باراغواي تعترف بسيادة المغرب على صحرائه وعزلة أطروحة الانفصال تتمدّد

أعلن وزير خارجية باراغواي، روبن راميريز ليزكانو، الإثنين في نيويورك، اعتراف بلاده الرسمي بسيادة المغرب على صحرائه، مؤكداً في الوقت ذاته عزم أسونسيون فتح قنصلية عامة في الأقاليم الجنوبية للمملكة، في خطوة وُصفت بالدبلوماسية الوازنة التي تعكس وضوح الموقف الباراغواياني ودعمه الصريح للوحدة الترابية للمغرب.
وجاء هذا الإعلان خلال تصريح صحفي أدلى به ليزكانو عقب محادثاته مع وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، إذ شدد على أن بلاده تدعم بثبات حقوق المغرب المشروعة، موضحًا أن افتتاح القنصلية سيتم في المستقبل القريب بما يسهم في تعزيز العلاقات الثنائية ويمنحها أبعاداً عملية ومؤسساتية.
كما كشف رئيس الدبلوماسية الباراغوايانية عن زيارة مرتقبة للرئيس سانتياغو بينيا بالاثيوس إلى المغرب، مضيفاً أنه هو نفسه سيقوم بزيارة رسمية إلى المملكة قبل نهاية السنة الجارية، ما يؤشر على دينامية جديدة في العلاقات بين البلدين وعلى رغبة مشتركة في إرساء تعاون متين على المستويات كافة.
اللقاء، الذي جمع بوريطة بليزكانو على هامش أشغال الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة، شكل فرصة للتباحث حول قضايا إقليمية ودولية ذات اهتمام مشترك، وفتح المجال أمام استشراف آفاق جديدة لتوطيد الشراكة بين الرباط وأسونسيون، سواء في بعدها السياسي أو الاقتصادي أو حتى الثقافي.
وفي تعليقه على هذا التطورات، اعتبر عبد العالي سرحان، الباحث في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، أن إعلان باراغواي اعترافها بسيادة المغرب على الصحراء يمثل خطوة نوعية تعكس تحولات عميقة في المشهد الدبلوماسي بأمريكا اللاتينية، حيث كانت المنطقة لعقود طويلة فضاءً مؤثرًا لصوت الأطروحة الانفصالية، لكنها اليوم تشهد تراجعًا ملحوظًا لهذا الخطاب أمام دينامية الانفتاح المغربي وسياسة تنويع الشركاء جنوب ـ جنوب، وهو ما يكرس حضور المغرب كفاعل بوزن متنامٍ في فضاء بعيد جغرافيًا لكنه وثيق الارتباط بتوازنات الشرعية الدولية.
وأضاف سرحان في تصريح لجريدة “مدار21” الإلكترونية، أن القرار الباراغواياني لا يقف عند حدود البعد الرمزي، بل يحمل في طياته دلالات استراتيجية عميقة، إذ إن فتح قنصلية في الأقاليم الجنوبية لا يعني فقط اعترافًا سياسيًا بالسيادة المغربية، وإنما يمثل تثبيتًا ميدانيًا لتموقع دبلوماسي دائم داخل التراب المغربي، وهو ما يضفي الطابع المؤسساتي على القرار ويعزز مصداقيته ويجعل التراجع عنه في المستقبل أمرًا بالغ الصعوبة.
وأشار الباحث إلى أن الموقف الجديد لباراغواي يندرج ضمن سياق أوسع يتسم بتزايد الدعم العالمي لمبادرة الحكم الذاتي المغربية باعتبارها الحل الوحيد والواقعي وذي المصداقية لهذا النزاع الإقليمي، لافتا إلى أنه إذا كان الاعتراف الأوروبي والإفريقي قد شكّل قاعدة صلبة لهذا التوجه، فإن دخول دول من أمريكا اللاتينية على خط الدعم يمنح الملف بعدًا جيوسياسيًا متوازنًا، ويتيح للمغرب اختراق مناطق نفوذ جديدة طالما اتسمت بالتحفظ أو التباعد إزاء هذه القضية.
ومن زاوية موازين القوى، شدد سرحان على أن هذا الاعتراف يعزز عزلة الأطروحة الانفصالية ويقلّص من قدرتها على كسب حلفاء جدد، خصوصًا في المنتديات الدولية متعددة الأطراف، كما يبعث برسالة واضحة إلى القوى الكبرى مفادها أن دعم الوحدة الترابية للمغرب لم يعد مقتصرًا على شركائه التقليديين، بل أصبح توجهًا عالميًا في اتساع مستمر، “وهو ما يستدعي إعادة قراءة المعادلات الإقليمية في شمال إفريقيا ومنطقة الساحل، حيث يشكل استقرار الصحراء عاملًا محوريًا لضمان الأمن والتنمية المشتركة”.