المجلس الأعلى للحسابات يعدد الاختلالات بورشي قطاع الماء والجهوية المتقدمة ويدلي بتوصياته

تشمل المخاطر التي قد تواجه تحقيق أهداف السياسة المائية احتمال تفاقم الوضعية المائية الحرجة للمملكة بسبب إمكانية ازدياد حدة التغيرات المناخية وتأخر إنجاز مشاريع محطات تحلية مياه البحر، وتلك المتعلقة بالتحول إلى نظام الري لموضعي، وكذا مشاريع الربط بين الأحواض المائية، بالإضافة إلى مشاريع السدود وخاصة في المناطق التي تعرف تساقطات مطرية مهمة، وفق تقرير المجلس.
كما تشمل هذه المخاطر بحسب تقرير المجلس الأعلى للحسابات، تأخر إنجاز مشروع الربط الكهربائي، لنقل الطاقة المتجددة، من الجنوب إلى الوسط والشمال قصد تزويد محطات تحلية مياه البحر بالطاقة النظيفة، إضافة إلى إشكالية تعبئة التمويلات الضرورية، وكذا ارتفاع تكاليف معالجة ونقل وتوزيع المياه العادمة وتتبع معايير جودة المياه.
وفي هذا الصدد، أوصى المجلس الأعلى للحسابات وزارة التجهيز والماء بتعزيز التدبير المندمج للموارد المائية عبر الحرص على حماية أكبر للمخزون الاستراتيجي من المياه الجوفية، وعبر تفضيل الاستعمال المعقلن للمياه السطحية والموارد غير الاعتيادية.
وأضاف المجلس ضمن توصياته في تقريره السنوي برسم 2023-2024، أنه من الضروري العمل على تشجيع اللجوء إلى الموارد المائية غير الاعتيادية، ولاسيما تحلية مياه البحر، وإعادة استعمال المياه العادمة المعالجة وتجميع مياه الأمطار، بالإضافة إلى تقليص الكميات المهمة للتسربات في شبكات النقل للرفع من مردوديتها، وحماية أفضل للسدود من ظاهرة التوحل؛ فضلا عن تسريع إنجاز المشاريع المتعلقة بالربط بين الأحواض المائية.
وأوصى المجلس، أيضا، وزارة الاقتصاد والمالية بتعبئة التمويلات الضرورية من أجل إنجاز البرامج التي تستجيب للتحديات المطروحة.
كما أوصى وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات بتسريع برامج التحول إلى الري الموضعي.
وأوصى المجلس، وزارة الداخلية، ووزارة التجهيز والماء، والوزارة المكلفة بالفلاحة، والوزارة المكلفة بالانتقال الطاقي بتطوير التكامل بين عناصر مثلث “الماء- الطاقة الفلاحة” بشكل يسمح بالتقائية القطاعات الثلاث.
وأورد التقرير بخصوص الجهوية المتقدمة، أن ترسيخ ثقافة نقل الاختصاصات التقريرية من المركز إلى المستوى الترابي لا يزال يتطلب مزيدا من الجهود، وذلك من خلال الإسراع في تجسيد الميثاق الوطني للاتمركز الإداري على أرض الواقع، مشيرة إلى أن معدل إنجاز خارطة الطريق المتعلقة بالميثاق المذكور لم يتجاوز 36%، إلى غاية منتصف أكتوبر 2024 مقابل 32% خلال نفس الفترة من سنة 2023.
وسجل المجلس أن وتيرة نقل وتفويض الاختصاصات ذات الأولوية، المتعلقة بالاستثمار إلى المصالح اللاممركزة، تبقى غير كافية، حيث لم تتجاوز نسبتها، حسب جواب رئاسة الحكومة، %38% في منتصف أكتوبر 2024.
وبخصوص الإطار المؤسساتي، لوحظ على مستوى الإدارة الجهوية اللاممركزة، عدم إحداث التمثيليات الإدارية المشتركة أو القطاعية على مستوى الجهة، وذلك بالرغم من مصادقة لجنة اللاتمركز الإداري على إحداث خمس تمثيليات جهوية للدولة (مديريتان جهويتان قطاعيتان وثلاث مديريات جهوية مشتركة ونقل الاختصاصات التقريرية إليها، بحسب المجلس.
وتعزى هذه الوضعية إلى تأخر اعتماد مشاريع المراسيم المتعلقة بتحديد اختصاصات وتنظيم هذه المديريات أو التوافق حول مقتضياتها، يضيف التقرير.
وعلى صعيد آخر، نص القانون التنظيمي المتعلق بالجهات على إحداث وكالات جهوية لتنفيذ المشاريع لتمكين المجالس الجهوية من تدبير شؤونها في هذا الصدد، إذ شهدت هذه الوكالات منذ بداية تفعيلها، تزايدا مضطردا في عدد المشاريع الموكولة إليها، حيث بلغ إجمالي ميزانيات الاستثمار لهذه الوكالات ما يقارب 10,77 مليار درهم في سنة 2023 مقابل 8,24 مليار درهم في سنة 2022 و 2,13 مليار درهم في سنة 2018.
وبالنسبة لآليات تفعيل الجهوية المتقدمة، سجل المجلس محدودية اعتماد آلية التعاقد بين الدولة والجهات لتنفيذ المشاريع ذات الأولوية المدرجة ضمن برامج التنمية الجهوية. فخلال الفترة 2020-2022 ، استكملت أربع جهات، فقط، مسطرة التوقيع على عقود البرامج بين الدولة والجهة، شملت 197 مشروعا تنمويا بكلفة إجمالية قدرها 23,56 مليار درهم غير أن معدل المشاريع مكتملة الإنجاز ضمن عقود البرامج الأربعة لم يتجاوز 9% إلى غاية متم أبريل 2024، مقابل %7% متم سنة 2022. في حين بلغت نسبة المشاريع في طور الإنجاز 80% إلى غاية متم أبريل 2024.
أما بخصوص البرامج التنموية للفترة 2022-2021، وإلى غاية منتصف شهر أكتوبر 2024، لم تصادق مجالس الجهات على عقود البرامج المتعلقة بها، إذ يُعزى هذا الوضع إلى عدم تزامن التخطيط لمرحلة إعداد هذه العقود مع مسطرة إعداد برامج التنمية الجهوية، كما لم يساعد تأخر تعيين رؤساء التمثيليات الإدارية القطاعية والمشتركة على مستوى الجهات وتفويض الاختصاصات التقريرية إليهم على تيسير مسطرة التشاور حول مضمون هذه العقود بين الجهات والقطاعات الوزارية المعنية، وفق المصدر ذاته.
وبخصوص تفعيل الاختصاصات المشتركة، وتبعا لتوصيات المجلس، عملت وزارة الداخلية على إعداد مشروع مرسوم يتعلق بتحديد شكليات وشروط إبرام وتنفيذ العقد بين الدولة والجهة وباقي المتدخلين بهدف تعميم آلية التعاقد، سيتم بموجبه تحديد منهجية تحضير وصياغة وتنفيذ العقود وكيفيات التتبع والتقييم وآليات التنسيق بين الفاعلين. ولا يزال هذا المشروع قيد الدراسة لدى الأمانة العامة للحكومة في أفق عرضه على مجلس الحكومة للمصادقة.
ويرى المجلس أن نجاح التعاقد بين الدولة والجهات وباقي المتدخلين يبقى رهينا باعتماد إطار تنظيمي يحدد بشكل واضح التزامات مختلف الأطراف خلال مراحل إعداده وتنفيذه، وكذا ترشيد وضبط آجال الإجراءات المتعلقة بمسطرة إبرام العقد، بهدف تدارك النقائص المسجلة على مستوى تنفيذ الجيل الأول من برامج التنمية الجهوية.
وفي ما يتعلق بالاختصاصات المنقولة، يتطلب التوسيع التدريجي لاختصاصات الجهات اعتماد مبدأ التدرج والتمايز والممارسة الفعلية للاختصاصات الذاتية، بالإضافة إلى تقييم قدرة الجهات على الاضطلاع بالاختصاصات التي ستنقل إليها من قبل الدولة ومدى توفرها على الإمكانيات اللازمة لذلك، لتجنب إثقال كاهلها باختصاصات متعددة، بحسب المجلس.
وأوصى المجلس رئاسة الحكومة بتسريع تنفيذ الإجراءات المبرمجة في خارطة الطريق لتنفيذ الميثاق الوطني للاتمركز الإداري وتقييم نتائجه، وكذلك توفير الظروف والآليات الملائمة لانتظام عمل اللجنة الوزارية للاتمركز الإداري.
كما أوصى بالتسريع بإصدار المراسيم الخمسة المتعلقة بتحديد اختصاصات وتنظيم التمثيليات الإدارية الجهوية المشتركة والقطاعية التي صادقت على إحداثها اللجنة الوزارية للاتمركز الإداري، وذلك لتحقيق وحدة عمل مصالح الدولة على المستوى الجهوي وضمان حسن التنسيق في ما بينها.
وأوصى المجلس كذلك وزارة الداخلية بوضع مخطط عمل وبرمجة زمنية لملاءمة النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة باختصاصات القطاعات الوزارية ذات الصلة بالاختصاصات الذاتية والمشتركة للجهات، وذلك بالتنسيق مع القطاعات الوزارية المعنية.
كما أوصى بمواكبة الجهات في إنجاز برامج التنمية الجهوية التي تم التأشير عليها لتدارك النقائص المسجلة في السابق، مع مراعاة قدراتها التدبيرية والموارد المالية الملتزم بتعبئتها.
وأوصى، أخيرا، بتحري الدقة في تحديد المشاريع ذات الأولوية المقرر إنجازها في إطار عقد بين الدولة والجهة وباقي المتدخلين، يتضمن الآليات الكفيلة بإنجاحها، لاسيما من خلال تحديد شكليات وشروط إبرام وتنفيذ هذا العقد.