مقاطعة العمليات الجراحية.. “تَعطُّل” الخدمات الصحية بسبب الإضرابات يحاصر الحكومة

بعدما قرر التنسيق الوطني بقطاع الصحة تمديد إضراباته لشهر إضافي وإعلان خطوات تصعيدية “غير مسبوقة” كـ”مقاطعة العمليات الجراحية غير المستعجلة والوحدات الطبية المتنقلة والقوافل الطبية”، توسعت دائة النقاش حول تأثير هذا الاحتقان ليشمل الانعكاسات السلبية للإضرابات المتكررة بالمؤسسات الصحية و”تَعطُّل” الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين.
وبسبب “عدم تنزيل نتائج الحوار بين وزارة الصحة والحماية الاجتماعية وبين النقابات الصحية”، أعلنت الأخيرة عن برنامج احتجاجي تصعيدي يشمل تمديد سلسلة الإضرابات إلى شهر يوليوز، وذلك بالتوقف عن العمل لمدة 12 يوما متفرقة خلال نفس الشهر إضافة إلى مقاطعة عدد من المهام الطبية منها العمليات الجراحية والقوافل الطبية.
“وضع غير مقبول”
وعن العلاقة بين هذا الاضطراب في القطاع الصحي وتعطل الخدمات الصحية للمواطنين قالت البرلمانية عن الفريق الاشتراكي ـ المعارضة الاتحادية بمجلس النواب، النزهة أباكريم، إن “عدد من المواطنين لا يستفيدون من الخدمات الصحية بسبب الإضرابات رغم توفرهم على مواعيد محددة انتظروها لأسابيع وشهور ليجدوا أنفسهم أمام مؤسسات صحية معطلة”.
ووصفت النائبة البرلمانية، في سؤال وجهته إلى وزير الصحة والحماية الاجتماعية، خالد آيت الطالب، وضعية القطاع الصحي بـ”الوضع غير المقبول”، محملةً وزارة الصحة والحماية الاجتماعية “المسؤولية الكاملة بسبب إغلاق باب الحوار القطاعي الذي نادت به النقابات الصحية الثمانية من أجل إيجاد الصيغ المناسبة لتنفيذ مضامين الاتفاقات والمحاضر الموقعة بين وزارة الصحة وكل النقابات في شقها المادي والمعنوي والقانوني”.
وتساءلت البرلمانية ذاتها عن “مبررات الوزارة لعدم إعادة فتح قنوات الحوار مع النقابات لأجل وضع حد للتوترات الاجتماعية بالقطاع وعن التدابير الاستعجالية التي ستتخذها لأجل الحد من الآثار السلبية للتوقفات المتكررة بالمؤسسات الصحية على الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين والمواطنات”.
ولم تفوت المتحدثة ذاتها مساءلة وزير الصحة حول “البرامج والخطط التي أعدتها الوزارة من أجل التوصل إلى حلول مرضية ومنصفة للعاملين بقطاع الصحة في أفق تجاوز الاضطرابات التي يعرفها سير العمل بالمؤسسات الصحية”.
وشددت البرلمانية ذاتها على أن “هذه الإضرابات المتكررة أثَّرت سلبا على خدمات المواطنين الراغبين في الحصول على العلاجات أو الاستشارات الطبية”، مشيرةً إلى “أنهم يضطرون إلى مغادرات المستشفيات دون الحصول على الخدمة المطلوبة”.
“تنكر حكومي”
من جهته، اتهم رشيد حموني، رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، الحكومة بـ”التنكر الذي أفضى، اليوم، إلى احتقان يتصاعد بقطاع الصحة”، مُذكِّراً ومحذرا في الوقت ذاته من عواقب تكرار سيناريو “سوء تدبير الحكومة وارتباكها في التعاطي مع ملف نساء ورجال التعليم”.
وحَذَّر حموني، في سؤال وجهه إلى رئيس الحكومة حول الاحتقان في القطاع الصحي، من انعكاسات “الوضعية المقلقة” التي ُوجد أمامها المواطنون بسبب “التعنت الحكومي”، مشددا على “تعرض المواطنين للحرمان من معظم الخدمات الصحية بعد أن اضطرت نقابات القطاع الصحي إلى الاتجاه نحو خوض إضرابات متتالية، من أجل التذكير بالاتفاقات المبرمة مع الحكومة والوفاء بها”.
وأوضح حموني أنه “من البديهي أن الإنجاح الفعلي لإصلاح منظومة الصحة الوطنية وتحقيق هدف التعميم الفعلي للحق في الخدمات الصحية يظلان رهينين بمدى التزام الحكومة بالارتقاء بالأوضاع المهنية والاجتماعية والمادية والاعتبارية لكافة نساء ورجال قطاع الصحة العمومية على اختلاف فئاتهم ومهامهم ووظائفهم”.
ولم ينف النائب البرلماني أهمية الإصلاحات التشريعية والإدارية والتنظيمية الجاري إدخالها على القطاع الصحي، مستدركا أنه “من دون الاهتمام الكافي بأوضاع الشغيلة الصحية سيبقى إصلاح الصحة، الذي هو موضوع استراتيجي بالنسبة لحاضر ومستقبل بلادنا، مجرد حبر على ورق”.
وسجل المتحدث ذاته “المفارقة بين الخطاب الحكومي لإصلاح الصحة العمومية وبين تنكركم للمطالب العادلة والمشروعة للشغيلة الصحية وتملصكم من تنفيذ مخرجات الحوار الاجتماعي القطاعي والاتفاقات الموقعة منذ عدة شهور مع جميع النقابات التي تمثل مهنيّي الصحة”.
وخلص حموني إلى مساءلة رئيس الحكومة حول “القرارات التي سوف تتخذونها من أجل نزع فتيل التوتر والاحتقان في قطاع الصحة العمومية والتدابير التي يتعين اتخاذها من أجل تنفيذ ما اتفقت عليه الحكومة ووقّعت عليه مع ممثلي الشغيلة الصحية “.