“نجاح دبلوماسي” و”نهاية للانفصال”.. محللون يفككون الدعم الفرنسي لسيادة المغرب

فكك محللون وخبراء موقف الدعم الذي عبرت عنه فرنسا للسيادة المغربية على الأقاليم الجنوبية، معتبرين ذلك يعكس نجاحا لاختيارات الدبلوماسية المغربية بقيادة الملك محمد السادس، كم أنه بمثابة نهاية للمشروع الانفصالي الذي تقوده جبهة البوليساريو وتدعمه الجزائر.
واعتبر نوفل البعمري، الباحث في شؤون الصحراء والمحلل السياسي، في تصريح لجريدة “مدار21″، أن الرسالة التي وجهها ماكرون للملك بمناسبة الذكرى الـ25 لتقلده الحكم “تستمد قوتها من رمزية الإعلان عن هذا الموقف تزامناً مع حدث كبير بالنسبة للمغرب له أهميته وقيمته في الوجدان العاطفي والوطني لدى المغاربة”.
الموقف الفرنسي الجديد، وفق البعمري، جاء “ليتلائم مع التطورات السياسية التي شهدها ملف الصحراء خاصة، ومنها القرارات الصادرة عن مجلس الأمن التي باتت تتبنى مبادرة الحكم الذاتي، وليتلاءم أيضا مع المواقف الدولية الصادرة في الموضوع حيث التحقت فرنسا اليوم بالولايات المتحدة الأمريكية وإسبانيا وألمانيا وغيرها من الدول الإفريقية والعربية التي تدعم مغربية الصحراء وافتتحت قنصليات لها بالأقاليم الجنوبية”.
ويرى البعمري أن المفتاح الأساس في الرسالة الفرنسية يكمن في عبارة “حاضر ومستقبل الصحراء الغربية يكمن في السيادة المغربية”، معتبرا أن “هذه العبارات المفتاحية للموقف الفرنسي هي أساس الموقف الجديد الذي تم الإعلان عنه، إذ لا ترى فرنسا الصحراء خارج السيادة المغربية اليوم وغدا، بمعنى أن الموقف الجديد هو موقف ثابت ينطلق من الواقع الحالي ويريد التوجه للمستقبل من أجل عودة الشراكة المغربية الفرنسية لما كانت عليه في السابق، شراكة قوية؛ مبنية على الثقة وتبادل المصالح والحفاظ عليها”.
وأضاف أن الموقف الفرنسي يعتبر ملف الصحراء ملفا ذو بعد مرتبط “بالأمن القومي” للمغرب “بمعنى أن هناك تفهم فرنسي لما تشكله قضية الصحراء للمغاربة ملكا وشعباً وأن هذا الملف بالنسبة للمغرب ليس ملفا حيويا فقط بل مرتبط بأمنه القومي وأن أي مس لوحدته الترابية هو تهديد للأمن القومي في المغرب وبالمنطقة، وهو تطور لافت بالنسبة للموقف الفرنسي.
وتابع المتحدث نفسه أن “فرنسا لا يجب أن ننسى أنها كانت دائمة داعمة لمبادرة الحكم الذاتي، فهي من الدول الأوائل التي أعلنت دعمها لهذا الحل وكانت تعبر عن هذا الموقف بمجلس الأمن، واليوم تعيد التأكيد على انخراطها في هذه الدينامية الداعمة للحل المغربي وتدعمه بتوضيح موقفها من مغربية الصحراء، مما يعطي للموقف الفرنسي قوةً سياسية ودبلوماسية كبيرة.
وأوضح الباحث في شؤون الصحراء “نحن أمام نجاح واضح للاختيارات الدبلوماسية المغربية التي يقودها الملك ولأسلوب عمله الدبلوماسي، مما يجعلنا نتحدث عن دبلوماسية ملكية فعالة، مؤثرة ووازنة تقود المغرب نحو تحقيق النجاحات والانتصارات لصالح ملف الصحراء وللرؤية المغربية”.
رصاصة الرحمة للمشروع الانفصالي
وبدوره أكد الخبير في العلاقات الدولية، أحمد نور الدين، في تعليق توصلت به جريدة “مدار21″، تأثير القرار الفرنسي على مسار القضية، مفيدا “أن إعلان باريس يعتبر بمثابة رصاصة الرحمة على جثة المشروع الانفصالي الذي ترعاه الجزائر. فالمغرب حسم المعركة وانتهت اللعبة بعد الاعتراف الأمريكي 2020 ومراجعة الموقف الإسباني 2021، وجاءت الخاتمة من فرنسا 2024 هدية للمغرب في الذكرى الفضية لعيد العرش وما تحمله من رمزية. لذلك يمكن القول الآن “game over”.. انتهت اللعبة، والجزائر خسرت كل شيء”.
وذهب نور الدين إلى أن الخارجية الفرنسية لم ترد على بيان الخارجية الجزائرية لأنه في مثل هذه الحالات معروف أن الإعلان عن موقف رسمي من قضايا أساسية يخضع لبروتوكول متفق عليه بين الطرفين أو الأطراف المعنية، أي بين باريس والرباط في حالتنا هذه، ويتم الاتفاق حول التوقيت ومن يعلن وماذا يعلن..”.
وفي السياق الحالي، يضيف الخبير ذاته، أظن أن “باريس تريد أن يكون إعلان موقفها متزامنا مع عيد العرش في ذكراه الفضية (25 عاما)، ولعل الجزائر خمنت ذلك فأرادت إلقاء حجر في البركة لإفساد الهدية الفرنسية ورمزية توقيت عيد العرش”.
وأوضح نور الدين أن باريس أخبرت الجزائر بموقفها، قبل الإعلان عنه رسميا، لأن “هذا يندرج ضمن الأعراف الدبلوماسية للدول العريقة، حين تريد اتخاذ موقفا حاسما أو تغيير موقفها من قضية أساسية، فإنها تعلم الجهات المعنية قبل الإعلان الرسمي.. أما السبب الثاني، فهو من باب السياسة النفعية، فرنسا أرادت الحفاظ على نصيبها من كعكة الغاز الجزائري ومن الصفقات الأخرى التي حازت عليها شركاتها في الجزائر، وحتى تتفادى رد فعل جزائري متطرف كما حدث مع إسبانيا، قامت بخطوة استباقية وأخبرت حكام الجزائر بالخطوط العامة دون تفاصيل”.