مجتمع

الحوز المنكوب.. فرحة العيد تُعكِّرها مأساة الساكنة “عيدٌ ليس كباقي الأعياد”

الحوز المنكوب.. فرحة العيد تُعكِّرها مأساة الساكنة “عيدٌ ليس كباقي الأعياد”

لم تبقى إلا ساعات معدودة على حلول موعد احتفال المغاربة بمناسبة عيد الأضحى المبارك، مناسبة قد تبدو لمعظمهم تشبه في أجواءها باقي الأعياد، باستثناء ما تشهده هذه السنة من غلاء لأسعار الأكباش. إلا أنه هناك في منطقة الحوز المنكوبة لا مؤشرات تدل على تشابه ظروف وأجواء احتفال الساكنة المتضررة من هزة الثامن من شتنبر العنيفة مع أجواء عقود من الاحتفال بهذه المناسبة قبل كارثة زلزال الحوز التي لازال أثرها منحوتا في ذاكرة المغاربة.

وتأتي مناسبة عيد الأضحى خلال هذه السنة، في المناطق المنكوبة بالحوز، في ظروف تختلف جدريا عن الظروف التي كانت تُحيى فيها هذه الشعيرة الدينية العظيمة، فمعظم العائلات فقدت فردا أو أكثر ومعظم المباني لم تعد على حالها الذي كانت عليه قبل الهزة العنيفة وحتى الأكباش التي كانت تربيها وتسمنها الساكنة قضى عليها زلزال مدمر لازالت ارتداداته الاجتماعية والاقتصادية مستمرة إلى اليوم.

واتصلت “مدار21” بعضوة الائتلاف المدني من أجل الجبل، نجية أيت امحند، التي قالت “أن تحتفل بعيد الأضحى في خيمة بلاستيكية يعطي فكرة عن المعاناة التي تُحيي فيها المناطق المتضررة من زلزال الحوز أجواء هذه الشعيرة الدينية”، مشيرة إلى أن “الزلزال غَيَّر نمط حياة الساكنة بما فيها ظروف الاحتفال بمثل هذه المناسبات الدينية”.

وتابعت نجية مستعرضة أجواء الأيام القليلة قبل العيد بجماعة أمزميز والدواوير المجاورة لها أنه “لا يمكن أن يكون عيد الأضحى لهذه السنة كباقي الأعياد التي كنا نحتفل بها قبل أن تباغتنا هزة الثامن من شتنبر”، مشددة على “أننا نستقبل شعيرة عيد الأضحى بكل فرح غير أن الظروف التي سنحتفل فيها هي ظروف قاسية جدا”.

وعلى الرغم من الجهود التي تبدلها السلطات المحلية على مستوى الجماعات المنكوبة من زلزال الحوز، إلا أن وصول المساعدات وتوسيع الإجراءات الخاصة بضمان مرور عيد الأضحى في أحسن الظروف يظل “مستبعدا جدا”، حسب المتحدثة ذاتها.

واستدلت نجية في موقفها بأن “السلطات تعثرت في عملية تسريع أوراش البناء وتوفير أماكن للسكن خلال ما يقرب التسعة أشهر، فما بالك بنجاحها في توفير الظروف اللازمة للاحتفال بشعيرة عيد الأضحى المبارك”، لافتتا إلى أن “تدخل السلطات المحلية لتوفير شروط الاحتفال بعيد الأضحى يبقى أمرا ثانويا إذا ما قارناه بأولوية توفير مساكن للمتضررين”.

ولم تستثن موجة الغلاء التي تعرفها الأسواق الوطنية بخصوص أسعار الأكباش الجماعات والدواوير المتضررة من الزلزال، تضيف عضوة ائتلاف الجبل، وتواصل مفسرة “أن الأكباش متوفرة لكن بأثمنة خيالية وليست في استطاعة المواطنين خاصة في الظرفية الحالية التي يقاومون فيها غلاء أسعار المواد الأساسية”.

وذكرت الناشطة في المجال المدني بمنطقة الحوز أنه “حتى إمكانية نحر الأضحية التي تربت في منازل المتضررين من الزلزال لم تعد قائمة”، موضحة أن “الكثير من المتضررين فقدوا الأكباش التي كانوا يربونها إما بسبب سقوط الأنقاض عليها أو بسبب تخلصهم منها لغياب المصاريف الكافية لإعالتها والاهتمام بها”.

ولفتت المصرحة ذاتها إلى أنه “بعض الأثمنة التي نسمعها في هذه المناطق تفوق الأثمنة التي تباع بها الأكباش في المتاجر والأسواق الكبرى في مدن آخرى”، موردة “أننا نسمع أثمنة تصل إلى 4 ألاف وحتى 6 ألاف درهم”، مسجلة أن “هذه الأثمنة قاسية على الموظف فما بالك بمن فقد كل ما يملك بسبب مخلفات الزلزال”.

وأردفت الناشطة الحقوقية أن “المساعدات التي تصرف إلى الأسر المتضررة بشكل شهري تكاد تكفي لتغطية المصاريف الأساسية للمعيش اليومي بسبب موجة التضخم وغلاء الأسعار”، متابعةً أنه “يستحيل إدخار ما يكفي لشراء أضحية انطلاقا من المساعدات الشهرية”.

وبخصوص الظروف العامة لمنكوبي زلزال الحوز بدواوير جماعة أمزميز، أكد الفاعلة الجمعوية بأنها “أكثر مأساوية مما كانت عليه من قبل”، مشيرة في هذا الصدد إلى أن “معظم الساكنة كانت تحتفظ بالملابس والأفرشة في المنازل التي لم تتضرر بشكل كبير، لكن وبما أن عملية البناء وإعادة التأهيل تتطلب هدم المنزل فإنهم يجدون أنفسهم مجبرين على إخراج هذه اللوازم المنزلية إلى العراء”.

وأوردت المتحدثة ذاتها أن “ورش إعادة البناء يسير بوثيرة بطيئة جدا”، منتقدة تسويق الحكومة بأن “عملية إعادة بناء المنازل المتضررة من الزلزال يتم بشكل سلسل وجيد في كل الدواوير والجماعات”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News