“نقابة المخارق” تُحمِّل “بيجيدي” مسؤولية القانون “التكبيلي” للإضراب وتراسل مجلس الشامي

حَمّلت نقابة الاتحاد المغربي للشغل مسؤولية ما أسمته “القانون التكبيلي للإضراب” للحكومة السابقة التي قادها حزب العدالة والتنمية، مستغربة طلب رئيس مجلس النواب رأي المجلس الاقتصاد والاجتماعي والبيئي حول مشروع القانون رقم 15-97 في صيغته “المرفوضة والمجمدة منذ 2016”.
وجردت “نقابة المخارق”، في مذكرة وجهتها إلى أحمد رضى الشامي، رئيس المجلس الاجتماعي والاقتصادي والبيئي، سلبيات القانون” التكبيلي” للإضراب الموضوع أمام البرلمان، و”خطورته بالنسبة للحركة النقابية العمالية ومصير سائر فئات الأجراء بل وحتى على خطورته على منظومة حقوق الإنسان”.
وشددت المذكرة، التي اطلعت “مدار21” على نسخة منها، على أن مشروع القانون التنظيمي للإضراب رقم 97-15 “تم طبخه من طرف الحكومة السابقة خارج نطاق الحوار الاجتماعي ودون إشراك الحركة النقابية في بلورته وذلك بغرض تكبيل وتجريم حق الإضراب بموجب القانون”.
وترى نقابة الاتحاد المغربي للشغل أن الحكومة السابقة “لم تكن تسعى نهائيا لإصدار قانون تنظيمي للإضراب من أجل ضمان ممارسته وإنما من أجل تكبيل هذا الحق، وعرقلة ممارسته والحد من فعاليته في حالة التمكن من اللجوء إليه ومتابعة الأجراء وسجنهم”، مشددة على أنه “يمكننا تصنيف هذا القانون التنظيمي بمثابة قانون جنائي”.
أبرزت المذكرة أنها “وبدون مبالغة، أسوأ مشروع ضمن مشاريع القانون التنظيمي التي جهزتها الحكومات المتتالية منذ أكتوبر 2001، تاريخ طرح أول مشروع لحق الإضراب”، مشيرة إلى أن كل مشاريع لقانون الإضراب “ظلت كلها حبراً على ورق نظراً لرفضها من طرف مركزيتنا وعموم القوى الحية ببلادنا”.
وأشارت إلى الصيغة الحالية لمشروع قانون الإضراب “تعتبر الأكثر عدوانية على حق الإضراب بالمقارنة مع جميع الصيغ السابقة، لأنها تهدف بكل وقاحة إلى تكبيل حق الإضراب والإجهاز عليه”، مذكرة أن “الأجراء ببلادنا في ظل موازين القوى الحالية يلجؤون في غالب الأحيان إلى الإضراب من أجل التصدي لتعسفات الباطرونا ولانتهاك مقتضيات قوانين الشغل على علاتها ومن أجل الحفاظ على مكتسباتهم، وقليلا ما يتم اللجوء إلى الإضراب من أجل تحسين أوضاعهم”.
وعدّدت المذكرة سلبيات مشروع القانون الذي تدارسته الحكومة على رأسها “التنزيل المبتور والمشوه لمضامين الدستور، حيث تغيب الضمانات الفعلية لممارسة حق الإضراب وتمنح كل الضمانات من أجل إفشال الإضرابات قبل وأثناء خوضها”، مشيرة إلى “التعريف الضيق والمبتور للإضراب الذي جاء به مشروع القانون والذي يؤدي إلى إقصاء العديد من أشكال الإضراب والعديد من فئات الشغيلة.
وسجل المصدر عينه تكريس مشروع قانون الإضراب “العمل بالمقتضيات القانونية الحالية المناهضة لحق الإضراب: الفصل 288 من القانون الجنائي، الفصل الخامس من ظهير 5 فبراير 1958 الذي يحرم حق الإضراب على الموظفين، مقتضيات ظهير 13 شتنبر 1938 المتعلق بتسخير الأجراء”، و”منع العديد من الفئات، أحيانا بدون مبرر معقول، من ممارسة حقها في الإضراب إما لاعتبارات شبه أمنية وإما لاعتبار أنها تعمل في قطاعات مهمة”، زيادة على “منع العديد من أصناف وأشكال الإضراب: الإضراب بالتناوب، جميع الإضرابات الخارجة عن نطاق الدفاع عن المصلحة الاقتصادية والاجتماعية المباشرة للمضربين ومن ضمنها الإضرابات التضامنية ولأسباب معنوية (الدفاع عن الكرامة مثلا).
وانتقدت المذكرة “إجبارية التفاوض حول الملف المطلبي وكذا اللجوء إلى مسطرة الوساطة والمصالحة قبل الدخول في الإعلان والتحضير للإضراب”، و”إقرار مهلة للإخطار بالإضراب جد طويلة تفرغ الإضراب من محتواه”.
ومن السلبيات التي عددتها المذكرة “تقنين الاقتطاع من أجور المضربين على اعتبار أن مدة الإضراب هي توقف مؤقت عن العمل دون اعتبار أن بعض الإضرابات تستمد مشروعيتها من الدفاع عن مقتضيات قوانين الشغل التي من المفروض على الدولة أن تسهر على تطبيقها”، و”احتفاظ مشروع القانون بالتعريف الفضفاض لعرقلة حرية العمل وتأكيد زجرها رغم الحفاظ على الفصل 288 من القانون الجنائي وما يتضمنه من عقوبات سجنية ومالية، وذلك بمعاقبة المنظمة النقابية والأجراء المتهمين بالعرقلة”.
ورفض الاتحاد المغربي للشغل أيضا “سماح مشروع القانون للمشغل باستخدام أجراء من خارج المقاولة بدعوى توفير حد أدنى من الخدمات، وهذا ما يمكن استغلاله من طرفه لإفشال الإضراب”، و”منع ومعاقبة اعتصام الأجراء المضربين الذي يصنف كاحتلال لأماكن العمل أثناء الإضراب”.
وترى نقابة المخارق أن “تخويل رئيس الحكومة صلاحية منع الإضراب أو وقفه لمدة محددة في حالات معينة، يسمح بعرقلة ممارسة حق الإضراب”، إضافة إلى أن المشروع وضع مقتضيات “غير واضحة في مجال اتخاذ قرار الإضراب ولتعقيدات وغموض في تبليغ قرار الإضراب للمسؤولين والسلطات المعنية، مما يسهل إمكانية الطعن في مشروعية الإضراب”.
وفي ما يتعلق بالعقوبات في حالة الإخلال بمقتضيات القانون التنظيمي للإضراب، سجلت المذكرة أنه “رغم أن المشروع يحاول إظهار نوع من التوازن في التعامل مع المشغل والأجراء، فإن الحقيقة الساطعة هي أن المنظمة النقابية والأجراء المضربين هم المستهدفون الأساسيون بالعقوبات، في مقابل غرامات تافهة للمشغلين”، مضيفة أننا “نجد عقوبات قاسية للشغيلة بحيث أن مشروع قانون الإضراب قانون منحاز بامتياز، ففي حالات عدم تطبيق مقتضياته، هناك تساهل كبير مع المشغلين مقابل إجراءات قاسية ضد الشغيلة”.
وفصلت في هذا الباب بالقول: “بالنسبة للمشغل هناك فقط الحكم بغرامات ضئيلة لا يمكن أن تشكل عامل ردع للباطرون الذي يريد عرقلة ممارسة حق الإضراب، في حين بالنسبة للأجيرات والأجراء، فهناك ترسانة خطيرة من العقوبات ضد المضربات والمضربين خارج نطاق القانون”.
مضيفة أن مشروع قانون الإضراب يعاقب المضربين بـ”الحرمان من أجورهم حتى لو كان الإضراب للضغط من أجل تطبيق بنود قوانين الشغل، وفرض غرامات عالية على العمال المضربين قد تصل إلى عشرات آلاف الدراهم، وفرض غرامات إضافية على منظمتهم النقابية، وتسخير العمال لإجبارهم قسرا على العمل وهو ما تحرمه الاتفاقيات الدولية، وإصدار أحكام قضائية بتعويض المشغل عن الخسائر الناتجة عن الإضراب، وطرد العمال المضربين من العمل، واستعمال عنف السلطات العمومية لفض الإضراب أو الاعتصام والاعتقال والحكم بالسجن بموجب قانون الإضراب”.