سياسة

التعديل الحكومي “المُعلَّق”.. هل أصبح ضرورة لترميم “ضُعف” قطاعات حكومية؟

التعديل الحكومي “المُعلَّق”.. هل أصبح ضرورة لترميم “ضُعف” قطاعات حكومية؟

منذ أشهر طويلة، والحديث عن تعديل حكومي مرتقب يظهر ويختفي، مرة بتكهنات من داخل أحزاب الأغلبية وصلت لحد “تسريب” لوائح تتوقع مَن مِن الأسماء ستركب قطار الحكومة ومن سيُغادرها، ومرة أخرى بتوقعات عن موعده من طرف وسائل إعلام وطنية وحتى دولية.

لكن وخلال الأيام القليلة الفارطة، وبعد عطلة الوزراء، ودخول حكومة عزيز أخنوش نصف ولايتها، تجدد الحديث عن التعديل، لكن هذه المرة، بأسئلة تدور رحاها حول ما إذا كان ضروريا وملحا لتسريع وتيرة العمل في بعض القطاعات، وما إذا كان سيجيب عن الخصاص الذي تعاني منه الحكومة المغربية.

أستاذ القانون الإداري بجامعة محمد الخامس بالرباط، رضوان أعميمي، قال إنه من حيث المبدأ، التعديل الحكومي في الممارسة السياسية يأتي من أجل حل أحد الإشكاليتين، إما من أجل الخروج من أزمة سياسية ناتجة عن بلوكاج “سياسي” أو “فضيحة سياسية” أو غياب الانسجام السياسي، أو من أجل تحقيق الفعالية في تنفيذ البرامج والسياسات العمومية.

ويؤكد أستاذ القانون الإداري أن الحالة الأولى غير متوفرة نظراً لما تتمتع به الأغلبية الحكومية من مميزات، إذ تتكون من ثلاثة أحزاب سياسية فقط، تتقارب إيديولوجيا، وتنسجم مكوناتها وطنيا ومحليا على مستوى الجماعات الترابية وعلى مستوى الغرف المهنية.

وبحسب تصريح أعميمي لجريدة “مدار21” الإلكترونية، فإن أي تعديل حكومي بالمغرب سيحاول الجواب عن بعض التساؤلات التي يطرحها المواطن حول أداء بعض القطاعات الوزارية التي ما زالت تحتاج إلى المزيد من الفعالية في الأداء والتواصل الإيجابي.

ولفت المتحدث إلى أن هناك بعض القطاعات ذات الأولوية والتي تحتاج إلى تسريع وتيرة الأداء، من بينها قطاع الماء والشباب والتشغيل وكذا الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، متوقعا أن “تكون موضوع التعديل الحكومي” .

من جهة أخرى، شدد المحلل السياسي على وجوب عدم خضوع أي تعديل حكومي في هذه المرحلة للحسابات السياسية فقط بمنطق الترضيات السياسية أو التوازنات السياسية، مسجلا أن الأولوية يجب أن تكون للجانب التقني والفعالية في الأداء أيضا، وتوفر الوزير على رؤية وقدرة على الإبداع والتواصل والإقناع، وهنا تظهر مسؤولية الأحزاب السياسية في الاقتراح المناسب والتحلي بالموضوعية في ذلك”.

ويرى أستاذ القانون الإداري أنه كلما تأخر التعديل الحكومي كلما تراجع منسوب الحاجة إليه، خاصة وأن الحكومة دخلت في النصف الثاني من ولايتها، مع الأخذ بعين الاعتبار أن السنة الأخيرة عادة تكون “سنة بيضاء” في التدبير الحكومي استعدادا للاستحقاقات الانتخابية الموالية.

كما لفت أعميمي في هذا الصدد في حديثه للجريدة إلى أن أي تعديل حكومي لا يمكن أن يكون له أثر مباشر وإيجابي إلا إذا أخذ بعين الاعتبار عنصرين أساسين، أولهما توفر الوزير على فريق عمل ذو كفاءة عالية من المستشارين (الديوان).

وبالنسبة للعنصر الثاني، يشير المصرخ عينه إلى أهمية أن يكون الوزير قادرا على قيادة الفريق الإداري (المسؤولين الكبار، وباقي الموظفين داخل القطاع) من أجل تسريع وتجويد الأداء، “خاصة ونحن نعلم أن نجاح أو فشل وزير رهين بقدرته علی حمل كبار مسؤولين الوزارة ( الكاتب العام و المدراء) على التعاون والانخراط في رؤية الوزير والحكومة، حيث أثبتت التجربة أن هذه المرحلة هي التحدي الأكبر لدى كل وزير”.

وأورد رضوان أعميمي أن التعديل الحكومي يجب أن يكون آلية لجلب كفاءات تؤمن بتفويض الاختصاص للمجال اللا متمركز، خاصة وأن المغرب يراهن في نموذجه التدبيري على التمثيليات الوزارية، والممارسة اللا ممركزة لتسريع الأوراش المتعلقة خاصة بالجهوية المتقدمة.

وخلص إلى أن حجم التعديل الحكومي وهندسته كفيلة بإعطاء قراءة واضحة لأثره، خاصة أن الملك محمد السادس قد أشار سابقا إلى أن الحكومة سيتم تعزيزها بكتاب للدولة وهو ما يستجيب مع الحاجة التقنية التي يمكنها أن تحقق فعالية أكبر.

من جانبه، يرى أستاذ الجغرافيا السياسية وتقييم السياسات العمومية بجامعة الحسن الثاني بالمحمدية، مصطفى اليحياوي، أنه ومن الناحية الاجتماعية، ستراهن الحكومة في ما تبقى من الولاية التشريعية الحالية على أمرين مستعجلين، الأول يتعلق بتحصين نتائج الأوراش التي أطلقتها في إطار مشروع “الدولة الاجتماعية”، خاصة على مستوى تأمين ديمومة الموارد بالنسبة لنظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض الخاص بالأشخاص غير القادرين على تحمل واجبات الاشتراك “AMO تضامن”، واستكمال ورش إصلاح المنظومة الصحية، وتعميم برنامج مؤسسات الريادة في قطاع التعليم، ومأسسة الخدمات المرتبطة ببرنامج الدعم الاجتماعي المباشر.

كما يتركز، بحسب ما جاء على لسان أستاذ الجغرافيا السياسية في تصريح لجريدة “مدار21” الإلكترونية، في نصف ولايتها الثاني على حل معضلة شح فرص الشغل وضعف القدرة على مواجهة البطالة في صفوف الشباب وما يترتب عن تزايد أعداد من يوجدون خارج المدرسة وبدون تكوين أو عمل “NEET”.

ويؤكد مصطفى اليحياوي أنه من “الصعب تحقيق هذين الرهانين بدون الاستعانة بخبرات جديدة تستدرك ضعف المردودية الذي لوحظ في قطاعات وزارية بعينها”، مشددا على ضرورة أن يوفر التعديل الحكومي كفاءات “مسيسة” بشكل كاف بإمكانها أن تتغلب على العجز المسجل على مستوى فعالية قنوات التواصل بشأن الإصلاحات والبرامج التي تباشرها الحكومة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News