اقتصاد

“مالية 2025”.. إكراهات الجفاف تُعقِّد تكهنات الحكومة لنسبة النمو

“مالية 2025”.. إكراهات الجفاف تُعقِّد تكهنات الحكومة لنسبة النمو

مع شروع الحكومة في الاستعداد لإعداد مشروع قانون المالية المقبل وحديثها عن إمكانية تحقيق نسبة نمو اقتصادي قد تصل 4.6 في المئة سنة 2025، استغرب الخبير الاقتصادي، عمر الكتاني، خلو فرضيات الحكومة من الإشارة إلى تأثير أزمة الجفاف على إمكانية تحقيق هذا الرقم، معتبرا أنه  مع استمرار “فترة الجفاف التي نعيشها اليوم يصعب التكهن بنسبة النمو الاقتصادي التي يمكن تحقيقها خلال السنة المقبلة”.

توقعات الحكومة بخصوص نسبة النمو الاقتصادي، تضمنتها المذكرة التأطيرية لإعداد مشروع قانون المالية ‏2025 التي وجهها إلى أعضاء الحكومة الأسبوع الماضي، التي شددت على أنه من المتوقع تحقيق معدل نمو يناهز 4.6 في المئة سنة 2025 مقابل 3.3 في المئة سنة 2024 بناءً على الأوليات الواردة في المذكرة نفسها.

وعن الإجراءات التي عدَّتها الحكومة داعمة في اتجاه تحقيق هذا التوقع، أشارت إلى “مواصلة ضبط مسار المالية العمومية والتحكم في مسار عجز الميزانية على المدى المتوسط، في 4 في المئة من الناتج الداخلي الخام سنة 2024، و3.5 في المئة سنة 2025 و3 في المئة سنة 2026”.

وفي نفس السياق، أوردت الوثيقة نفسها أهمية “ضبط حجم المديونية في أقل من 70 في المئة من الناتج الداخلي الخام في أفق سنة 2026 بما يمكن من استعادة الهوامش المالية الضرورية لمواصلة مختلف الأوراش التنموية، مع الحفاظ على دينامية الاستثمار العمومي كرافعة أساسية لتعزيز ركائز الدولة الاجتماعية”.

وأوضح المحلل والباحث في الشأن الاقتصادي، عمر الكتاني، أن “هذه التوقعات أصبحت دون معنى ولم تعد تتجاوز نطاق التأثير النفسي وطمأنة المستثمرين ورجال الأعمال بأن الأمور على أحسن حال، في حين أن الواقع يقول العكس بتأثير المتغيرات الأساسية وعلى رأسها الجفاف في نسب النمو المرجوة”.

وأورد المحلل الاقتصادي، في تصريح لجريدة “مدار21″، أن “المتغيرات التي يمكن أن تؤثر بشكل فعلي على نسبة النمو بالمغرب هي إقرار سياسة ترشيد النفقات بشكل فعلي والمضي قدما في مقاومة سياسة الريع وتنزيل سياسة التقشف”، مسجلا أنه “لا أقصد هنا التقشف في أجور الموظفين ونفقاتهم بل التقشف على مستوى الأجهزة والإدارات العليا للدولة”.

واعتبر المصرح نفسه أن “معضلة استمرار الجفاف أصبحت معطى حاسم في تحديد نسبة النمو الاقتصادي بالمغرب متفوقةً على كل الفرضيات الأخرى التي تبنى عليها مثل هذه التوقعات”، مشددا على “أننا نعيش مرحلة غير مسبوقة وتاريخية من حيث الجفاف ليس في المغرب فقط وإنما في شمال إفريقيا بشكل عام”.

وتابع المتحدث ذاته أن “السنوات الماضية أكدت أن بناء توقعات النمو الاقتصادي بالمغرب يدخل ضمن باب الفرضيات الرمزية فقط”، مبرزاً أن “الذي يعيق تحقيق هذه النسبة هو مسلسل الجفاف الذي دخل فيه المغرب منذ قرابة 6 سنوات”.

وزاد الكتاني مفسراً أن “الدليل على عدم دقة هذه التوقعات هو مخالفتها للنسب الحقيقية للنمو التي يحققها الاقتصاد الوطني خلال السنوات الماضية”، مسجلا أنه “حينما يصبح الجفاف معطى هيكليا يصبح من الصعب التكهن بما ستكون عليه وضعية الاقتصاد طيلة السنة”.

وأورد المحلل الاقتصادي أنه “طيلة السنوات التي عانى منها المغرب من جفاف حاد نجد توقعات النمو الاقتصادي في مشاريع قوانين المالية تخالف الوضعية الحقيقية للاقتصاد”، مشددا على أن “الحكومة بنت توقعاتها خلال السنة الماضية مثلا على 70 مليون قنطار من إنتاج القمح على أساس أن السنة جيدة في وقت سجلنا في السنة الماضية قرابة 30 مليون قنطار”.

وشدد المصرح نفسه على أنه “بما أن القطاع الفلاحي يتحكم في ثلثي النمو الاقتصادي المغربي فإنه لابد على الحكومة عند وضع توقعات النمو لأي سنة أن تأخذ بعين الاعتبار طبيعة السنة المطرية”، مُوردا أنه “لا يمكن للحكومة أن تبني توقعاتها على أساس سنة مطرية في الوقت الذي أصبح فيه الجفاف معطى أساسي”.

وعن إدراج رئيس الحكومة لمعطى التحكم في مسار عجز الميزانية في 3.5 في المئة ضمن دعائم طموح الحكومة بلوغ نسبة نمو تصل 4.6 في المئة خلال سنة 2025، أورد المهتم بالشأن الاقتصادي أن “تسجيل نسة 2 إلى 3 في المئة من عجز الميزانية هو أمر طبيعي ولا يمكن أن نعتبره رقما محفزا في تحقيق نسبة نمو اقتصادي بـ4.6 في المئة”.

وعلق المتحدث ذاته على توقع مواصلة الحكومة ضبط مسار المالية العمومية والتحكم في مسار عجز الميزانية على المدى المتوسط، في 4 في المئة من الناتج الداخلي الخام سنة 2024، و3.5 في المئة سنة 2025 و3 في المئة سنة 2026، على أنه “توقع واقعي يمكن أن تنجح الحكومة في تحقيقها خلال نهاية ولايتها الحكومية”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News