جدل يرافق دور المدينة القديمة الآيلة للسقوط بالدار البيضاء بعد الهدم

يخلف إفراغ العديد من الدور، المصنفة آيلة للسقوط، من ساكنتها وهدمها بالمدينة القديمة للدار البيضاء الكثير من الجدل، حول ملابسات إجراءات الهدم وخصوصا مصير البقع الأرضية بعد إزالة بيوتها.
وبينما توقفت عملية الإفراغ والهدم مؤقتا بالمحج الملكي، إلى حين العثور على حلول للساكنة المحتجة، لاسيما إثر تزامن الأشغال مع فترة الدخول المدرسي، ما زال الغموض يكتنف مصير المساحات المدمرة ضمن “مسورة” العاصمة الاقتصادية.
وأفاد الفاعل الجمعوي بالمنطقة، محمد مربوح، أن خروقا عديدة تشوب عملية الإفراغ والهدم، وفي مقدمتها مسطرة إنجاز الخبرة حول البيوت قصد تصنيفها آيلة للسقوط: “هل يُعقل أن يتم إجراء خبرة بالعين المجردة، وفي غياب أبسط تقنيات التحقق من كون البيوت آيلة للسقوط بالفعل؟”.
وأورد المتحدث، الذي يرأس “الهيئة الوطنية لحماية المستهلكين والحفاظ على البيئة والموروث الحضاري بالمغرب”، في حديث لصحيفة “مدار 21″، أن قرار الشروع في إفراغ وهدم البيوت كان مفاجئا للساكنة، خصوصا أنه تم في وقت سابق رصد ميزانية ضخمة لترميم المدينة القديمة وإعادة تأهيلها لا تدميرها.
وكان قد رصد لمشروع إعادة تأهيل المدينة القديمة بالدار البيضاء مبلغ مليار درهم، بهدف حل مشكلة المباني الآيلة للسقوط، تساهم فيه جماعة الدار البيضاء بنسبة 15 في المئة ويتكفل صندوق الحسن الثاني بالباقي، وذلك في أفق سنة 2028.
وأشار مربوح إلى أن فعاليات جمعوية حاولت التواصل مع المسؤولين لفهم حيثيات هذا التحول ومصير المساحات المدمرة، لكنها قوبلت بالتهرب واستشراء الغموض.
ولفت إلى أن ترك البيوت المدمرة على حالها، مدة طويلة، حوّل تلك المساحات لمرتع للآفات الاجتماعية وتجارة الممنوعات، فصارت تشكل خطراً على سلامة الساكنة.
ونبه لكون العديد من الأسر ما زالت مشردة لعدم عثورها على عروض للكراء في متناول إمكانياتها، وفي المقابل فإن الاستفادة من سكن مشروطة بالمساهمة بـ10 ملايين سنتيم (100.000 درهم)، مبلغ تعجز الأسر عن توفيره، وفقا للمتحدث، علاوة على عجزها عن تحمل كلفة القروض البنكية.
وأضاف: “هذا دون الحديث عن البعد النفسي للترحيل، فثمة من ولد وترعرع بالمدينة القديمة ويصعب عليه الانتقال للعيش في مكان بعيد كالمحمدية أو مدينة الرحمة، حيث توجد دورُ الاستفادة، وهناك من يطرح له الانتقال مشاكل اجتماعية متعلقة بالبُعد عن مقر العمل أو الدراسة”.
ولم يسلم البعد الثقافي من تداعيات العملية؛ “المدينة القديمة تمثل جزءً هاما من تراث مدينة الدار البيضاء وذاكرتها اللذين يَطالهما الطمس وتتغير معالمهما على نحو مؤسف”.
وطالب الفاعل الجمعوي بتوفير بدائل معقولة ومنصفة للساكنة: “لا يعقل مثلا أن بعض الذين طال الهدم بيوتهم عبارة عن ورثة لا مكترون، يتوفرون على كل الشهادات التي تثبت ملكية البيوت، لكن تتم مساواتهم في الاستفادة بالبقية”.