“مثل قصص الحب”.. ميريام الحاج تنقل رواسب الحرب الأهلية اللبنانية للخارج

تدافع المخرجة اللبنانية ميريام الحاج عن أهمية تسليط الضوء على واقع المجتمعات العربية دون تحفظ أو طمس لمعالم الأزمات التي توثق مراحل مهمة في تاريخها، مشددة على أن دور المخرج يكمن في نقل رؤيته انطلاقا مما يجري في منطقته بمصداقية، لا تلميع صورتها.
واختارت ميريام الحاج في فيلمها الوثائقي الثاني “مثل قصص الحب” أن تتطرق إلى معاناة اللبنانيين في ظل ما أنتجته الحروب الأهلية من أزمات، وسعيهم للبقاء والتحرر من رواسبها ومواجهة التحديات والصعوبات التي تعترضهم، من خلال ثلاث شخصيات تنتمي إلى أجيال مختلفة وهم جورج وجومانة وبيرلا.
هذه الشخصيات الثلاث تسرد عن صمودها في الوقت الذي يشهد فيه لبنان انهيارا اقتصاديا وسياسيا، محاولين التشبث بالأمل لارتباطهم بوطنهم.
ميريام الحاج تقول في حديثها لجريدة “مدار21” إن ما يميز عملها في الإخراج أنها تستطيع صناعة فيلم يحاكي الواقع اللبناني، تنقل عبره وقائع من داخل بلدها إلى الخارج.
وكتبت المخرجة اللبنانية ميريام الحاج “مثل قصص الحب” لكونه يعد جزءا من قصتها في الداخل، وقصة كل أبناء موطنها.
وعما إذا كان المخرج ينقل صورة حقيقية عما يجري دون تعديلات، أكدت قائلة: “لا أعرف عما إذا كان ينقل الصورة الحقيقية عن البلد، لكن على الأقل ينقل صورة وفق رؤيته، فاليوم إذا طلب من مخرجين في البلد نفسه صناعة فيلم عما يجري في قلب مجتمعه لن تكون الزوايا واحدة ولن يحكوا القصة نفسها، إذ لكل منا رؤيته”.
وأخذت ميريام على عاتقها في أفلامها نقل نظرتها عن لبنان ومجتمعها وعلاقتها به، التي فيها الكثير من الغضب والحب في الوقت ذاته، لذلك اختارت لفيلمها الأخير عنوان “مثل قصص الحب”.
وأضافت: “علاقتنا مع البلد علاقة غضب لأننا نريد أن نراه في صورة أفضل، وعلاقة حب كبيرة أيضا تجمعنا به”.
وأكدت المخرجة اللبنانية أنها وضعت مسافة بينها وبين القصة لنقلها بمصداقية، من خلال تسليط الضوء على هذا الواقع من زوايا مختلفة شاملة، مبرزة أنه “لذلك من المهم الاشتغال ضمن طاقم، لأنه من الصعب أن تكون جزءا من القصة التي تتناولها”.
وتحدثت في السياق ذاته عن أن الفيلم كان لينتهي في سنة 2021، لكنه أصبح جاهزا في سنة 2024، لأنها كانت في حاجة إلى أخذ مسافة بينها وبين القصة، وجعل عامل الوقت لصالحها، نظرا لعمليتي الأرشيف والتوثيق.
وفي حديثها عن أزمة لبنان التي تعد موضوعا لفيلمها، قالت: “لم نخرج بعد من الحرب الأهلية، ودخلنا في حروب ثانية دون أن نحل مشاكلنا الأولى التي ابتدأت سنة 1975، مما جعلنا نتعب نفسيا وكل ما ظننا أننا انتهينا من حرب نجد أننا بداخل حرب جديدة”.
وأضافت: “أسرنا عاشت حروبا كبيرة وصغيرة، والآن تعيش حربا جديدة مع إسرائيل، وهي أزمات كثيرة على الحياة الواحدة للإنسان”.
وأفصحت الحاج أنها لن تستطيع في المستقبل تسليط الضوء على الحرب الإسرائيلية على لبنان، مردفة: “لا أستطيع تصوير الدمار والتقتيل الذي يحصل الآن، لأنه يفوق قدرتي على التحمل من شدة البشاعة”.
وعمن يتحمل في نظرها مسؤولية انهيار لبنان، خاصة وأنها اشتغلت على وثائقي حول هذا الموضوع، أشارت إلى أنه “ليس شخصا واحدا، بل هناك عدة عوامل أدت إلى هذه النتيجة، منها الحروب الأهلية، وعدم محاكمة من أذنبوا في حق الشعب، والعمل على إيقافها بطريقة خاطئة، ومحاولة الهروب منها بنسيان ما وقع في الماضي”.
وواصلت في السياق ذاته: “من المهم أن نحتفظ في ذاكرتنا بما وقع، لأنه سيساعدنا في تحليل أسباب هذه الانتكاسة لمعالجة الماضي، ولعل هذا ما أحاول القيام به من خلال التوثيق، إذ لا يمكن أن نخرج من الحرب ونعتبر وكأن شيئا لم يقع”.
وعن اتهام بعض المخرجين الذين يشتغلون على هذا الصنف من الأفلام بتقديم صورة قاتمة عن بلدانهم، أوضحت ميريام قائلة: “في المجتمع العربي نريد دائما أن نظهر للأجنبي أن كل شيء على ما يرام وأن كل شيء جميل، دون أن نظهر صورة سيئة رغم أننا في النهاية نعالج صورة عن واقعنا الذي يتضمن أشياء إيجابية وأخرى ليست كذلك”.
وأضافت: “نحن لسنا مجرد بحر وجبل وشمس، الأجنبي يعرف أننا نتوفر على ذلك، والترويج للأماكن الجميلة ليست مهمة المخرج بل مهمة وزارة السياحة، نحن مهمتنا في السينما أن نعالج الواقع والمجتمعات ونحاكي الأزمات”.
وتابعت: “لا أرغب في تسويق الصورة التي يريد الأجنبي مشاهدتها، وعلينا التخلص من الخوف من إظهار مشاكلنا، وعوض التمسك بهذا الخوف يجب أن نتحرر منه ونضع طاقتنا في معالجة هذه المشاكل”.