ذكرى خطاب أجدير.. “تقاعسٌ” يُفَرمِلُ “تيفيناغ” ومطالب بإحداث وزارة للأمازيغية

تزامنا مع حلول الذكرى الثالثة والعشرين لخطاب أجدير، الذي ألقاه لملك محمد السادس بأجدير في 17 أكتوبر 2001، بمناسبة وضع الطابع الشريف على الظهير المحدث والمنظم للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، يتواتر النقاش بين الفعاليات الأمازيغية حول المعهد وما حققه للأمازيغية.
ويرى ناشطون أمازيغيون أن المعهد “مؤسسة سياسية لم تستجب حتى الآن لمطالب الأمازيغ” رغم “إسهاماته المهمة في النهوض باللغة والثقافة الأمازيغيتين”، معتبرين أن “الأمازيغية هي قضية سياسية تتجاوز المعهد وتحتاج إلى وزارة خاصة بها”، مشيرين إلى أن “تيفيناغ اليوم تعرف رِدّة حقوقية وتراجعات بالرغم من ترسيمها في الدستور بسبب تقاعس الحكومة”.
بهذا الصدد، يقول عبد لله بوشطارت، الإعلامي والناشط الأمازيغي، أن “الأمازيغية لم تتراجع بعد تأسيس المعهد؛ هذا الأخير له مهام واختصاصات يقوم بها حسب نظامه الأساسي، وبالعكس، فقد قام بعمل كبير فيما يخص تقعيد اللغة وإعداد معاجم وقواميس وظيفية مهمة والبحث الأكاديمي والإشعاع الثقافي، فهو يقوم بعمله في إطار التخصص كمؤسسة استشارية”.
وسجل الناشط الأمازيغي أن “المعهد وحده لا يكفي في تحقيق المطالب وتفعيل الترسيم الدستوري للغة الأمازيغية، فالأمازيغية قضية كبيرة ومعقدة ومتعددة الأبعاد والمجالات وتخترق جميع قطاعات الدولة والمجتمع، فهي شأن حكومي، ومن المفروض أن تنهض الدولة والحكومة بتحقيق المطالب الأمازيغية وإدراجها في جميع مؤسسات الدولة”، مشيرا إلى أن “المعهد يقوم بما يجب أن يقوم به في إطار اختصاصاته، لكن ما نسجله هو تقاعس حكومي كبير وتراجعات خطيرة في مسلسل إدماج الأمازيغية في الإدارات العمومية ومؤسسات الدولة”.
المعهد الملكي.. مديرية لا غير!
وأصدر سنة 2020 القانون المنظم للمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، الذي ينص على إعادة تنظيم المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، واعتباره هيئة من هيئات هذا المجلس المؤسس بظهير شريفز يوضح بوشطارت في هذا السياق أن ‘المعهد اليوم لم يعد مؤسسة قائمة الذات ومستقلة كما كان قبل دستور 2011 وقبل إصدار القانون التنظيمي 04.16 لتأسيس المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية منذ 2020″، مؤكدا أن “المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية حسب هذا القانون أصبح مديرية داخل المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية”.
وتابع في حديثه مع جريدة “مدار21” الإلكترونية: “المعهد مؤسسة تابعة للدولة، تقوم بمهامها في إطار الاختصاص لتنفيذ استراتيجية الدولة في الأمازيغية، ولا ينفذ استراتيجية الشعب أو الحركة الأمازيغية”، مضيفا: “لذلك فنحن نرى أن الأمازيغية هي قضية سياسية ولا يمكن مقاربتها والترافع بشأنها إلا في إطار مشروع مجتمعي متكامل وفي برنامج سياسي واضح”.
ويعتقد الفاعل الأمازيغي أن “الأمازيغية اليوم تعرف رِدّة ونكوصية وتراجعات بالرغم من ترسيمها في الدستور وبالرغم من إصدار القانون التنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية في مجال التعليم والقطاعات ذات الأولوية”، مشيرا إلى أن “الحكومة والأحزاب تخلت عنها بسبب غياب وجود إرادة سياسية لديهما”.
النهوض بالأمازيغية.. مسؤولية مشتركة
واعتبر الملك محمد السادس في خطاب أجدير سنة 2001 أن الأمازيغية، التي تمتد جذورها في أعماق تاريخ الشعب المغربي، هي ملك لكل المغاربة بدون استثناء، ولا يمكن اتخاذها مطية لخدمة أغراض سياسية، كيفما كانت طبيعتها، وأن النهوض بالأمازيغية مسؤولية وطنية، مؤكدا أن قيام المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية بالمهام المنوطة به في الحفاظ على الأمازيغية والنهوض بها وتعزيز مكانتها في المجال التربوي والإجتماعي والثقافي والإعلامي الوطني من شأنه أن يعطيها دفعة جديدة كتراث وطني يعد مبعث اعتزاز لكل المغاربة.
ويبرز بوشطارت أن “اختصاصات المعهد الملكي هي محدودة جدا، لا تتجاوز إبداء الرأي والاستشارة، فالمشكل لا يكمن في المعهد إطلاقا، بل يكمن في الفاعل الحكومي والسياسي”.
ويرى نقاد من داخل الحركة الثقافية الأمازيغية أن المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية “مؤسسة سياسية لم تستجب لمطالب الأمازيغ، لكن رغم ذلك لها إسهامات مهمة في النهوض باللغة والثقافة الأمازيغيتين”.
“تيفيناغ”.. حصار وتهميش
وأكد عبدلله بوشطارت أن “الأمازيغية قضية سياسية، تتجاوز المعهد، فهي في حاجة إلى معاهد كثيرة وليس معهد واحد، بل الأمازيغية في حاجة إلى وزارة خاصة بها، أما معهد وحيد بتخصصات محدودة وميزانية محدودة، فلا يكفي، لأنه توجد معاهد كثيرة تعنى بالتعريب وأكاديمية خاصة باللغة العربية، وجميع الجامعات المغربية فيها شعب الدراسات والأداب العربي والدراسات الإسلامية وكليات الشريعة”، مشيرا إلى أن “أغلب المدن وتوجد فيها المدارس العتيقة في الجبال والصحاري والدواوير تدرس العربية وعلوم الدين وجميع المعاهد والمدارس العليا تدرس العربية والفرنسية ومدارس التعليم العمومي والخصوصي تدرس فيها العربية والفرنسية”.
وخلص الناشط الأمازيغي إلى أن “الأمازيغية في المغرب يتيمة تعاني من الإقصاء الممنهج والتهميش والحصار المؤسساتي، ودليل ذلك غيابها عن المعاهد العليا وفي الجامعات المغربية؟”، متسائلا “ما هو مستقبل الأمازيغية في ظل هذا الحصار السياسي والمؤسساتي؟ لماذا هذا الإقصاء للأمازيغية بعد ترسيمها في مشروع مدرسة الريادة ولماذا أقصيت في التعليم الخصوصي وما سبب بطء تعميمها في التعليم العمومي”.