حزبا سياسيا لديه آلاف الأعضاء”، متسائلا “كيف يصرف دافع الضرائب على أمين عام حزب سياسي خطابه السياسي يتناقض مع أفكار جزء من دافعي الضرائب؟”.

هذا، ونال رئيس الحكومة السابق عبد الإله ابن كيران، في المؤتمر الاستثنائي لحزب العدالة والتنمية المنعقد نهاية الأسبوع الماضي بمدينة بوزنيقة أصوات 1112 مؤتمرا ما يعادل 81 بالمئة من الأصوات، مقابل 231 صوت لمنافسه عبد العزيز عماري، و15 صوتا لمنافسه الآخر عبد الله بووانو، بعد انسحاب آخرين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News