لطفي: توقيف الأطر الصحية بأكادير غير مبرر والقضاء من يجب أن يحسم

قال علي لطفي، رئيس الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة، إن قرار وزير الصحة والحماية الاجتماعية، أمين التهراوي، القاضي بالتوقيف الاحترازي لـ17 شخصًا، من بينهم 4 أطباء و9 قابلات وممرضَيْن، بعد الجدل الذي أثير حول وفيات أمهات حوامل بمستشفى الحسن الثاني الجهوي بأكادير، قرارٌ غير مبرر، متسائلًا عن سبب انتظار الوزير إلى اليوم لإصدار قرار التوقيف، مشيرًا إلى أن تلك الوفيات ليست حديثة العهد.
وأوضح علي لطفي أن التوقيف غير مبرر، لأن مفتشي الوزارة لا يمتلكون القدرة على إعداد تقرير حول الأسباب الحقيقية للوفاة، وما إذا كانت ناتجة عن أخطاء طبية أو عن أخطاء ارتكبتها الممرضات أو القابلات، لافتًا إلى أن تحديد مسؤولية الطبيب يجب أن يتم بواسطة أطباء مختصين في الولادة، وبالهيئة العليا للأطباء، التي عادةً ما يلجأ إليها القضاء لاتخاذ القرار في الملفات الطبية، وليس بواسطة مفتشية الشغل، لأنها لا تملك دراية بتفاصيل البروتوكول العلاجي ولا المعايير التقنية اللازمة لذلك.
وشدد لطفي على أن الوزارة تسرعت في إصدار قرار التوقيف، مؤكدًا ضرورة مناقشة جميع حالات الوفيات بشكل شامل، بما في ذلك وفاة 184 طفلًا بمرض بوحمرون نتيجة غياب اللقاح خلال فترة انتشار الحصبة، معتبرًا أن المسؤولية في هذه الحالات تقع على عاتق وزارة الصحة لعدم توفير اللقاح المطلوب، مطالبا بالتراجع عن قرار التوقيف وترك القضاء ليقول كلمته في الموضوع، بناءً على معطيات جديدة وآراء متخصصين في المجال.
وأكد علي لطفي، في حوار مع جريدة “مدار21” الإلكترونية، سينشر كاملًا في وقت لاحق، أن موضوع الوفيات في صفوف الأمهات الحوامل بأكادير يمثل ظاهرة مشيرًا إلى أن الرقم الوطني للوفيات انتقل من 244 وفاة لكل 100 ألف ولادة حية في السبعينيات إلى 17 وفاة لكل 100 ألف ولادة، لكنه أشار إلى أن الوضع ما زال يطرح علامات استفهام، خاصة عند مقارنته بـ7 وفيات فقط في صفوف الأمهات الحوامل في بعض البلدان الأخرى.
وأشار لطفي إلى أن أحد أسباب هذا الوضع هو تراكم المشكلات داخل المستشفى، خاصة التعثر على مستوى الموارد البشرية والتجهيزات والمستلزمات الطبية. كما شدد على أن عدم متابعة المرأة أثناء فترة الحمل يُعد من الأسباب الرئيسية للوفيات، مؤكدًا أن وزارة الصحة مطالَبة بمتابعة الحالة الصحية للنساء الحوامل طوال تسعة أشهر، سواء في الوسط القروي أو في المدن، مبرزًا أن ما يحدث حاليًا ناتج عن التخلي عن المتابعة الطبية أثناء الحمل والاكتفاء بانتظار قدوم المرأة للولادة، معتبرًا أن هذا الأسلوب غير كافٍ لمواجهة الظاهرة.
وفي نفس السياق، رفضت مكونات التنسيق النقابي الوطني بقطاعه الصحة تحميل المسؤولية الكاملة في الوضع المتردي بالقطاع الصحي العمومي للمهنيين، معلناً رفضه منطق التوقيفات التي لحقت عددا من الأطر الصحية بالمستشفى الجهوي الحسن الثاني بأكادير.
وتفاعل التنسيق الوطني، عبر بلاغ عقب اجتماعه مع وزير الصحة والحماية الاجتماعية، أمين التهراوي، أمس الأربعاء، بإعلانه تحمِيل مسؤولية ما وقع بمستشفى أكادير للاختلالات البنيوية لمنظومة صحية متهالكة بسبب السياسات الحكومية المتبعة والمتعاقبة في قطاع الصحة مند سنين.
وفي الوقت الذي كان فيه الاجتماع بين الطرفين مخصصاً لتنفيد ما تبقى من اتفاق 23 يوليوز 2024 الموقع بين التنسيق والحكومة، اعتبر التنسيق ذاته أن “المستجدات المتسارعة التي يشهدها قطاع الصحة ومحاولات تحميل مسؤولية اختلالات وتردي الخدمات الصحية للشغيلة الصحية بداية بتوقيف عدد من مهنيي الصحة بالمستشفى الجهوي الحسن الثاني بأكادير، جعلت التنسيق يخصص مجمل الاجتماع للترافع عن المهنيين الموقوفين ولوضع النقاط على الحروف”.
وعبر التنسيق، وفق البلاغ عينه، عن رفضه القاطع تحميل الشغيلة الصحية فشل تدبير المنظومة التي تعاني من خصاص مهول و مزمن في الموارد البشرية، ميزانية غير كافية، بنيات تحتية مهترئة، نقص في التجهيزات والمعدات الضرورية والأساسية والأدوية، شروط عمل سيئة وغير لائقة، حكامة غائبة، غياب روح المسؤولية لبعض المسؤولين.
واستنكر مهنيو القطاع الصحي إصدار بلاغ صحفي من طرف وزارة الصحة، يخبر فيه الرأي العام بتوقيف مهنيين وإحالة تقرير المفتشية العامة لوزارة الصحة على النيابة العامة وبالتالي التشهير بالمهنيين وإحالة ملفهم على القضاء.
وتساءلت نقابات مهني القطاع الصحي عن “سكوت هذه المفتشية على عدة مظاهر للفساد بالقطاع، وعن نومها وسباتها في مختلف الجهات وبجهة سوس خاصة مند سنين وظهورها فجأة لتلفيق تهم غير مؤكدة على مهنيين بـ(تقصير مهني أدى إلى الموت) في وقت مازال الملف في طور التحقيق”.
واعتبر التنسيق أن “هذا الأسلوب في التعامل مع الرأي العام هو لذر الرماد في العيون وإيهامه بحل المشاكل الهيكلية والمزمنة للصحة عن طريق توقيف مهنيين”، مؤكداً أن “المسؤولية الأولى فيما وقع في مرفق عام تقع على عاتق الحكومة وعلى الساهرين على المرفق الصحي، وما استمرار الوفيات في نفس مستشفى أكادير بالرغم من توقيف مهنيين إلا دليل على ذلك”.
وطالب المهنيون الحكومة والدولة بمعالجة عميقة لاختلالات قطاع الصحة البنيوية بناء على إرادة سياسية واضحة توفر خدمات صحية جيدة للمواطنين وتوفر شروط عمل لائقة للمهنيين عوض تحميلهم عجز المنظومة الصحية، داعياً إلى حل مشكل الفراغ القانوني والتنظيمي المزمن الذي يخلف ضحايا من مواطنين وأطر صحية كما وقع بأكادير.